التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تاريخ المماليك المحاضرة السادسة

المحاضرة السادسة
نهاية دولة المماليك  

- الأشرف قانصوه الغوري ( 1501 – 1516 م ) :

ساءت أحوال الناس في عهد السلطان " قايتباي" للأسباب التالية " 

1- كثرة الضرائب التي فرضت في عهده وعهد من تبعه من السلاطين المماليك ، حيث كانت الضرائب تؤخذ مقدماً .
2- انتشار طاعون (سنة 897هـ / 1492 م ) .
3- انخفاض مستوى النيل . 

هذا وقد توفي " قايتباي" (سنة 901هـ/ 1496 م ) عن عمر يناهز الثمانيين سنة ، فحكم من بعده ابنه "محمد" لمدة وجيزة ، ثم فقام النزاع بين أمراء المماليك الذي أظهر " قانصوه خمسمائة" فحكم ( سنة 1497 م ) لكن خصومه قتلوه ، ليرجعوا " محمد بن قايتباي" إلا أن " محمد" قتل ، ليتسلم الحكم من بعده " الظاهر قانصوه" ، ثم عزل " الظاهر قانصوه" وعين بدلاً عنه " الأشرف جانبلاط"( 1500م ) إلا أنه قتل فتسلم الحكم من بعده " العادل طومان باي الأول" ( سنة 1501 م ) فقتل ليتسلم الحكم 

" قانصوه الغوري" ( سنة 906هـ / 1501م ) .
حين تسلم " قانصوه الغوري " الحكم كان بعمر يناهز( 60 سنة ) لكنه اثبت على خلاف ما كانوا يأملون به ، أنه رجل قوي صلب العود ، استطاع أن يعيد الأمن و الاستمرار على العاصمة وبدا صاحب دولة ، حيث عالج الأزمة المالية لخزينة دولته بأن جمع الضرائب مقدماً ، كما فرض الضرائب على كل شيء وضاعف المكوس و الرسوم الجمركية فأعاد بذلك للخزينة رونقها و التفت إلى إعمار المنشآت ذات المنفعة العامة والتي ما تزال قائمة حتى الآن وتحمل اسمه ، 

كما أكثر من شراء المماليك وذلك لخطرين أخذا يهددان دولة المماليك و يسعيان بقوة لإسقاطها هما : 

1- ظهور البرتغاليين على البحار الشرقية :     

بظهور البرتغاليين على البحار الشرقية حطموا سبل التجارة في "البحر الأحمر" و" المحيط الهندي" ، وذلك بعد اكتشاف " طريق رأس الرجاء الصالح"( سنة 1498 م ) الأمر الذي جعل" قانصوه الغوري" يعد العدة للوقوف بوجه البرتغاليين خصوصاً بعد أن كثرت الاستنجادات بالدولة المملوكية من قبل حكام " اليمن" و " سواحل الهند" .
فأنشأ " قانصوه الغوري" جنود الطبقة الخامسة المخصصة للقتال البحري ، كما أنشأ بحرية متطورة . 

أبحر من ميناء " السويس" ( سنة911هـ/ 1505 م ) بقيادة " حسين الكردي" نائب "جدة" والتي هزمت البرتغاليين في السواحل الهندية قرب " جاول" ثم أعد " الغوري " حملة أخرى غادرت " السويس"
( سنة914هـ/ 1508 )إلا أن البحرية المملوكية هزمت في " ديو" في الهند ( سنة915هـ/ 1509 م ) فكان بالنتيجة أن تحطمت إمكانية الصمود أمام البرتغاليين ، فانعكست سلباً على الاقتصاد المملوكي . 

2- توتر العلاقات المملوكية العثمانية :  

قامت الدولة العثمانية إثر انهيار دولة سلاجقة الروم في بدايات القرن الرابع عشر ، ثم أخذت تتوسع شرقاً وغرباً على حساب الدويلات التركمانية المنتشرة في الأناضول و على حساب الدولة البيزنطية وغيرها من دول شبه جزيرة البلقان في إطار من العلاقات الودية مع دولة المماليك ، لكنه في عهد السلطان " خشقدم" تعكرت العلاقات بين الطرفين ،

 وذلك حين أراد العثمانيون السيطرة على إمارتي" قرمان " و" ذي الغادر" وحيال تنافس العثمانيين و المماليك على هذه المناطق اشتبك الطرفان في معارك جانبية لم تحسم لصالح أحد إلى أن اعتلى" سليم الأول"( 1512 – 1420 م ) عرش السلطنة العثمانية والذي اشتبك مع الصفويين في سهل " جالديران" (سنة 920هـ/ 1514 م ) 

وقد وقف السلطان" الغوري " وحليفه حاكم إمارة " ذي القادر""علاء الدولة" موقفاً سلبياً جعل السلطان " سليم الأول " يفكر بالانتقام من المماليك و حليفهم بوقت واحد ، فقضى على " علاء الدولة "(1515م) أي بعيد انتصاره في " جالديران" ، ثم أخذت الأمور تتأزم بين الطرفين العثماني و المملوكي أكثر فأكثر  ليصطدم الفريقان في معركة على سهل " مرج دابق " (سنة 922هـ/ 1516 م )  كان النصر فيها حلف العثمانيين ، 

على الرغم من أن المماليك قاتلوا بشجاعة نادرة ، حتى فكر السلطان العثماني بالتقهقر لإعادة تنظيم قواته ، وفي هذه اللحظة الحرجة كشف " خاير بك" الخائن عن نفسه فأشاع بين الجنود أن السلطان يأمرهم بعدم التقدم وانتظار الأوامر ، ثم لم يلبث أن فر من ساحة المعركة بعد أن أشاع أن السلطان " الغوري" خّر قتيلاً، فتفرقت صفوف المماليك وانهارت مقاومتهم ، وعبثاً حاول "الغوري "   أن يوقف تيار الفرار ولكن بعد فوات الأوان ،

 وفي هذه اللحظة الحرجة طلب السلطان ماء ليشرب فأغمي عليه و وقع من فوق فرسه ميتاً ،

 وكان من أسباب هزيمة المماليك في " مرج دابق" :
1-   ضخامة الجيش العثماني مقارنة مع الجيش المملوكي .
2-   الروح المعنوية العالية التي تمتع بها الجيش العثماني بعد انتصاراته في البلقان و" جالديران" .
3-   استخدام الجيش العثماني الأسلحة النارية المتحركة- المدافع والبنادق- بينما حافظ المماليك على تقاليد الفروسية القديمة.
4-   خيانة بعض قادة المماليك مثل " خاير بك" و " جانبردي الغزالي" .
وكان من نتائجها دخول العثمانيين وعلى رأسهم السلطان " سليم الأول" بلاد الشام و فتح الباب على مصراعيه لتوجه الجيش العثماني إلى مصر . 

- السلطان طومان باي ونهاية دولة المماليك( 1517 م ) : 

وصلت أخبار هزيمة المماليك و مقتل سلطانهم " قانصوه الغوري " في " مرج دابق" إلى مصر ، ثم تلتها أخرى تأكد زحف  السلطان " سليم الأول" باتجاه مصر ، فاختير" طومان باي" ليكون سلطاناً على المماليك( سنة 922هـ/ 1516م ) ، الذي أعد العدة وخرج لملاقاة سلطان العثمانيين في سهل" الريدانية" ( سنة923هـ/ 1517م ) 

 اشتبك الطرفان في معركة أظهر فيها " طومان باي" شجاعة فائقة، ولكن النصر فيها كان حليف العثمانيين ، ففر " طومان باي" ليواصل المقاومة في طرقات القاهرة ، ونجح في إخراج السلطان " سليم " من القاهرة بعد أن دخلها عندما هاجم السلطان " طومان باي" وطاق " سليم الأول" في " بولاق "، 

ولكن العثمانيين تمكنوا من طرد المماليك من " بولاق" و" جزيرة الفيل" ، فانسحب السلطان " طومان باي" إلى "الصليبة" ونزل في " جامع شيخو" وأخذ يهاجم العثمانيين ولكن أنصاره انفضوا عنه فانسحب إلى " الجيزة" وجمع جيش وتقابل مع السلطان " سليم الأول" وتمكن من كسر القوات العثمانية أكثر من مرة ،

 ولكن كثرة عدد القوات العثمانية واستخدامهم للبندق ( الرصاص ) أكسبهم المعركة ، فولى " طومان باي" هارباً وتوجه إلى " قرية " البوطة الغربية" في  محافظة البحيرة و لجأ إلى الشيخ " حسن بن مرعي" أحد مشايخ العرب وابن أخيه" شكر"، و حلفهما على المصحف على عدم الغدر به ، ولكنهما أخبرا السلطان" سليم الأول" بأمره ،فتم القبض عليه 

وقام السلطان" سليم الأول " بعد ذلك بشنق " طومان باي" على باب" زويلة" في القاهرة فحزن الناس عليه كثيراً لأنه كان شجاعاً بطلاً كسر في عدد قليل من قواته القوات العثمانية أكثر من مرة ، وبذلك يكون حكم بلاد الشام
و مصر والحجاز و اليمن انتقل إلى الدولة العثمانية .  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن العمارة الإسلامية في العصر المملوكي والعثماني

العمارة في العصر المملوكي والعثماني أولاً – العمارة في العصر المملوكي : ظهرت في هذا العصر في القاهرة منشأت معمارية ضخمة ، هي أشبه بالمجمعات التي تمتاز بمساحتها الكبيرة وارتفاعاتها الشاهقة ، وتتألف غالباً من مدرسة وتربة وبيمارستان ، وتضم أحياناً سبيلاً وكتاباً أيضا ، ونذكر منها على سبيل المثال :  مجموعة السلطان قلاوون ،  مدرسة وخانقاه الأشرف برسباي ،  مدرسة ومسجد قايتباي ،    بينما لم   تشيد في بلاد الشام أبنية ضخمة ، بل كانت منشأت هذا العصر ، أصغر من منشأت العصور السابقة ، وسنقصر حديثنا على منشأت العصر المملوكي في بلاد الشام  تميزت منشأت هذا العصر في بلاد الشام بما يلي : 1- استمر الشكل التقليدي للمسجد : صحن جنوبيه القبلية وتحيط به أروقة من الشرق والغرب والشمال في معظم المساجد التي أنشئت في حلب وكذلك المدارس ، إذ صارت المدارس تستعمل كمساجد أيضا في هذا العصر ، أما في دمشق فقد ألغي الصحن في بعض المساجد والمدارس وسقفت في بعضها الآخر . 2- تفتح أبواب المنشآت ضمن إيوان سقفه في معظمها نصف ...

فن العمارة الإسلامية في العصر الأيوبي في مصر وبلاد الشام

العمارة الأيوبية في مصر وبلاد الشام اعتنى الأيوبيون ببناء المساجد والمدارس و الخانقاهات ، كما اهتموا ببناء القلاع و تحصين المدن بالأسوار و الأبراج الدفاعية ، بسبب حالة الحرب بينهم وبين الصليبين ، ويمكننا اعتبار فن التحصين في العمارة الأيوبية نهاية مراحل التطور في هذا المجال إذ لم يظهر أي تجديد ملحوظ في العهود اللاحقة ، فالمنشآت الأيوبية العسكرية نموذج لأرقى ما وصل إليه هذا الفن على المستوى العالمي ، وليس على نطاق الحضارة الإسلامية   فقط ، يمكننا أن نوجز أهم خصائص العمارة الأيوبية في ما يلي : 1-    التقشف وعدم الإسراف في الزخرفة ، بسبب الحرب مع الصليبين 0 2-    القوة وإتقان التخطيط والبناء ، ودقة النسب ، مع ضخامة المنشآت بالنسبة للعصور السابقة 0 3-    الاعتماد على الحجر المنحوت بأبعاد كبيرة كمادة أساسية في الواجهات و الأعمدة وتيجانها ، وأحياناً في القباب والأقبية 0 4-    ظهورالأروقة بالإضافة إلى الأواوين في المدارس وخاصة في حلب ، وهذا تطور جديد لم يستعمل من قبل . 5-    اعتماد التسقيف على القباب لدر...

فن العمارة الإسلامية في العصر السلجوقي والزنكي والفاطمي

آثار السلاجقة و الزنكيين                          تبدأ هذه الفترة من ظهور السلاجقة و سيطرة " طغرل بك " على " بغداد" ( عام 447هـ ) ، ( وكان قد أقام دولة في " خراسان" (عام 429هـ ) ، إلى نهاية الحكم الزنكي و قيام الدولة الأيوبية (عام569هـ ) ، وقد أقيمت دولة تابعة للسلاجقة في " بلاد الشام" ( عام 458هـ ) 0 و ابتدأ حكم الزنكيين باستيلاء " نور الدين زنكي " على " دمشق" ( عام549 هـ ) 0 ادخل السلاجقة إلى بلاد الشام ومصر صنوفاً كانت شائعة في الشرق ولاسيما في فارس و العراق 0 و ظهرت في عهدهم المدرسة كمؤسسة ثقافية ومعمارية جديدة عامة ، وقد كانت قبل عهدهم مؤسسة خاصة ، كما شيدت في عهدهم الخانقاهات كمنازل للصوفية   ، و البيمارستانات لتقوم بدور المستشفيات ومدارس الطب وغير ذلك من الأبنية العسكرية كالقلاع و أسوار المدن 0 حدث تطور ملحوظ في هذا العصر على فنون العمارة  ، وظهرت عناصر جديدة في مجال التخطيط والإنشاء والزخرفة ، مما أعطى للعمائر مظهراً...