قيام دولة المماليك البحرية
- نشأة نظام المماليك :
عقب وفاة السلطان" صلاح الدين الأيوبي" نشب النزاع بين أولاده وأقاربهم (تحالف أولاده مع الصليبين و تأمروا ضد بعضهم ) إلى حدً أخذ فيه كل واحد منهم يصطنع جيشاً لنفسه حفاظاً على ما تحت يده من ملك ،
وهذا الجيش الذي عول عليه هؤلاء الأمراء كان في غالبيته من الرقيق الأبيض المجلوب من بلاد " القفجاق " ( تقع شمالي البحر الأسود) أو من " القفقاز" ( بلاد تقع سواحل بحر قزوين ) بالإضافة إلى قوميات أخرى ، لكن غالبيتهم من " القفقاز و القفجاق " لأنهم تميزوا بحسن الطلعة وجمال الشكل وقوة البأس والشجاعة النادرة ،
حيث أنه لم يأتي القرن/13م/حتى كثرة أعداد هؤلاء وأصبح لهم كلمة مسموعة في الأحداث والمنازعات الداخلية وبلغ من ازداد نفوذهم أنهم دبروا مؤامرة مكنتهم من خلع " العادل الثاني" و إحلال " الصالح نجم الدين أيوب" محله في السلطة ، ولذلك أحسن لهم " الصالح نجم الدين الأيوبي" أخرالسلاطين الأيوبيين
واعتنى بهم عناية فائقة جعلت نفوذهم يصل إلى ذروته في آخر عهده وليتمكنوا من الاستئثار بالحكم من بعده من سنة( 648 – 784 هـ / 1250 – 1381م) وقد أطلق عليهم فيما بعد اسم "المماليك البحرية" لأن "الصالح نجم الدين" كان قد اسكنهم في" جزيرة الروضة" على" بحرالنيل " ، أو ربما لأن التجار كانوا يجلبونهم عن طريق البحر، فتميزاً بذلك عن الممالك البرجية .
وقد ظل المماليك
يمثلون أرستقراطية حاكمة بوصفهم الجهاز الحربي الذي استأثر بحكم البلاد ،
ولكن إذا كان المماليك الأوائل معظمهم من" القفجاق" فأنهم لم يستطيعوا
المحافظة على ذلك بل أخذت تصل موجات من المماليك المغول بدءً منذ عهد "
الظاهر بيبرس" و ارتقت بسرعة في مناصب الدولة حتى أن السلطان " كتبغا" نفسه
( 1294 – 1296 م ) كان من أصل مغولي .
ولابد من الإشارة أن اهتمام السلاطين المماليك بشراء الرقيق الأبيض و تربيتهم أدى إلى ازدهار هذه التجارة ، وأسهم فيها التجار الأوربيين - البندقية وجنوة وبيزا –
ولذلك تنوعت أصول المماليك بدءً من القرن /14 م / - الأتراك والشراكسة والمغول والصقالبة واليونانيين والإسبان والألمان – وكان المماليك ينسبون إلى السلطان الذي يشتريهم مثل " المماليك الظاهرية" نسبة إلى " الظاهر بيبرس" أو"الأشرفية" نسبة إلى " الأشرف خليل" ، أو إلى التاجر الذي جلبه كـ" المماليك العثمانية" نسبة إلى التاجر " عثمان" أو إلى قيمة المملوك مثل " قلاوون الألفي" الذي اشتري بألف دينار .
- المماليك و الحملة الصليبية السابعة ( 1249 م ) :
إثر استرداد
المسلمين " لبيت المقدس" ( 1244م) ، دعت البابوية إلى حملة صليبية جديدة
فإستجاب لها ملك فرنسة" لويس التاسع"الذي عرف بتقواه حتى لقب بـ"القديس"
وأخذ يعد لحملة تهدف إلى استرجاع المدينة المقدسة ، فتحركت الحملة من فرنسة
ثم رست على سواحل " جزيرة قبرص"( سنة 646 هـ) حيث قضى الصليبيون بضعة أشهر
حصلوا فيها على المزيد من المساعدات ومواد التموين ،
ثم اتجهت بعدها إلى" دمياط" ،لاعتقاد " لويس التاسع" أن الاستيلاء على" دمياط" يفتح الباب للاستيلاء على بيت المقدس وبالتالي يقطع المساعدات من الجانب المصري لإغاثة القدس ، و يسيطر على ميناء " دمياط" على البحرالأحمر وميناء "القدس" على البحر المتوسط .
ثم اتجهت بعدها إلى" دمياط" ،لاعتقاد " لويس التاسع" أن الاستيلاء على" دمياط" يفتح الباب للاستيلاء على بيت المقدس وبالتالي يقطع المساعدات من الجانب المصري لإغاثة القدس ، و يسيطر على ميناء " دمياط" على البحرالأحمر وميناء "القدس" على البحر المتوسط .
كما اتبع
الأسلوب المغولي في حرب الأعصاب فأرسل رسالة تهديدية للسلطان الصالح يخبره
عن سوء وضع المسلمين في الأندلس و أنه جاء بجيش يملأ السهل و الجبل ويطلب
منه التسليم فرد عليه السلطان يذكره بدحر الصليبين مراراً و أخبره أنه
سيندم حين لا ينفع الندم .
في هذه الآونة
كان السلطان " الصالح نجم الدين أيوب" مريضاً على فراش الموت لكنه على
الرغم من ذلك أعد جنده و أمرهم أن يحملوه إلى ساحة المعركة لإدارتها كما
عمل على تحصين " دمياط" لوصول الأخبار إلى مصر بأن هدف حملة " لويس التاسع "
هو " دمياط" وذلك عن طرق " فردريك الثاني"
الذي ظل مصادقاً للسلطان " الكامل" ومن بعده ابنه السلطان" الصالح نجم الدين" – الذي أرسل سراً
إلى الملك الصلح يخبره بعزم الملك الفرنسي ،
حيث عهد إلى أحد أمرائه وهو " فخر الدين يوسف " بالوقوف على رأس قوة كبيرة لحماية البر الغربي من المدينة( لفرع دمياط)، كي لا يتمكن الصليبيون من اختراق المدينة والنزول على ذلك البر، أما " دمياط" ذاتها فقد شحنت بالآلات و الذخائر الوافرة ، وجعل فيها السلطان " بني كنانة" المشهورين بشجاعتهم .
حيث عهد إلى أحد أمرائه وهو " فخر الدين يوسف " بالوقوف على رأس قوة كبيرة لحماية البر الغربي من المدينة( لفرع دمياط)، كي لا يتمكن الصليبيون من اختراق المدينة والنزول على ذلك البر، أما " دمياط" ذاتها فقد شحنت بالآلات و الذخائر الوافرة ، وجعل فيها السلطان " بني كنانة" المشهورين بشجاعتهم .
و كما توقع السلطان ومستشاروه فقد هاجم " لويس التاسع " البر
الغربي للمدينة لإدراكه أن " دمياط" قوية التحصين وعلى الرغم من تصدي قوات
الأمير " فخر الدين يوسف" للصليبين إلا أنها لم تنجح في مهمتها و استطاع
الصليبيون النزول على البر الغربي المقابل للبر الشرقي حيث مدينة " دمياط "
ففر الأمير " فخر الدين" ورجاله إلى الضفة الشرقية . فاستولى الرعب على أهل المدينة ففروا منها مع المدافعين عنها من بني كنانة و تركوا أبوابها مفتوحة وفاتهم أن يقطعوا الجسر الذي يصل المدينة بالبر الغربي حيث القوات الصليبية التي ظنت ذلك في بداية الأمر خدعة ولكنها ما لبثت أن أدركت الحقيقة فدخلت المدينة و استولت على ما فيها من مؤن وذخائر دون قتال في( 6حزيران 1249 م / 647 هـ ).
ففر الأمير " فخر الدين" ورجاله إلى الضفة الشرقية . فاستولى الرعب على أهل المدينة ففروا منها مع المدافعين عنها من بني كنانة و تركوا أبوابها مفتوحة وفاتهم أن يقطعوا الجسر الذي يصل المدينة بالبر الغربي حيث القوات الصليبية التي ظنت ذلك في بداية الأمر خدعة ولكنها ما لبثت أن أدركت الحقيقة فدخلت المدينة و استولت على ما فيها من مؤن وذخائر دون قتال في( 6حزيران 1249 م / 647 هـ ).
ولكن" لويس
التاسع" لم يستفيد من أخطاء من سبقه من الصليبين و يزحف إلى داخل البلاد
للقضاء على الجيش الأيوبي بعد استيلائه على " دمياط" وربما يعود ذلك إلى
انتظاره انحسار فيضان النيل .
أخذ الأيوبيون على رأسهم السلطان يعدون العدة لمجابهة الصليبين الذين استقروا في " دمياط" ، فاستغل المسلمون فرصة انتقال الصليبين إلى البر الغربي للنيل وأخذوا يشنوا عليهم الغارات المتوالية حتى اسروا الكثير منهم و أرسلوهم إلى القاهرة ،
وفي هذه الأثناء وصلت الإمدادات إلى " لويس التاسع" بقيادة أخيه ( سنة 647هـ / 1249 م ) فقرر الصليبيون مهاجمة القاهرة ، وفي ذروة استعداد الطرفين للقتال مات السلطان " الصالح نجم الدين أيوب" فتسلمت زوجته " شجر الدر" أمر العباد ، و أخذت تدير شؤون السلطنة والمعركة في آن واحد كما لو كان السلطان حياً،
لكن خبر وفاة السلطان وصل إلى الملك "لويس التاسع" فأخذ يعد العدة لمهاجمة القاهرة بسرعة قبل إستقرارأمرالمسلمين فتوجه إلى"المنصورة" وكان يبدوأنه منتصرخاصة بعد اقتحام مقدمة الجيش الصليبين المنصورة بقيادة "روبرت دي أرتو" أخو " لويس التاسع"
وهنا ظهرالمماليك البحرية على مسرح الأحداث
لينقذوا الموقف، حيث تركوا الصليبين يدخلون المنصورة ليقيموا في أزقتها ثم
أخذوا يفتكون بالجنود الصليبين وأسروا معظمهم فانقلب نصرهم إلى هزيمة، ولم
يتركوا الصليبين يعودوا إلى" دمياط" فطاردوهم وانزلوا بهم هزيمة عند " فارسكور"
و وقع الجيش
الصليبي بأكمله بين أسرى و قتلى وكان من جملة الأسرى الملك " لويس التاسع"
الذي سيق إلى المنصورة مكبلاً بالأغلال وسجن في دار الأمير " فخر الدين
إبراهيم بن لقمان"
في هذه الآونة
عاد " توران شاه" ابن السلطان "الصالح نجم الدين أيوب" من حصن " كيفا" إلى
القاهرة ليتسلم مقاليد الأمور بدلاً عن أبيه ، ولأنه كان سكيراً قليل
الخبرة في شؤون الإدارة والحكم ، أخذ يعادي أمراء المماليك ويضمر لهم الشر
كما أساء لزوجة أبيه واتهمها بإخفاء ثروة أبيه وأخذ يهددها ويتوعدها.
الأمر الذي أدى
بالنتيجة وفي ظل هذه الظروف إلى تذمر المماليك من تصرفاته ، فتأمروا على
قتله مع " شجر الدر" زوجة أبيه – بيبرس البندقداري- قلاوون الصالحي- أقطاي
الجامدار- إيبك التركماني
و هاجموه عند نزوله بـ" فارسكور" في ( 2 أيار1250م ) ففر والتجأ إلى كشك فاحرقه هؤلاء الأمراء وعندما ألقى بنفسه في الماء لاحقوه بالنشاب ، فمات جريحاً غريقاً محترقاً – على قول المقريزي
و تركت جثته
ثلاثة أيام لا يجرؤ أحد على دفنه حتى شفع فيه الخليفة العباسي فوري التراب ،
وبقتله انتهت الدولة الأيوبية في البر المصري ، لتفتح صفحة جديدة في تاريخ
مصر و بلاد الشام و ليبدأ بالفعل تاريخ دولة الصناديد المماليك .
- مقدمات قيام دولة الصناديد المماليك في مصر و بلاد الشام :
- سلطنة شجر الدر :
بعد مقتل "
توران شاه" سلطن الأمراء المماليك عليهم " شجر الدر" زوجة أستاذهم " الصالح
نجم الدين أيوب" وكانت جارية تركية اشتراها الملك الصالح فحظيت عنده ثم
اعتقها وتزوجها ،
ولذلك فهي أقرب إلى المماليك حيث اعتبرها "المقريزي" أول سلاطين المماليك في مصر ، فأخذت تدير شؤون البلاد فكان من أبرز أعمالها آنذاك السفارة التي أرسلتها إلى الجانب الصليبي في " دمياط " للتفاوض معهم ، فتم الاتفاق بين الجانبي المصري و الصليبي على ما يلي :
ولذلك فهي أقرب إلى المماليك حيث اعتبرها "المقريزي" أول سلاطين المماليك في مصر ، فأخذت تدير شؤون البلاد فكان من أبرز أعمالها آنذاك السفارة التي أرسلتها إلى الجانب الصليبي في " دمياط " للتفاوض معهم ، فتم الاتفاق بين الجانبي المصري و الصليبي على ما يلي :
1- يغادر الصليبيون " دمياط " في الحال .
2- يدفع الصليبيون مبلغاً قدره ( 800 ألف دينار) فدية لملكهم وغيره من الأسرى الصليبين منذ عهد الملك العادل الأيوبي يدفع نصفها عاجلاً و النصف الأخر آجلاً .
2- يدفع الصليبيون مبلغاً قدره ( 800 ألف دينار) فدية لملكهم وغيره من الأسرى الصليبين منذ عهد الملك العادل الأيوبي يدفع نصفها عاجلاً و النصف الأخر آجلاً .
3- يتعهد " لويس التاسع" بعدم العودة مرة أخرى إلى سواحل الإسلام .
4- كما تحدد أجل الصلح بعشر سنوات .
ثم أخذت تعمل
على تدعيم موقفها في الداخل لإحساسها بوضعها الغريب وأن المسلمون لم
يعتادوا خلال تاريخهم الطويل على حكم امرأة ، ولذلك أخذت تسرف في التقرب
إلى أهل الدولة ومنحهم الرتب والإقطاعات كما خفضت الضرائب عن الرعية
لتستميل قلوبهم إليها .
ولا أدل على
شعورالمعاصرين بالحرج من قيام امرأة في حكمهم هوعدم إبراز اسم السلطانة
مكشوفاً فكانت المراسيم والمناشير تصدر وعليها علامتها "أم خليل " كما نقش
اسمهاعلىالسكة والنقود "المستعصمية الصالحية" ملكة المسلمين والدة الملك
المنصور خليل أمير المؤمنين ،
ورد اسمها في خطب الجمعة بهذه الصيغة أيضاً .
ورد اسمها في خطب الجمعة بهذه الصيغة أيضاً .
وكانت " شجر
الدر" قد أنجبت ابناً من زوجها الصالح اسمه " خليل" توفي في صغره ، ولذلك
حرصت على لقب " أم خليل الصالحية" لتظهر صلتها بالبيت الأيوبي من جهة ابنها وزوجها وبذلك تضفي على سلطتها هالة من الشرعية .
وعلى الرغم من نجاح " شجر الدر " في تسيير شؤون البلاد إلا أن ذلك لم يشفع لها عند الأمراء الأيوبيون المنتشرين في مصر و بلاد الشام ، فانقسم البر الشامي عن البر المصري لتبقى بلاد الشام في حوزة الأيوبيين بينما انتقلت مصر لتحكم من قبل أميرة مملوكية " شجر الدر" .
هنا تدخل الخليفة من بغداد وأرسل كتاباً إلى مصر فيه:" …إذا كانت الرجال قد عدمت عندكم في مصر فأعلمونا حتى نسير إليكم رجلاً " كل هذا جعل" شجرالدر" تتزوج من أحد أمراء زوجها وهو"عزالدين إيبك" – أتابك العسكر- و تنازلت له عن الحكم بعد أن دام حكمها ( 80 ) يوماً .
- السلطان المعز إيبك ( 1250 – 1257 م ) :
كان " عز الدين
إيبك " من مشتريات السلطان " الصالح نجم الدين أيوب" ، ترقى في عهده حتى
غدا من الأمراء وهو ليس من المماليك البحرية، ثم ما لبث أن تسلم وظيفة الـ
"جاشنكير" ( جاشن: الذوق، كير : لاحقة ) وهي وظيفة إدارية يتسلمها أحد
الأمراء ليشرف على أطعمة السلطان ، قبل أن يأكل السلطان يأكل هو للتأكد من
عدم وجود شيء في الطعام
ويجب أن يكون قريباً جداً ومكان ثقة للسلطان، وعندما تولت " شجر الدر" السلطنة عين بوظيفة " أتابك" كبيرأمراء العسكر، وعندما تحرج موقف السلطانة داخل مصر و خارجها اختارته زوجاً لها بموافقة الأمراء الأخريين لإعتقادهم أن "عز الدين" من أوساطهم و يسهل عليهم صرفه متى أرادوا
ويجب أن يكون قريباً جداً ومكان ثقة للسلطان، وعندما تولت " شجر الدر" السلطنة عين بوظيفة " أتابك" كبيرأمراء العسكر، وعندما تحرج موقف السلطانة داخل مصر و خارجها اختارته زوجاً لها بموافقة الأمراء الأخريين لإعتقادهم أن "عز الدين" من أوساطهم و يسهل عليهم صرفه متى أرادوا
لكنه ما أعلن سلطاناً بلقب "المعز" حتى داهمه خطران :
الأول : ثورة الأمراء الأيوبيين في الشام الذين جمعوا قواهم لإزالة دولة المماليك الناشئة .
الثاني : ثورة الأمراء البحرية الذين هالهم ما وصل إليه"إيبك"وأخذوا يبحثون عن سلطان من بني أيوب.
للتوفيق بين
مطالب الجانبين تم اختيار صبي من آل أيوب وهو " الأشرف موسى" اجتمعت كلمة
الجميع على طاعته فقام الحكم في مصر شراكة بين الملكين ، وكانت المراسيم
والمناشير تخرج باسم الملكين الأشرف والمعز،
إلا أن الأشرف ليس له سوى
الاسم في الشركة لا غير وجميع الأمور بيد"المعز إيبك" وكان الأشرف في
السادسة من عمره الأمر الذي جعل أمراء البحرية يرحبون به حتى يديرونه كيفما
شاءوا ويأكلوا الدنيا به على قول " أبي المحاسن" أما " المعز إيبك" وجد في
إشراك ذلك الصبي معه فرصة لتخدير بني أيوب و تسكين ثورتهم .
ولكن ذلك لم يرق لأمراء بني أيوب فقرر" الناصر يوسف الأيوبي" صاحب " حلب و دمشق" بالزحف على مصر ( 1250م
) فالتحم الطرفان في معركة كان النصر فيها حليف المماليك عند"العباسية"
وهنا أثبت "المعز إيبك" أنه سيد الموقف خصوصاً حين حصل من الخليفة العباسي
على تفوض بحكم مصر و كذلك حين عقد صلحاً مع " لويس التاسع" ملك الفرنسيين ،
فأمن بذلك حدود دولته بعد أن شق الصف الصليبي ،
وحين أخذ خطر المغول يتراى
أمام عين الخليفة العباسي " المستعصم بالله " أرسل للسلطان " الناصر يوسف"
يأمره بمصالحة"المعز" للوقوف معه في وجه المغول ، فكان لهذا التدبيرأن تمّ
الاتفاق بين الأيوبيون في الشام ، والمماليك
في مصرعلى أن تكون(مصر وفلسطين إلى نهرالأردن للمماليك) بما في ذلك "غزة"
و"القدس" و"الساحل" وبقية بلاد الشام للأيوبيين .
لا شك أن هذا
الاتفاق عكس مشروعية حكم المماليك باعتراف الأيوبيين ، فعزل " الأشرف موسى
الأيوبي" ليتربع " إيبك" على حكم مصر و فلسطين .
لم تهدأ الأمور
لـ"إيبك" إذ سرعان ما قام الأعراب و نادوا بأنهم أصحاب الحق في حكم البلاد ،
فاستعان " إيبك" بالمماليك البحرية الذين كان على رأسهم الأمير" أقطاي" ،
فبدد البحرية شمل الأعراب ليخلص الحكم لـ "إيبك" .
و نتيجة
للانتصار كان عليه مواجهة وتحمل بطش المماليك البحرية ، الذين عاثوا فساداً
في مصر حتى أن " أقطاي" بالغ في احتقار السلطان وأظهر للناس أنه شركاً
للسلطان ثم أخذ يخطط لتسلم "المظفر تقي الدين محمود الأيوبي " صاحب " حماه"
للحكم ، ثم طلب من السلطان أن يسكن ابنة الملك المظفر في قلعة الجبل مقر
حكم السلاطين المماليك لكونها من بنات الملوك.
هنا أدرك " إيبك " خطورة الموقف و استدعى " أقطاي " إلى القلعة بحجة استشارته في بعض الأمور و قتله فها فثار أمراء البحرية كـ " بيبرس البندقداري" و" قلاوون الألفي " وسنقر"( وهي كلمة تعني النسرأوالصقر)، وحاصروا قلعة الجبل وحين فشلوا في دخولها قرروا الفرار إلى الشام ، فأمر السلطان بأن تغلق أبواب القاهرة فأحرقوا أحد أبوابها وفروا من خلاله إلى الشام"باب القراطين"(الباب المحروق) وهناك اتصلوا بـ " بالناصر يوسف الأيوبي" وأغروه بالزحف على مصر لكن تدّخل الخليفة العباسي مرة أخرى ، وأصلح ذات البين بين الطرفين (1256م) .
لكن " إيبك"
الذي تغلب على كافة المخاطر التي كانت محدقة به ، جاءت نهايته على يد زوجته
" شجر الدر" التي ما تزوجته إلاّ لتحكم من خلفه ، لكن أهلية " إيبك" للحكم
حالت دون ذلك وحين سأم من عجرفتها و تدخلها في شؤونه أراد الزواج من ابنة
الأمير " بدر الدين لؤلؤ " صاحب الموصل فثارت غيرتها فدعته إليها و طلبت
عفوه ، وحين رجع إليها احتفت به حفاوة باهرة وحن دخل إلى الحمام هاجمه خمسة
رجال أشداء و أردوه قتيلاً ( عام 1257 م ) .
وحين علم مماليك
السلطان ما جرى لسلطانهم أجمعوا على قتل " شجر الدر" فقتلوها و رموا بها
من سور القلعة إلى الخندق ، وبذلك انتهت حياة ( شجر الدر و المعز إيبك )
أول الصناديد المماليك .
تعليقات
إرسال تعليق