التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فن العمارة الإسلامية في العصر الأيوبي في مصر وبلاد الشام

العمارة الأيوبية في مصر وبلاد الشام

اعتنى الأيوبيون ببناء المساجد والمدارس و الخانقاهات ، كما اهتموا ببناء القلاع و تحصين المدن بالأسوار و الأبراج الدفاعية ، بسبب حالة الحرب بينهم وبين الصليبين ، ويمكننا اعتبار فن التحصين في العمارة الأيوبية نهاية مراحل التطور في هذا المجال إذ لم يظهر أي تجديد ملحوظ في العهود اللاحقة ، فالمنشآت الأيوبية العسكرية نموذج لأرقى ما وصل إليه هذا الفن على المستوى العالمي ، وليس على نطاق الحضارة الإسلامية  فقط ، يمكننا أن نوجز أهم خصائص العمارة الأيوبية فيما يلي :
1-   التقشف وعدم الإسراف في الزخرفة ، بسبب الحرب مع الصليبين 0
2-   القوة وإتقان التخطيط والبناء ، ودقة النسب ، مع ضخامة المنشآت بالنسبة للعصور السابقة 0
3-   الاعتماد على الحجر المنحوت بأبعاد كبيرة كمادة أساسية في الواجهات و الأعمدة وتيجانها ، وأحياناً في القباب والأقبية 0
4-   ظهورالأروقة بالإضافة إلى الأواوين في المدارس وخاصة في حلب ، وهذا تطور جديد لم يستعمل من قبل .
5-   اعتماد التسقيف على القباب لدرجة كبيرة ، وكانت هذه القباب مدببة في حلب ، في حين شاعت القباب المفصصة في دمشق ، واستندت بعض القباب إلى رقبتين ، العليا من 12 ضلعاً ، والسفلى مربعة ، و استند البعض الأخر إلى الجدران مباشرة ، واعتمد على المقرنصات أو السروال أو المثلث الكردي للانتقال من المضلع أو الدائرة إلى  المربع ، كما استعمل القبو المهدي في التسقيف وندر استعمال القبو المتقاطع ، و خاصة في حلب 0
6-   شاع استعمال القوس المدبب ، كما استعمل القوس الثلاثي الفصوص  ( لغرض تزيني ) ، والقوس الموتور ( قوس عاتق فوق النوافذ) هذا في بلاد الشام ، أما في مصر فاستمر استعمال القوس الفاطمي الذي ينتهي بمستقيمين يلتقيان في قمته 0
7-   استعملت التيجان المقرنصة فوق الأعمدة للمرة الأولى في العمارة الأيوبية وخاصة في بلاد الشام
8-   استمرت المآذن ذات المقطع المربع في بلاد الشام بينما استمرت المآذن الفاطمية في مصر0
9-   مداخل الأبنية ضمن إيوانات ، تعلوها نصف قبة مقرنصة أو محززة أو ملساء 0
10- بدء ظهور ( بشكل محدود) التناوب بألوان الحجر في أكتاف الأبواب و نجفاتها(الأبيض والأسود)، كما ظهرت بعض المزررات ، خاصة في دمشق بينما لم يظهر هذا في حلب  0
11- تزيين الواجهات الداخلية والخارجية بأشرطة كتابية بخط الثلث و أحباناً بالكوفي المربع 0
12-تطور النقوش الخشبية في المنابر وتوابيت الأضرحة ، وأحياناً المحاريب ( محراب المدرسة الحلوية ) 0
و سنعطي مثالاً  في كل من القاهرة و دمشق و حلب 0
أولاً – العمارة المدنية في العصر الأيوبي :
1- مدرسة الصالح نجم الدين في القاهرة :
بناها " نجم الدين أيوب بن الكامل" حوالي( عام 641هـ) ، داخل القاهرة الفاطمية ، ثم ألحقت بها " شجرة الدر" تربة أنشأتها لزوجها " نجم الدين" بعد وفاته ( سنة 148هـ ) 0
كانت المدرسة تتألف من جناحين ، تهدم أحدهما ، يتألف الجناح المتبقي من صحن متطاول جنوبيه إيوان فيه محراب ، فهو للصلاة كالقبلية و شماليه إيوان آخر أصغر من الأول ، وتتوزع غرف الطلبة في الشرق والغرب على جانبي الصحن 0
للمدرسة مئذنة بنيت فوق المدخل الرئيسي ، مشيدة بالآجر ومقطعها مربع في الدور السفلي و مثمن في العلوي ، و تنتهي بقبة محززة ، يزين المئذنة محاريب مسطحة أقواسها فاطمية 0
زينت واجهة المدرسة بمحاريب مسطحة و داخلها نوافذ ، أقواس المحاريب فاطمية ، وتشكلت نجفة باب المدرسة مع القوس العاتق فوقها ، من حجارة يتناوب فيها اللونان ( الأبيض والأسود ) ، كما ظهرت المزررات وهذا تأثير سوري 0
2- المدرسة العادلية بدمشق :
أنشأها الملك "العادل أبو بكر شقيق صلاح الدين الأيوبي" ( سنة 612هـ ) ، وهي اليوم مقر المجمع العلمي العربي ، وأكمل بنائها بعد وفاته إبنه " المعظم عيسى" ( عام 620هـ )0
تتألف المدرسة من صحن تحيط به من الشرق و الغرب و الشمال ، ( 3إيوانات) ، الشمالي أكبرها ، مع غرف للطلبة ، سقوف الإيونات قبو مهدي ، وتتوضع القبلية جنوب الصحن ، و تتألف من مجاز واحد بـ ( 3 فتحات) سقوفها أقبية متقاطعة ، باب القبلية على الصحن كبير ، وعلى كل من جانبيه نافذتان ، وفوق كل منها نافذة مستطيلة ، أقواس النوافذ السفلى مدببة 0
يحيط بالمدخل الخارجي للمدرسة إيوان سقفه قبتان صغيرتان مقرنصتان ، و يتقدمه قوس ثلاثي مزدوج يحيط به قوس مدبب ، يلي المدخل دهليز سقفه قبو متقاطع ، يؤدي إلى الإيوان الشرقي فالصحن ، في الزاوية الجنوبية الشرقية من المدرسة غرفة الضريح  ، لها باب على الصحن و باب على الدهليز ، سقف غرفة الضريح ( التربة) قبة تستند إلى رقبة مثمنة ، و يتم الانتقال من المثمن إلى المربع بالمقرنصات ، يصعد إلى الطابق العلوي ، الذي يضم غرفاً للطلبة ، بواسطة درج يمين الدهليز  
تتوسط الصحن بركة مربعة مع حنيات نصف دائرية في زواياها الداخلية 0
 3- مدرسة الفردوس بحلب :
أنشأتها( سنة633هـ ) " ضيفة خاتون" بنت "الملك العادل أبي بكر" و زوجة "الظاهرغازي بن صلاح الدين الأيوبي"0
تتألف من صحن  تحيط به ( 3أروقة) : في الشرق و الغرب و الجنوب ، أما في الشمال فيوجد إيوان سقفه مهدي و ينفتح على الصحن بقوس مدبب كبير 0
أقواس الأروقة مدببة تستند إلى تيجان مقرنصة ، وهو أول ظهور لهذا النوع من التيجان ، و تستند التيجان إلى أعمدة حجرية دائرية ، سقفت الأروقة ( عام 1965م) بالبيتون المسلح 0
خلف كل من الرواقين الشرقي و الغربي صالة سقفها ( 3قباب مدببة) متماثلة تستند مباشرة إلى الجدران ، و الأقواس المدببة على جانبيها ، و خلف الرواق الجنوبي القبلية ، سقفها ( 3 قباب مدببة) ؛ الوسطى بنيت من الحجارة المنحوتة ، و هي تستند إلى رقبتين : العليا من ( 12ضلعاً ) ، و السفلى مربعة ، و يتم الانتقال من المضلع ( 12ضلعاً) إلى المربع بالمقرنصات ، أما القبتان على جانبي الوسطى ، فتستند كل منهما إلى الجدران مباشرة، بدون رقبات ، على جانبي القبلية ، غرفتان ، سقف كل منهما قبة تستند مباشرة إلى الجدران 0
وسط الصحن بركة مثمنة من الخارج و مفصصة من الداخل بترتيب جميل 0
استعملت الصالتين شرقي وغربي الصحن للتدريس ، بدلاً من الإيوانات ، وامتازت مدارس حلب بهذا الترتيب 0
في كل من الزاويين الشمالية الشرقية و الشمالية الغربية من المنشأة ، مدرسة يتألف الطابق الأرضي فيها من صحن حوله إيوانات للتدريس و غرفة للطلبة ، و في الطابق العلوي غرف الطلبة أيضاً 0
خلف الإيوان ( شماليه ) إيوان أكبر منه ، سقفه مهدي ، و قوسه مدبب مفتوح على الخارج ، ربما كان مخصصاً لتحفيظ القرآن ، أو مصلى للجنائز ، إذ كان يوجد عدة مقابر قريبة من المنشأة 0
يقع مدخل المدرسة الرئيسي ( الشرقي ) ضمن إيوان تملأ المقرنصات طاسته ، يلي الباب دهليز منكسر سقفه مهدي ، و ينفتح على الصحن بقوس مدبب 0
بنيت المدرسة بحجارة منحوتة أحجامها كبيرة ، و يمتد أعلى الواجهة الشرقية للمدرسة ، و على طول الجدران الثلاثة المحيطة بالإيوان الداخلي أشرطة كتابية بخط الثلث الجميل و بأبعاد كبيرة 0
وتعتبر " مدرسة الفردوس" أول مجمع ديني ، ليس في حلب فقط ، و إنما في العالم الإسلامي ، و لها شهرة عالمية بسبب محرابها الذي يصنف في عداد أجمل محاريب العالم الإسلامي ، من ناحية تصميم زخارفه ، فلقد رصعت واجهته وحنيته بالرخام الملون ، وتتشكل زخارف واجهة المحراب من أقواس حدوة الفرس الدائري  وأقواس مفصصة متداخلة بطريقة فنية جميلة و تتناوب فيها الألوان ؛ الزهري والأصفر ، والأسود ، والسماقي0
و لقد ظهر هذا الشكل من الزخرفة للمحاريب للمرة الأولى في محراب مسجد الشيخ معروف ( المدرسة الشاذنجتية بسوق الزرب) و قد بنيت ( عام 589هـ ) ، ثم في المدرسة السلطانية ( الظاهرية الجوانية) ( عام 620هـ ) ، ثم في مدرسة الفردوس ( عام 633هـ) ، فجامع الرومي ( عام 767هـ) ، و من     " حلب" انتشر إلى أنحاء العالم الإسلامي ؛ ( مسجد علاء الدين و مدرسة قرطاي بقونية ، قبة السلسلة في القدس ، المدرسة الجقمقية في دمشق  0000000000و غيرها 0
ثانياً – العمارة العسكرية في العصر الأيوبي :
اهتم الأيوبيين بإقامة المنشآت العسكرية و تحصين المدن بسبب ظروف الحرب مع الصليبيين ، ومن هذه المنشآت ( قلعة دمشق ، و قلعة حلب ، وقلعة بصرى الشام ) 0
1- قلعة دمشق :
تحتل الزاوية الشمالية الغربية من دمشق القديمة ، على يسار الداخل إلى سوق الحميدية  في بابه الغربي  0
بناها الملك "العادل أبو بكر محمد بن أيوب " ، و قد بدأ العمل بها ( عام 599هـ) فهدم القلعة التي بناها السلاجقة ( عام 469هـ) ، لتكون القلعة الجديدة أكثر قوة و حصانة ، و انتهى الملك العادل من بناء قلعة دمشق ( عام 615هـ) ، و قد صارت قلعة دمشق قصراً للأمراء الأيوبيين ثم المماليك  0
تتألف القلعة من ( 12 برجاً ) بعضها  بحالة كاملة ، و لها بابان رئيسيان : الباب الأول في الجهة الشرقية جميل و مزين بالمقرنصات ، لأنه يفتح على المدينة ، و الثاني في الجهة الشمالية قريب من نهر بردى 0
كانت القلعة محاطة بخندق يملأ بالمياه ، ردم في العصر العثماني ؛ و كان في داخلها قصور و حمامات و مساجد 0
و قلعة دمشق مرجلة على الأرض كقلعة بصرى 0
والقلعة المرجلة على الأرض :  هي القلعة التي تبنى فوق الأرض مباشرة ، و ليس فوق هضبة مرتفعة أو جبل0
2- قلعة حلب :
ترجع أهم الأعمال المعمارية فيها إلى عهد " لظاهر غازي" ، و لا سيما مدخلها الذي لا نظير لحصانته في العمائر العسكرية ، فبوابته الخارجية تتقدم الجسر المبني على سلسلة كبيرة من القناطر المقامة على خندق مصفح بالحجارة الصقيلة 0
أما بوابته الداخلية فتتقدم دهليزاً ينكسر محور المرور فيه ( 5 مرات ) ، و يجتاز عدة أبواب حديدية فتحت في برج أيوبي كبير ؛ منها : باب الحيات و باب الأسدين ، و في أعلى البرج أقيمت قاعة العرش التي جددت في العصر المملوكي ، و قلعة حلب بنيت فوق هضبة مرتفعة 0
3- قلعة بصرى الشام :
كان في موقع قلعة بصرى الحالية قلعة أنشأها العرب الأنباط ، وعندما احتل الرومان بصرى ( 106م) هدموا القلعة النبطية و بنوا فوق أساساتها المدرج الروماني 0
و بعدما فتح المسلمون بصرى ( عام 13هـ ) اتخذوا المسرح الروماني حصناً يلجؤون إليه و يحتمون به0
في العصر السلجوقي بدأ المسلمون ببناء قلعة حول المدرج الروماني ؛
فأنشأ " كمشتكين" البرج2 ( عام 481هـ) ؛
و أنشأ " ألب غازي" البرجين  1و3( عام 542هـ) ؛
أما في العصر الأيوبي فتابع الملك " العادل" بناء أبراج قلعة بصرى متزامنة مع قلعة دمشق ؛
فبنى البرج4 (عام 599هـ) ؛
و البرج10( عام 608هـ) و جعل فيه مدخل القلعة ؛
ثم أنشأ البرج9( عام 610هـ) ،أمام البرج10 لتأمين الدفاع عنه ؛
و أنشأ البرج11 ( عام 612هـ) ؛
وأنشأ البرج5 ( عام 615هـ) وهو آخر برج يبنى في عهد الملك "العادل"الذي توفي في هذا(لعام 615هـ) 0 
و أنشأ الملك " الصالح نجم الدين أيوب " البرج6 (عام 647هـ) ؛
وأنشأ الملك " صلاح الدين يوسف الثاني " البرج8 ( عام 649هـ ) ؛
أما الملك " أبو الفداء إسماعيل " فأنشأ خزان مياه و مستودعات و ثكنة للجيش فوق المدرج بين العامين    ( 620-629هـ)

تعليقات

  1. السلام عليكم جواب مع مصادر عن سبب اهتمام المماليك في لصناعة مصر

    ردحذف
  2. Merkur Safety Razors | D'Amato deccasino
    Merkur choegocasino Safety Razors. Merkur 34C DE Safety Razor is also known as the "Futero" deccasino (Merkur). The razor has been designed to offer worrione a more aggressive shave. Its smooth

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن العمارة الإسلامية في العصر المملوكي والعثماني

العمارة في العصر المملوكي والعثماني أولاً – العمارة في العصر المملوكي : ظهرت في هذا العصر في القاهرة منشأت معمارية ضخمة ، هي أشبه بالمجمعات التي تمتاز بمساحتها الكبيرة وارتفاعاتها الشاهقة ، وتتألف غالباً من مدرسة وتربة وبيمارستان ، وتضم أحياناً سبيلاً وكتاباً أيضا ، ونذكر منها على سبيل المثال :  مجموعة السلطان قلاوون ،  مدرسة وخانقاه الأشرف برسباي ،  مدرسة ومسجد قايتباي ،    بينما لم   تشيد في بلاد الشام أبنية ضخمة ، بل كانت منشأت هذا العصر ، أصغر من منشأت العصور السابقة ، وسنقصر حديثنا على منشأت العصر المملوكي في بلاد الشام  تميزت منشأت هذا العصر في بلاد الشام بما يلي : 1- استمر الشكل التقليدي للمسجد : صحن جنوبيه القبلية وتحيط به أروقة من الشرق والغرب والشمال في معظم المساجد التي أنشئت في حلب وكذلك المدارس ، إذ صارت المدارس تستعمل كمساجد أيضا في هذا العصر ، أما في دمشق فقد ألغي الصحن في بعض المساجد والمدارس وسقفت في بعضها الآخر . 2- تفتح أبواب المنشآت ضمن إيوان سقفه في معظمها نصف   قبة مقرنصة في قمتها ما يشبه الصدفة.

فن العمارة في العصر العباسي

العمارة و الفن في العصر العباسي انتقل الحكم من الأمويين إلى العباسيين (عام 132هـ) فنقل الخليفة العباسي الأول "أبو العباس السفاح " ( 132- 136هـ ) مركز الحكم من " دمشق " إلى "ا لكوفة " ، لوجود المؤيدين و الأنصار له، ولقربها من " خرسان" مركز التمرد على الأمويين 0 اتخذ " السفاح " معسكر " أبي سلمة الخلال " مقراً له ، ثم بنى مدينة " الهاشمية " قرب " الكوفة " ، ولكنه تركها بعد فترة إلى الأنبار ليبني مدينة هناك حملت الاسم نفسه" الهاشمية" على الفرات (غربي بغداد حالياً )0 أولاً – العمارة المدنية : 1- مدينة بغداد : عندما استلم " أبو جعفر المنصور " الحكم ( 136 – 158 هـ ) بدأ يفتش عن مكان يبني عليه عاصمة جديدة ، فتنقل بين المدن يدرسها و يتفحصها ، و يناقش أهلها ، وأخيراً وقع اختاره على موقع " بغداد" للأسباب التالية :     1- يمتاز موقع" بغداد " بحصانة عسكرية طبيعية ، إذ يحميها من ا لشرق " نهر دجلة " ، ومن ا لغرب    " نهر الفرات" ، فهي