العمارة الإسلامية في أفريقيا
بعد فتح " عقبة بن نافع " "إفريقية" ( عام 50هـ) ، أدرك أنه لا بد من إقرار المسلمين لتمكين الإسلام في البلاد ، و رأى أن يبني مدينة للمسلمين ، فيها مؤسسات اجتماعية يلجؤون إليها عند الحاجة ، و تكون عماداً لهم في أمورهم ، و ملاذاً يصيرون إليه 0
أولاً – العمارة المدنية :
1- تأسيس القيروان:
انطلق " عقبة بن نافع " و أصحابه يبحثون عن موقع ملائم لبناء مدينة عليه ، و وقع اختيارهم على مكان " القيروان" اليوم ، لأنه واقع في الصحراء بعيداً عن البحر ، فلا تطرقه مراكب الروم ، و بعيداً عن الجبال ، معاقل البربر ، و يؤمن مرعى للإبل ، بالإضافة إلى كونه مكاناً منبسطاً يساعد على إعداد الجيش ، و يسهل عمليات الكر و الفر ، دفاعاً و هجوماً ، فأمر " عقبة" أصحابه برسم الخطط ، و اختط أولاً "المسجد الجامع" ، و جعل دار الإمارة في قبليه ، ثم أخذ الناس ببناء الدور و المساكن و المساجد 0
و بعدما انتصر " حسان بن النعمان " على الكاهنة زعيمة البربر ( سنة 80هـ ) ، التفت إلى وضع أساس النظام الإداري لهذه الولاية الجديدة ، فوظف الخراج على الأراضي ، و دون الدواوين الدولية بإفريقية ، و جعل اللغة العربية لغة رسمية ، و وزع على صغار فلاحي البربر مساحات من الأراضي الدولية التي كانت فيما مضى ملكاً للحكومة البيزنطية ، و بإقرار البربر في الأرض و مساعدتهم على الكسب من الزراعة ، استمال قلوبهم و قربهم من الإسلام ، حتى أتخذ منهم جيشاً عظيماً أعان العرب – فيما بعد - على فتح المغرب و الأندلس ، وبذلك تعتبر ولاية " حسان " بحق مبدأ للفتح الإسلامي الحقيقي 0
ومن الولاة الأمويين " عبيد الله بن الحبحاب " ، الذي قدم إلى أفريقية ( سنة 116هـ) ، وهو أول من نظر في تنظيم أسواق التجارة و الصناعة في " القيروان" ، فكان سوق " القيروان " يمتد من الشمال إلى الجنوب و طوله من " باب أبي الربيع" إلى " باب تونس" ميلان و ثلث ، و كان سطحاً متصلاً فيه جميع المتاجر و الصناعات ، و كان أمر بترتيبه هكذا " هشام بن عبد الملك" في حدود (سنة 120هـ )
كما أمر " هشام" عامله " ابن الحبحاب" بإنشاء فسقيات خارج سور المدينة ، تكون سقايات لأهلها ، و مازال بعضها معروفاً إلى الآن بـ " فسقية هشام " قريباً من " فسقية الأغالبة" ، و كانت هذه المواجل من المتممات الضرورية لتكامل عمران المدينة 0
و عين الخليفة العباسي " أبو جعفر المنصور " " محمد بن الأشعث" والياً على أفريقية ، فقاتل الخوارج و شرد الصفرية ، و دخل " القيروان" ( سنة 144هـ ) و بنى سورها من الطوب في عرض 17 ذراعاً ، وكمل في( رجب 149هـ ) ، وفي( عام 155 هـ ) زاد " يزيد بن حاتم المهلبي" في علو أسوار المدينة ، ورتب أسواقها و جعل كل صناعة في مكانها 0
2- القيروان في العصر الأغلبي :
قدم "هرثمة بن أعين" إلى "القيروان" والياً على إفريقيا ( سنة 179هـ ) ، من قبل الخليفة العباسي "هارون الرشيد" ، فأمن الناس و جدد ما تخرب من المدن و الموانئ والمنشآت ليعيد ثقة الناس بالدولة العباسية 0
وكان "إبراهيم بن الأغلب" بولاية الزاب ، فأكثر من ملاطفة "هرثمة" و تقديم الهدايا له فولاه ناحية الزاب 0
و قد رأى "هرثمة" بإفريقيا الكثير من الاختلال فأشفق على سمعته ، فاستعفي "الرشيد" من الولاية وعاد إلى العراق ( عام 181هـ )0
ثم أن "إبراهيم بن الأغلب" كاتب "الرشيد" طالباً تعيينه والياً على إفريقيا و اقترح عليه أن يتنازل عن المبلغ الذي كان يحمل من مصر سنوياً إلى إفريقيا و قدره مئة ألف دينار كنفقات للولاية ، و وعد بأن يحمل هو إلى دار الخلافة أربعين ألف دينار كل سنة ، فعينه"الرشيد" ، و جعل الولاية وراثية في عقبه ( سنة 184هـ ) 0
و بعد أن أنشا "إبراهيم" "العباسية" و جعلها عاصمة له ثار عليه "عمران بن مجالد" و ناصره أهل "القيروان" ، فهدم "إبراهيم" سور القيروان و قلع أبوابها ( عام 194 هـ ) 0
و عندما ثار " منصور الطنبذي" على " زيادة الله بن الأغلب" دخل "القيروان"، و عمر سورها الذي هدمه "إبراهيم بن الأغلب" ، وغلق أبوابها فناصره أهلها ، مما أغضب " زيادة الله" ، فجعل عقوبتهم فور مقتل "الطنبذي"( عام 211هـ ) أن هدم " سور القيروان" حتى الصقه بالأرض 0
أما "أحمد بن الأغلب" فقد انشأ "ماجل باب تونس" و" ماجل باب أبي الربيع"( عام 249هـ)0
3- تأسيس العباسية( العاصمة الأولى للأغالبة) :
لم يشأ "إبراهيم بن الأغلب" أن يقيم في "القيروان" التي كانت مقراً للولاة السابقين منذ الفتح الإسلامي فأنشأ ( عام 184هـ ) مدينة "العباسية" على بعد( 3 كم) إلى الجنوب من "القيروان" و جعلها عاصمة له ، وبنى فيها قصراً كبيراًانتقل إليه ، وهدم دار الإمارة التي بناها "عقبة بن نافع" جنوبي"المسجد الجامع" بالقيروان .
وبنى في عاصمته الجديدة مسجداً جامعاً جعل له مئذنة مستديرة مبنية بالآجر والعمد سبع طبقات 0
كما أنشأ حمامات كثيرة و فنادق و أسواقاً جمة و مواجل للماء ، و أحاطها بسور منيع ، جعل فيه خمسة أبواب 0
و اقطع "إبراهيم بن الأغلب" الدور لأهل بيته و أنصاره و مواليه ، وسمح لسائر الناس بتخطيط البيوت بالعباسية وهكذا جعل من مقر إقامته المحصن مركزاً سياسياً و إدارياً منيعاً ، نقل إليه من "القيروان"، دار الضرب ، ومصالح الحكومة ودواوينها ، ولم تكن لترجع إلى "القيروان" مدة الإمارة الأغلبية ، وفي عصر من خلفها في الأمر والحكم بإفريقيا 0
4- تأسيس رقادة ( العاصمة الثانية للأغالبة ):
و شاء "إبراهيم بن أحمد بن الأغلب" ( إبراهيم الثاني ) أن يتخذ لنفسه عاصمة جديدة – كما فعل "إبراهيم الأول" – فابتدأ (عام 263هـ ) ببناء " رقادة" ( على بعد 9 كم غربي القيروان ) ، وكمل بناء " قصر الفتح" فيها (عام 264 هـ) فانتقل إليها من "العباسية" التي صارت تدعى منذئذٍ بـ " مدينة القصر القديم" ، و اتخذها داراً ووطناً ، وبنى فيها قصوراً عجيبة وجامعاً وأسواقاً وحمامات وفنادق ، وانشأ فيها آباراً و مواجل و أحاط كل ذلك بسور متين فيه سبعة أبواب عليها صفائح حديد وأقام خارجه ميداناً لسباق الخيل وعرض الجند في المناسبات و أقام في جانب من هذا الميدان مصلى العيدين 0
ونقل "إبراهيم الثاني" إلى " رقادة" دواوين الحكومة ودور الضرب و أنشا فيها دار الطراز و أقام فيها كبراء الدولة والقضاة والحاشية حتى صارت "رقادة" اكبر من "القيروان" 0
و كان " إبراهيم الثاني" مولعاً بالعلوم الرياضية و الفلسفية فانشأ " بيت الحكمة" تقليداً لبيت الحكمة " ببغداد" ، و احتل "بيت الحكمة الرقادي" مكاناً بأحد قصور "رقادة" ، فجلب "إبراهيم الثاني" إليه من "العراق" و"الشام" و"مصر" علماء أجلاء من أطباء ورياضيين ومهندسين و موسيقيين ، وترأس العالم الرياضي "أبو اليسر الشيباني البغدادي" بيت الحكمة الرقادي 0
5- نقل مركز الإمارة إلى تونس :
كان عهد "إبراهيم الثاني" في سنواته الأولى عهد إصلاح و تقدم و لكن اعتبارا من (عام 277هـ ) بدأ ينكل بالوزراء و الخاصة و الأطباء و الفتيان من الصقالبة ثم الزنوج ، فهاج الشعب وماج واندلع لسان الثورة في أنحاء كثيرة من البلاد 0
فأمر "إبراهيم الثاني" (عام 281هـ ) بأن تبنى له بـ" تونس" قصور وبساتين ، فبنيت ، وانتقل إليها مع أهل بيته و جميع قواده ومواليه ، واتخذها دار ملكه ، وأباحها لجنوده 0
وبالإضافي إلى" قصر الإمارة بالقصبة"، أنشأت قصور للتنزه في منبسط من مدينة " تونس" ، يسمى إلى اليوم بـ "الخضراء" لكثرة ما توجد فيه من خمائل كثيفة للأشجار ، كانت سبباً في مدينة " تونس" بـ" تونس الخضراء" وبتسمية احد أبواب المدينة بـ " باب الخضراء" لقربه من هذه الناحية 0
و عندما تسلم " زيادة الله الثالث" الحكم ( عام 290هـ ) انتقل إلى " رقادة" و بنى فيها " قصر البحر" و" قصر العروس" (4 طبقات ) ، ثم خرج من " رقادة"( عام 296 هـ ) ليسلمها إلى " أبو عبد الله الصنعاني" القائم بدعوة العبيديين ( الفاطميين ) بالمغرب 0
6- تأسيس مدينة تونس:
كان بموقع مدينة " تونس" قرية صغيرة تدعى " ترشيش" فتحها " زهير بن قيس البلوي" ( عام 77هـ ) ، ثم أعاد فتحها " حسان بن النعمان الغساني" (عام 79هـ) و بنى مدينة " تونس" ، وبنى فيها مسجد هو "جامع الزيتونة" و خرج منها يتابع الفتح ، فأغارت عليها مراكب الروم و قتلوا من فيها فعاد إليها "حسان" 0
ولما بلغ "عبد الملك بن مروان" ما حصل للمسلمين بـ "تونس" كتب لأخيه "عبد العزيز بن مروان" وهو والٍ على " مصر" أن يوجه لـ " تونس" ألف قبطي لأهله وولده وأن يحسن عونهم ، و كتب إلى "حسان" يأمره أن يبني لهم دار صناعة تكون قوة وعدة للمسلمين ، و أن يصنع بها المراكب و يغير منها على سواحل الروم 0
فوصل "القبط" إلى "حسان" وهو مقيم في " تونس" ، فأجرى البحر من " مرسى رادس" إلى دار الصناعة ، وجعل فيها المراكب الكثيرة و أمر "القبط" بعمارتها 0
ثم إن "عبيد الله بن الحبحاب" جدد دار الصناعة في " تونس" وزادها تحصيناً 0
ثانياً - العمارة العسكرية:
1- أسوار المدن : بما فيها من أبواب و أبراج وهي شكل من أشكال العمارة العسكرية ، كسور "القيروان" ، و"العباسية" ، و" رقادة" ، و" سوسة" 0
2- دور الصناعة : مثل دار الصناعة التي أنشأها " حسان بن النعمان" في " تونس" لبناء المراكب الحربية هي منشاة عسكرية 0
3- الأربطة: والرباط منشاة عسكرية تنشأ قرب الساحل ، يقيم ( أي يرابط ) فيها المجاهدون المتفرغون للدفاع عن الوطن ، ويسمون بالمرابطين ، يقضون نهارهم بالعبادة وليلهم بالحراسة ومراقبة الشواطئ خوفاً من هجوم مباغت يشنه الأعداء ، ومن أهم هذه الأربطة :
أ- رباط المنستر : هو أول رباط أقامه العرب بإفريقيا أسسه الوالي "هرثمة بن أعين"( عام 180هـ) على غرار ما حصن به " الرشيد" الخليفة العباسي ثغور البلاد الإسلامية في الشرق ، وما زال قائما حتى الآن 0
ويظهر أن الأغالبة قد نسجوا على منواله فجهزوا السواحل الإفريقية بعدد كبير من الرباطات ، فصارت الإشارة التي تنبأ بقدوم خطر على البلاد الإسلامية تنتقل من" طنجة" إلى "الإسكندرية" في ليلة واحدة وذلك بإشعال النار في قمة منارة الرباط ( برجه المرتفع ) 0
و لقد هدمت الرباطات الأغلبية ، ولم يبقى منها سوى رباط سوسة 0
ب- رباط سوسة: أنشأه " زيادة الله بن الأغلب "( زيادة الله الأول) ، فعلى مدخل منارته الأسطوانية رخامة تذكارية كتب عليها بالخط الكوفي : " بسم الله الرحمن الرحيم بركة من الله مما أمر به الأمير " زيادة الله بن إبراهيم أطال الله بقائه ، على يد مسرور مولاه في سنة ست و مئتين اللهم أنزلنا منزل مبارك و أنت خير المنزلين " 0
و كان " زيادة الله " يفخر ببناء هذا الرباط و يعتبره من حسناته ، إذ كان يقول : " لا أبالي إن سألني الله ما قدمت عليه يوم القيامة وقد قدمت عليه بأربع ، قيل : وما هن ؟ قال : ( بنائي المسجد الجامع في القيروان – و بنائي القنطرة بباب أبي الربيع – و بناء الحصن بسوسة – و توليتي "أحمد بن محرز" قضاء إفريقية ) 0
الوصف المعماري:
هو بناء مربع محصن يبلغ ( طول ضلعه 39 م تقريباً ) تدعمه ( 8أبراج ) واحد في كل زاوية ، و في منتصف كل ضلع يوجد برج ، و يشكل البرج القائم في منتصف الضلع الجنوبي مدخل للرباط ، كان يبرز عن الجدار بـ ( 3.17 م ) و يبلغ ارتفاع جدران البرج ( 8.5 م ) ، يشبه مخطط هذا الرباط ، مخطط قصر الحير الغربي ، فبالإضافة إلى شكله المربع المدعم بـ ( 8أبراج) ، نجد أن الصحن محاط بأروقة من جهاته الأربعة ، خلفها غرف صغيرة للمرابطين سقوفها أقبية مهدية 0
تقوم غرف الطابق العلوي فوق غرف الطابق الأرضي ، في الجهات : الشرقية و الغربية و الشمالية ،
و يشكل سطح الأروقة شرفة أمام الغرف 0
أما في الجانب الجنوبي فقد أنشأ مسجد فوق غرف الطابق السفلي ، يتألف المسجد من مجازين ، في كل منهما (11فتحة ) عمودية على جدار القبلة ، وسقف كل منها قبو مهدي 0
و ينتصف المحراب فوق برج المدخل 0
المنارة : تقع المنارة في الركن الجنوبي الشرقي وهي برج دائري ، يبلغ قطره ( 4.72م ) و ارتفاعه ( 15.38م ) فوق السطح الشرفة ( الأروقة) 0
ثالثاً – العمارة الدينية:
1- جامع " عقبة بن نافع " ( الجامع الأعظم ) في "القيروان":
بنى " عقبة بن نافع " المسجد الجامع في قلب مدينة " القيروان" بين عامي ( 50- 55 هـ ) ، و ظل " جامع عقبة " المسجد الجامع الوحيد إلى أن حول مسجد الزيتونة إلى مسجد جامع ( عام 783هـ ) 0 و ما زال جامع " عقبة " أكبر مسجد جامع في " القيروان" حتى الآن 0
امتد " جامع عقبة" منذ تأسيسه على مساحة واسعة ، وكان في هيئة هندسية معمارية متطورة ، حتى قيل : " لم يبني عقبة مدينة لها جامع، بل بنى جامعاً له مدينة" ولا يستبعد هذا لأنه عندما أسست مدينة "القيروان" كانت عمارة المساجد في البلدان الإسلامية ، قد انتقلت من مرحلة التأسيس و التكوين ، إلى مرحلة إعادة البناء و التوسيع ، بل و الزخرفة أيضاً 0
و لقد أجهد " عقبة بن نافع " نفسه في تعين قبلة المسجد ، لأن أهل المغرب سيضعون قبلتهم عليها ، فأقام و أصحابه ينظرون إلى مطالع الشتاء و الصيف من النجوم ، و مشارق الشمس ، إلى أن انتهى إلى وضع المحراب و اتجاه القبلة برؤيا رآها في منامه .
لذلك قدس أهل القيروان محراب عقبة وحافظ عليه الولاة ومن أتى بعدهم0
و جدد " حسان بن النعمان الغساني " ( سنة 84هـ) ، الجامع الأعظم و بناه بناء حسناً ، و حافظ على محراب " عقبة" ، و جلب له العمودين الأحمرين 0
أما " بشر بن صفوان" ، فقد كتب (سنة 105هـ) إلى الخليفة "هشام بن عبد الملك" يعلمه بأن المسجد يضيق بأهله ، وأن بـ "شماليه" بستان لقوم من " فهر" ، فأمره " هشام " بشرائه ، وأن يدخله المسجد ففعل ، و بنى في صحنه ماجلاً ، وبنى المئذنة في بئر البستان , ونصب أساسها على الماء , واتفق أن وقعت في نصف الحائط الشمالي .
إذن في العصر الأموي , لا في العصر العباسي , وصل المسجد إلى مساحته التي هو عليها اليوم والتي تمتد من " محراب عقبة" إلى " مئذنة بشر" أي أصبح ممتداً من الشمال إلى الجنوب ، وهذا ما حتمته طبيعة الموقع الذي بني فيه ، وعدم وجود إمكانية لتوسيعه إلا في اتجاه الشمال .
وفي ( سنة 157هــ) هدم " يزيد بن حاتم المهلبي" " جامع عقبة" ، ما عدا المحراب ، وبناه .
وفي ( عام 221هــ ) جدد " زيادة الله بن الأغلب""جامع عقبة" وهم بهدم المحراب ، فعارضه أهل "القيروان" لما له من القدسية في نفوسهم ، فألح في ذلك ، فاقترح عليه أحد البنائين أن يدخل " محراب عقبة" بين حائطين ( حائط أمامه وحائط خلفه ) فلا يظهر في المسجد أثر لغير "زيادة الله" ، ويرضي في الوقت نفسه المعارضين ، فاستصوب رأيه 0
أما "أبو إبراهيم أحمد بن الأغلب" ، فلقد جدد قبة المحراب (عام 248 هـ) ، وأنشأ الرواق أمام القبلية.
وجعل سقف الفتحة وسطه قبة مماثلة ومناظرة لقبة المحراب ، كما كسا المحراب برخام أبيض مزخرف بزخارف نباتية جميلة ، جلبه من العراق ، وجلب من العراق أيضاً ألواح (القاشاني) التي كسا بها واجهة المحراب وجعل كسوة طاسة المحراب خشبية ، دهنت باللون الكحلي ، وزينة برسوم نباتية ذهبية اللون .
وجلبت " لأحمد بن الأغلب" أخشاب الساج من "بغداد" وعمل منها منبراً ، يتألف من ألواح مستطيلة ومثلثية عليها زخارف نباتية وهندسية تجمع بينها صفائح النحاس .
وما زالت حتى الآن قبة المحراب والمنبر والمحراب باقية ومحافظة على الوضع الذي أنشئت به أيام " أحمد بن الأغلب" ، أما قبة البهو ( وسط الرواق الجنوبي ) فقد هدمت أثناء الترميمات التي أجريت (عام 1962م ) وأعيد بنائها ، وكانت قد هدمت قبل هذا التاريخ وجعلت محززة من الخارج ومعصبة من الداخل ، وبنيت بالآجر .
وتنسب المقصورة الموجودة حاليا إلى "المعز بن باديس" ( عام 406-440هــ ) ، وذلك استنادا إلى الشريط الكتابي بالخط الكوفي المحفور بأعلى سياج المقصورة ، ومما ورد فيه : " بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما ، مما أمر بعمله أبو تميم المعز بن باديس بن المنصور سلام الله عليه وبركاته " ، ولكن هذه الكتابة لا تحدد بدقة تاريخ إنشاء المقصورة ، و أرى أنها كانت موجودة قبل ( صفر عام 438 هــ ) .
الوصف المعماري لجامع عقبة :
بّني " جامع عقبة" على مساحة من الأرض تقارب أبعادها الوسطية من الداخل ( 118 × 66 م ) ، تمتد متطاولة من الشمال إلى الجنوب .
1- القبلية : جنوبي الصحن ، أبعادها الوسطية من الداخل ( 70 × 73.30 م ) ، وتتألف من ( 8 مجازات ) ، في كل منها ( 17 فتحة ) ، تشكل الفتحة الوسطى المجاز القاطع ، وهي أعرض من بقية الفتحات ، فـ"جامع عقبة" أخذ المجاز القاطع الذي يتوسط القبلية ويصل بين بابها الأوسط والمحراب ، عن الجامع الأموي بـ" دمشق" ، إذ نجد بـ" جامع دمشق" أول مجاز قاطع في المساجد الجامعة في الدولة الإسلامية .
للقبلية( 3 أبواب ) : باب في الجدار الجنوبي من المقصورة إلى غرفة الخطيب فالشارع ، وباب في كل من الجدارين الشرقي والغربية ، ويدعى الباب الشرقي " باب النساء" وهو أشهر أبواب الجامع ، إذ يتقدمه برج أنشئ في العصر الحفصي ( عام 693 هـ ) ، زينت واجهاته بمحاريب وشرفات وتعلوه قبة آجرية محززة من الداخل والخارج ، سقفت القبلية بسقف خشبي مربع يستند إلى أقواس حدوة الفرس الدائرية عمودية على جدار القبلية0
2- الصحن : يمتد من الشمال إلى الجنوب ، متوسط أطوال أضلاعه (67 ×50.50 م ) ، وتحيط به أربعة أروقة ، يتألف كل من الأروقة: الجنوبي والشرقي والغربي من مجازان , أما الرواق الشمالي فمن مجاز واحد ، سقوف الأروقة خشبية مربعة ، تستند إلى أقواس حدوة الفرس المدبب وكسيت واجهاتها بالحجارة ، للصحن ( 3أبواب) شرقاً ، و( 3 أبواب غرباً) يتقدم كل من الأبواب الغربية برج .
بنيت جدران الجامع كله من الآجر ودعمت الواجهات الخارجية بدعامات مستطيلة أبعادها مختلفة ونهاياتها منحدرة ، وكسيت دعامات الجدار الجنوبية بالحجارة .
ويوجد تحت أرضية الصحن عدة مواجل ( خزانات ) لتجميع مياه الأمطار وعادة استخدامها في غسيل الجامع ، كما يوجد فيه مزولة لضبط أوقات الصلاة .
3- المئذنة : تقع شمالي الصحن وتتوسط الرواق الشمالي ، وتتألف من ( 3 أدوار) مربعة ، ارتفاعها الإجمالي ( 31.50 م ) ، تنحدر جدران الدور السفلي باتجاه الأسفل فمتوسط طول ضلع المئذنة من الأسفل ( 10.60م ) ، ومن الأعلى ( 10.10م ) ، كسي هذا الدور بالحجارة أبعاد حجارة المداميك السبعة السفلى كبيرة ، وأبعاد حجارة بقية الإكساء صغيرة مماثلة لأبعاد الآجر ، كما كسيت الجدران من الداخل بالحجارة .
في الجدار الجنوبي باب المئذنة نجفته وكتفاه من المرمر المحفور بزخارف نباتية ، وفوق نجفته قوس عاتق حدوة الفرس الدائري ، وفوق الباب( 3 نوافذ) تحيط بنجفتها أقواس عاتقة حدوة الفرس الدائري .
في الجدارين الشمالية والغربي نوافذ رفيعة كمرامي السهام ، ينتهي الدور الأول بشرفات نهايات نصف دائرية ، تتوسطها شقوق شاقولية .
مقطع الدور الثاني من الأسفل إلى الأعلى وطوله الوسطي ( 7.60 م ) ، في كل ضلع ( 3 أقواس ) تزينية حدوة الفرس الدائري تستند إلى دعامات جدارية ، في الجداران الشمالي والغربي نوافذ رفاعية ، وفي الجنوب باب إلى الشرفة , بّني هذا الدور بالآجر وكسيت جدرانه من الداخل بالحجارة .
مقطع الدور الثالث مربع أيضاً ، وطول ضلعه الوسطي ( 5.48 م ) ، في كل ضلع محرابان تزينيان بينهما قوس حدوة الفرس الدائري يستند إلى عامودين دائريين لكل طرف وفي أعلى كل ضلع ( خمسة محاريب ) تزينية قوس كل منها نصف دائري ، تعلو الدور الثالث قبة آجرية محززة من الداخل والخارج .
فجامع عقبة أخذ من " الجامع الأموي" بـ" دمشق" كل من :
1- المجاز القاطع 2- الأقواس حدوة الفرس الدائرية والمدبب 3- المئذنة المربعة 0
وأخذ من " المسجد الأقصى" بعد أن جدده الخليفة "المهدي"( عام 163هـ ) إثر زلزال (عام 158هــ) الذي أدى إلى تهدمه :
1– فكرة الفتحات العمودية على جدار القبلية .
2- كما أخذ عن الجامع الأقصى فكرة الرواق أمام القبلية 0
إذ كان"عبد الله بن طاهر" توفي (سنة 230هـ) قائد "المأمون" بنى رواق أمام أبواب قبلية " الجامع الأقصى " .
أما قبة المحراب في " جامع عقبة " فمتأثرة بالقباب العراقية و خاصة قبة قصر "الجوسق الخاقاني" .
2- جامع الزيتونة ( في مدينة تونس ) :
ذكرنا أن " حسان بن النعمان" بنى مسجداً في " تونس" (عام 79 هـ ) و اتفق المؤرخون على أنه كان في الموضع الذي بني فيه " جامع الزيتونة" " شجرة زيتون" فنسب إليها 0
فعندما ولي " عبيد الله بن الحبحاب" على إفريقيا من قبل "هشام بن عبد الملك" ، هدم المسجد ووسعه وبناه جامعاً ضخماً ( عام 114هـ ) ، ثم عن "أحمد بن الأغلب" جدده و بنى له قبة المحراب وقبة البهو ( عام 249هـ ) مماثلتين لقبتي " جامع عقبة بالقيروان" 0
وقد كانت مئذنته التي تقع في الجهة الشمالية الغربية من الصحن برجاً قديماً ، ثم زاد في ارتفاعه الأمير " محمد باي المرادي" (عام 1063هـ) ، فصار ارتفاعها ( 30 م ) 0
وتهدمت هذه المئذنة وسقطت ، فأعيد بناؤها على ما هي عليه اليوم ( عام 1309هـ ) 0
أما الرواق أما الواجهة الشرقية للجامع ( خارجه ) الذي يصعد إليه بإدراج فقد بناه إمام الجامع الشيخ " محمد البكري" ( عام 1037 هـ ) 0
1- جامع سوسة الكبير :
أنشأه الأمير الأغلبي " محمد الأول أبو العباس"(عام 236 هـ) ، كانت القبلية الأصلية مؤلفة من ( 3 مجازات) في كل منها( 13 فتحة ) ، تشكل الفتحة الوسطى مجازا قاطعا ، فوق المحراب قبة مشابهة لقبة المحراب في جامع عقبة و لكنها ابسط منها ،أما سقوف بقية الفتحات فهي مهدية 0
وكان يحيط بالصحن ( 3 أروقة) في الشرق و الغرب والشمال ، يمتد على واجهاتها ، و واجهة القبلية على الصحن شريط كتابي بالخط الكوفي يؤرخ الجامع 0
وسعت القبلية باتجاه الجنوب ، و أزيل المحراب الأصلي و انشات قبة أخرى فوق المحراب الجديد ، فصار للجامع قبتان ، وجعلت سقوف بقية الفتحات في القسم الجديد قبوا متقاطعاً 0
أما الرواق أمام القبلية فقد أضيف ( عام 1086هـ ) ، يرتفع برج دائري قصير تعلوه قبة في الزاوية الشمالية الشرقية من الصحن ويصعد عليه بدرج من الصحن ، ولهذا البرج وظيفتان ، فهو للآذان( مئذنة) وللمراقبة وللحراسة ، إذ أقيم الجامع قرب باب البحر في الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة ، كما يوجد برج آخرلا ينتهي بقبة في الزاوية الجنوبية الشرقية من القسم المضاف للقبلية ، يستعمل للحراسة أيضاً
بعد فتح " عقبة بن نافع " "إفريقية" ( عام 50هـ) ، أدرك أنه لا بد من إقرار المسلمين لتمكين الإسلام في البلاد ، و رأى أن يبني مدينة للمسلمين ، فيها مؤسسات اجتماعية يلجؤون إليها عند الحاجة ، و تكون عماداً لهم في أمورهم ، و ملاذاً يصيرون إليه 0
أولاً – العمارة المدنية :
1- تأسيس القيروان:
انطلق " عقبة بن نافع " و أصحابه يبحثون عن موقع ملائم لبناء مدينة عليه ، و وقع اختيارهم على مكان " القيروان" اليوم ، لأنه واقع في الصحراء بعيداً عن البحر ، فلا تطرقه مراكب الروم ، و بعيداً عن الجبال ، معاقل البربر ، و يؤمن مرعى للإبل ، بالإضافة إلى كونه مكاناً منبسطاً يساعد على إعداد الجيش ، و يسهل عمليات الكر و الفر ، دفاعاً و هجوماً ، فأمر " عقبة" أصحابه برسم الخطط ، و اختط أولاً "المسجد الجامع" ، و جعل دار الإمارة في قبليه ، ثم أخذ الناس ببناء الدور و المساكن و المساجد 0
و بعدما انتصر " حسان بن النعمان " على الكاهنة زعيمة البربر ( سنة 80هـ ) ، التفت إلى وضع أساس النظام الإداري لهذه الولاية الجديدة ، فوظف الخراج على الأراضي ، و دون الدواوين الدولية بإفريقية ، و جعل اللغة العربية لغة رسمية ، و وزع على صغار فلاحي البربر مساحات من الأراضي الدولية التي كانت فيما مضى ملكاً للحكومة البيزنطية ، و بإقرار البربر في الأرض و مساعدتهم على الكسب من الزراعة ، استمال قلوبهم و قربهم من الإسلام ، حتى أتخذ منهم جيشاً عظيماً أعان العرب – فيما بعد - على فتح المغرب و الأندلس ، وبذلك تعتبر ولاية " حسان " بحق مبدأ للفتح الإسلامي الحقيقي 0
ومن الولاة الأمويين " عبيد الله بن الحبحاب " ، الذي قدم إلى أفريقية ( سنة 116هـ) ، وهو أول من نظر في تنظيم أسواق التجارة و الصناعة في " القيروان" ، فكان سوق " القيروان " يمتد من الشمال إلى الجنوب و طوله من " باب أبي الربيع" إلى " باب تونس" ميلان و ثلث ، و كان سطحاً متصلاً فيه جميع المتاجر و الصناعات ، و كان أمر بترتيبه هكذا " هشام بن عبد الملك" في حدود (سنة 120هـ )
كما أمر " هشام" عامله " ابن الحبحاب" بإنشاء فسقيات خارج سور المدينة ، تكون سقايات لأهلها ، و مازال بعضها معروفاً إلى الآن بـ " فسقية هشام " قريباً من " فسقية الأغالبة" ، و كانت هذه المواجل من المتممات الضرورية لتكامل عمران المدينة 0
و عين الخليفة العباسي " أبو جعفر المنصور " " محمد بن الأشعث" والياً على أفريقية ، فقاتل الخوارج و شرد الصفرية ، و دخل " القيروان" ( سنة 144هـ ) و بنى سورها من الطوب في عرض 17 ذراعاً ، وكمل في( رجب 149هـ ) ، وفي( عام 155 هـ ) زاد " يزيد بن حاتم المهلبي" في علو أسوار المدينة ، ورتب أسواقها و جعل كل صناعة في مكانها 0
2- القيروان في العصر الأغلبي :
قدم "هرثمة بن أعين" إلى "القيروان" والياً على إفريقيا ( سنة 179هـ ) ، من قبل الخليفة العباسي "هارون الرشيد" ، فأمن الناس و جدد ما تخرب من المدن و الموانئ والمنشآت ليعيد ثقة الناس بالدولة العباسية 0
وكان "إبراهيم بن الأغلب" بولاية الزاب ، فأكثر من ملاطفة "هرثمة" و تقديم الهدايا له فولاه ناحية الزاب 0
و قد رأى "هرثمة" بإفريقيا الكثير من الاختلال فأشفق على سمعته ، فاستعفي "الرشيد" من الولاية وعاد إلى العراق ( عام 181هـ )0
ثم أن "إبراهيم بن الأغلب" كاتب "الرشيد" طالباً تعيينه والياً على إفريقيا و اقترح عليه أن يتنازل عن المبلغ الذي كان يحمل من مصر سنوياً إلى إفريقيا و قدره مئة ألف دينار كنفقات للولاية ، و وعد بأن يحمل هو إلى دار الخلافة أربعين ألف دينار كل سنة ، فعينه"الرشيد" ، و جعل الولاية وراثية في عقبه ( سنة 184هـ ) 0
و بعد أن أنشا "إبراهيم" "العباسية" و جعلها عاصمة له ثار عليه "عمران بن مجالد" و ناصره أهل "القيروان" ، فهدم "إبراهيم" سور القيروان و قلع أبوابها ( عام 194 هـ ) 0
و عندما ثار " منصور الطنبذي" على " زيادة الله بن الأغلب" دخل "القيروان"، و عمر سورها الذي هدمه "إبراهيم بن الأغلب" ، وغلق أبوابها فناصره أهلها ، مما أغضب " زيادة الله" ، فجعل عقوبتهم فور مقتل "الطنبذي"( عام 211هـ ) أن هدم " سور القيروان" حتى الصقه بالأرض 0
أما "أحمد بن الأغلب" فقد انشأ "ماجل باب تونس" و" ماجل باب أبي الربيع"( عام 249هـ)0
3- تأسيس العباسية( العاصمة الأولى للأغالبة) :
لم يشأ "إبراهيم بن الأغلب" أن يقيم في "القيروان" التي كانت مقراً للولاة السابقين منذ الفتح الإسلامي فأنشأ ( عام 184هـ ) مدينة "العباسية" على بعد( 3 كم) إلى الجنوب من "القيروان" و جعلها عاصمة له ، وبنى فيها قصراً كبيراًانتقل إليه ، وهدم دار الإمارة التي بناها "عقبة بن نافع" جنوبي"المسجد الجامع" بالقيروان .
وبنى في عاصمته الجديدة مسجداً جامعاً جعل له مئذنة مستديرة مبنية بالآجر والعمد سبع طبقات 0
كما أنشأ حمامات كثيرة و فنادق و أسواقاً جمة و مواجل للماء ، و أحاطها بسور منيع ، جعل فيه خمسة أبواب 0
و اقطع "إبراهيم بن الأغلب" الدور لأهل بيته و أنصاره و مواليه ، وسمح لسائر الناس بتخطيط البيوت بالعباسية وهكذا جعل من مقر إقامته المحصن مركزاً سياسياً و إدارياً منيعاً ، نقل إليه من "القيروان"، دار الضرب ، ومصالح الحكومة ودواوينها ، ولم تكن لترجع إلى "القيروان" مدة الإمارة الأغلبية ، وفي عصر من خلفها في الأمر والحكم بإفريقيا 0
4- تأسيس رقادة ( العاصمة الثانية للأغالبة ):
و شاء "إبراهيم بن أحمد بن الأغلب" ( إبراهيم الثاني ) أن يتخذ لنفسه عاصمة جديدة – كما فعل "إبراهيم الأول" – فابتدأ (عام 263هـ ) ببناء " رقادة" ( على بعد 9 كم غربي القيروان ) ، وكمل بناء " قصر الفتح" فيها (عام 264 هـ) فانتقل إليها من "العباسية" التي صارت تدعى منذئذٍ بـ " مدينة القصر القديم" ، و اتخذها داراً ووطناً ، وبنى فيها قصوراً عجيبة وجامعاً وأسواقاً وحمامات وفنادق ، وانشأ فيها آباراً و مواجل و أحاط كل ذلك بسور متين فيه سبعة أبواب عليها صفائح حديد وأقام خارجه ميداناً لسباق الخيل وعرض الجند في المناسبات و أقام في جانب من هذا الميدان مصلى العيدين 0
ونقل "إبراهيم الثاني" إلى " رقادة" دواوين الحكومة ودور الضرب و أنشا فيها دار الطراز و أقام فيها كبراء الدولة والقضاة والحاشية حتى صارت "رقادة" اكبر من "القيروان" 0
و كان " إبراهيم الثاني" مولعاً بالعلوم الرياضية و الفلسفية فانشأ " بيت الحكمة" تقليداً لبيت الحكمة " ببغداد" ، و احتل "بيت الحكمة الرقادي" مكاناً بأحد قصور "رقادة" ، فجلب "إبراهيم الثاني" إليه من "العراق" و"الشام" و"مصر" علماء أجلاء من أطباء ورياضيين ومهندسين و موسيقيين ، وترأس العالم الرياضي "أبو اليسر الشيباني البغدادي" بيت الحكمة الرقادي 0
5- نقل مركز الإمارة إلى تونس :
كان عهد "إبراهيم الثاني" في سنواته الأولى عهد إصلاح و تقدم و لكن اعتبارا من (عام 277هـ ) بدأ ينكل بالوزراء و الخاصة و الأطباء و الفتيان من الصقالبة ثم الزنوج ، فهاج الشعب وماج واندلع لسان الثورة في أنحاء كثيرة من البلاد 0
فأمر "إبراهيم الثاني" (عام 281هـ ) بأن تبنى له بـ" تونس" قصور وبساتين ، فبنيت ، وانتقل إليها مع أهل بيته و جميع قواده ومواليه ، واتخذها دار ملكه ، وأباحها لجنوده 0
وبالإضافي إلى" قصر الإمارة بالقصبة"، أنشأت قصور للتنزه في منبسط من مدينة " تونس" ، يسمى إلى اليوم بـ "الخضراء" لكثرة ما توجد فيه من خمائل كثيفة للأشجار ، كانت سبباً في مدينة " تونس" بـ" تونس الخضراء" وبتسمية احد أبواب المدينة بـ " باب الخضراء" لقربه من هذه الناحية 0
و عندما تسلم " زيادة الله الثالث" الحكم ( عام 290هـ ) انتقل إلى " رقادة" و بنى فيها " قصر البحر" و" قصر العروس" (4 طبقات ) ، ثم خرج من " رقادة"( عام 296 هـ ) ليسلمها إلى " أبو عبد الله الصنعاني" القائم بدعوة العبيديين ( الفاطميين ) بالمغرب 0
6- تأسيس مدينة تونس:
كان بموقع مدينة " تونس" قرية صغيرة تدعى " ترشيش" فتحها " زهير بن قيس البلوي" ( عام 77هـ ) ، ثم أعاد فتحها " حسان بن النعمان الغساني" (عام 79هـ) و بنى مدينة " تونس" ، وبنى فيها مسجد هو "جامع الزيتونة" و خرج منها يتابع الفتح ، فأغارت عليها مراكب الروم و قتلوا من فيها فعاد إليها "حسان" 0
ولما بلغ "عبد الملك بن مروان" ما حصل للمسلمين بـ "تونس" كتب لأخيه "عبد العزيز بن مروان" وهو والٍ على " مصر" أن يوجه لـ " تونس" ألف قبطي لأهله وولده وأن يحسن عونهم ، و كتب إلى "حسان" يأمره أن يبني لهم دار صناعة تكون قوة وعدة للمسلمين ، و أن يصنع بها المراكب و يغير منها على سواحل الروم 0
فوصل "القبط" إلى "حسان" وهو مقيم في " تونس" ، فأجرى البحر من " مرسى رادس" إلى دار الصناعة ، وجعل فيها المراكب الكثيرة و أمر "القبط" بعمارتها 0
ثم إن "عبيد الله بن الحبحاب" جدد دار الصناعة في " تونس" وزادها تحصيناً 0
ثانياً - العمارة العسكرية:
1- أسوار المدن : بما فيها من أبواب و أبراج وهي شكل من أشكال العمارة العسكرية ، كسور "القيروان" ، و"العباسية" ، و" رقادة" ، و" سوسة" 0
2- دور الصناعة : مثل دار الصناعة التي أنشأها " حسان بن النعمان" في " تونس" لبناء المراكب الحربية هي منشاة عسكرية 0
3- الأربطة: والرباط منشاة عسكرية تنشأ قرب الساحل ، يقيم ( أي يرابط ) فيها المجاهدون المتفرغون للدفاع عن الوطن ، ويسمون بالمرابطين ، يقضون نهارهم بالعبادة وليلهم بالحراسة ومراقبة الشواطئ خوفاً من هجوم مباغت يشنه الأعداء ، ومن أهم هذه الأربطة :
أ- رباط المنستر : هو أول رباط أقامه العرب بإفريقيا أسسه الوالي "هرثمة بن أعين"( عام 180هـ) على غرار ما حصن به " الرشيد" الخليفة العباسي ثغور البلاد الإسلامية في الشرق ، وما زال قائما حتى الآن 0
ويظهر أن الأغالبة قد نسجوا على منواله فجهزوا السواحل الإفريقية بعدد كبير من الرباطات ، فصارت الإشارة التي تنبأ بقدوم خطر على البلاد الإسلامية تنتقل من" طنجة" إلى "الإسكندرية" في ليلة واحدة وذلك بإشعال النار في قمة منارة الرباط ( برجه المرتفع ) 0
و لقد هدمت الرباطات الأغلبية ، ولم يبقى منها سوى رباط سوسة 0
ب- رباط سوسة: أنشأه " زيادة الله بن الأغلب "( زيادة الله الأول) ، فعلى مدخل منارته الأسطوانية رخامة تذكارية كتب عليها بالخط الكوفي : " بسم الله الرحمن الرحيم بركة من الله مما أمر به الأمير " زيادة الله بن إبراهيم أطال الله بقائه ، على يد مسرور مولاه في سنة ست و مئتين اللهم أنزلنا منزل مبارك و أنت خير المنزلين " 0
و كان " زيادة الله " يفخر ببناء هذا الرباط و يعتبره من حسناته ، إذ كان يقول : " لا أبالي إن سألني الله ما قدمت عليه يوم القيامة وقد قدمت عليه بأربع ، قيل : وما هن ؟ قال : ( بنائي المسجد الجامع في القيروان – و بنائي القنطرة بباب أبي الربيع – و بناء الحصن بسوسة – و توليتي "أحمد بن محرز" قضاء إفريقية ) 0
الوصف المعماري:
هو بناء مربع محصن يبلغ ( طول ضلعه 39 م تقريباً ) تدعمه ( 8أبراج ) واحد في كل زاوية ، و في منتصف كل ضلع يوجد برج ، و يشكل البرج القائم في منتصف الضلع الجنوبي مدخل للرباط ، كان يبرز عن الجدار بـ ( 3.17 م ) و يبلغ ارتفاع جدران البرج ( 8.5 م ) ، يشبه مخطط هذا الرباط ، مخطط قصر الحير الغربي ، فبالإضافة إلى شكله المربع المدعم بـ ( 8أبراج) ، نجد أن الصحن محاط بأروقة من جهاته الأربعة ، خلفها غرف صغيرة للمرابطين سقوفها أقبية مهدية 0
تقوم غرف الطابق العلوي فوق غرف الطابق الأرضي ، في الجهات : الشرقية و الغربية و الشمالية ،
و يشكل سطح الأروقة شرفة أمام الغرف 0
أما في الجانب الجنوبي فقد أنشأ مسجد فوق غرف الطابق السفلي ، يتألف المسجد من مجازين ، في كل منهما (11فتحة ) عمودية على جدار القبلة ، وسقف كل منها قبو مهدي 0
و ينتصف المحراب فوق برج المدخل 0
المنارة : تقع المنارة في الركن الجنوبي الشرقي وهي برج دائري ، يبلغ قطره ( 4.72م ) و ارتفاعه ( 15.38م ) فوق السطح الشرفة ( الأروقة) 0
ثالثاً – العمارة الدينية:
1- جامع " عقبة بن نافع " ( الجامع الأعظم ) في "القيروان":
بنى " عقبة بن نافع " المسجد الجامع في قلب مدينة " القيروان" بين عامي ( 50- 55 هـ ) ، و ظل " جامع عقبة " المسجد الجامع الوحيد إلى أن حول مسجد الزيتونة إلى مسجد جامع ( عام 783هـ ) 0 و ما زال جامع " عقبة " أكبر مسجد جامع في " القيروان" حتى الآن 0
امتد " جامع عقبة" منذ تأسيسه على مساحة واسعة ، وكان في هيئة هندسية معمارية متطورة ، حتى قيل : " لم يبني عقبة مدينة لها جامع، بل بنى جامعاً له مدينة" ولا يستبعد هذا لأنه عندما أسست مدينة "القيروان" كانت عمارة المساجد في البلدان الإسلامية ، قد انتقلت من مرحلة التأسيس و التكوين ، إلى مرحلة إعادة البناء و التوسيع ، بل و الزخرفة أيضاً 0
و لقد أجهد " عقبة بن نافع " نفسه في تعين قبلة المسجد ، لأن أهل المغرب سيضعون قبلتهم عليها ، فأقام و أصحابه ينظرون إلى مطالع الشتاء و الصيف من النجوم ، و مشارق الشمس ، إلى أن انتهى إلى وضع المحراب و اتجاه القبلة برؤيا رآها في منامه .
لذلك قدس أهل القيروان محراب عقبة وحافظ عليه الولاة ومن أتى بعدهم0
و جدد " حسان بن النعمان الغساني " ( سنة 84هـ) ، الجامع الأعظم و بناه بناء حسناً ، و حافظ على محراب " عقبة" ، و جلب له العمودين الأحمرين 0
أما " بشر بن صفوان" ، فقد كتب (سنة 105هـ) إلى الخليفة "هشام بن عبد الملك" يعلمه بأن المسجد يضيق بأهله ، وأن بـ "شماليه" بستان لقوم من " فهر" ، فأمره " هشام " بشرائه ، وأن يدخله المسجد ففعل ، و بنى في صحنه ماجلاً ، وبنى المئذنة في بئر البستان , ونصب أساسها على الماء , واتفق أن وقعت في نصف الحائط الشمالي .
إذن في العصر الأموي , لا في العصر العباسي , وصل المسجد إلى مساحته التي هو عليها اليوم والتي تمتد من " محراب عقبة" إلى " مئذنة بشر" أي أصبح ممتداً من الشمال إلى الجنوب ، وهذا ما حتمته طبيعة الموقع الذي بني فيه ، وعدم وجود إمكانية لتوسيعه إلا في اتجاه الشمال .
وفي ( سنة 157هــ) هدم " يزيد بن حاتم المهلبي" " جامع عقبة" ، ما عدا المحراب ، وبناه .
وفي ( عام 221هــ ) جدد " زيادة الله بن الأغلب""جامع عقبة" وهم بهدم المحراب ، فعارضه أهل "القيروان" لما له من القدسية في نفوسهم ، فألح في ذلك ، فاقترح عليه أحد البنائين أن يدخل " محراب عقبة" بين حائطين ( حائط أمامه وحائط خلفه ) فلا يظهر في المسجد أثر لغير "زيادة الله" ، ويرضي في الوقت نفسه المعارضين ، فاستصوب رأيه 0
أما "أبو إبراهيم أحمد بن الأغلب" ، فلقد جدد قبة المحراب (عام 248 هـ) ، وأنشأ الرواق أمام القبلية.
وجعل سقف الفتحة وسطه قبة مماثلة ومناظرة لقبة المحراب ، كما كسا المحراب برخام أبيض مزخرف بزخارف نباتية جميلة ، جلبه من العراق ، وجلب من العراق أيضاً ألواح (القاشاني) التي كسا بها واجهة المحراب وجعل كسوة طاسة المحراب خشبية ، دهنت باللون الكحلي ، وزينة برسوم نباتية ذهبية اللون .
وجلبت " لأحمد بن الأغلب" أخشاب الساج من "بغداد" وعمل منها منبراً ، يتألف من ألواح مستطيلة ومثلثية عليها زخارف نباتية وهندسية تجمع بينها صفائح النحاس .
وما زالت حتى الآن قبة المحراب والمنبر والمحراب باقية ومحافظة على الوضع الذي أنشئت به أيام " أحمد بن الأغلب" ، أما قبة البهو ( وسط الرواق الجنوبي ) فقد هدمت أثناء الترميمات التي أجريت (عام 1962م ) وأعيد بنائها ، وكانت قد هدمت قبل هذا التاريخ وجعلت محززة من الخارج ومعصبة من الداخل ، وبنيت بالآجر .
وتنسب المقصورة الموجودة حاليا إلى "المعز بن باديس" ( عام 406-440هــ ) ، وذلك استنادا إلى الشريط الكتابي بالخط الكوفي المحفور بأعلى سياج المقصورة ، ومما ورد فيه : " بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما ، مما أمر بعمله أبو تميم المعز بن باديس بن المنصور سلام الله عليه وبركاته " ، ولكن هذه الكتابة لا تحدد بدقة تاريخ إنشاء المقصورة ، و أرى أنها كانت موجودة قبل ( صفر عام 438 هــ ) .
الوصف المعماري لجامع عقبة :
بّني " جامع عقبة" على مساحة من الأرض تقارب أبعادها الوسطية من الداخل ( 118 × 66 م ) ، تمتد متطاولة من الشمال إلى الجنوب .
1- القبلية : جنوبي الصحن ، أبعادها الوسطية من الداخل ( 70 × 73.30 م ) ، وتتألف من ( 8 مجازات ) ، في كل منها ( 17 فتحة ) ، تشكل الفتحة الوسطى المجاز القاطع ، وهي أعرض من بقية الفتحات ، فـ"جامع عقبة" أخذ المجاز القاطع الذي يتوسط القبلية ويصل بين بابها الأوسط والمحراب ، عن الجامع الأموي بـ" دمشق" ، إذ نجد بـ" جامع دمشق" أول مجاز قاطع في المساجد الجامعة في الدولة الإسلامية .
للقبلية( 3 أبواب ) : باب في الجدار الجنوبي من المقصورة إلى غرفة الخطيب فالشارع ، وباب في كل من الجدارين الشرقي والغربية ، ويدعى الباب الشرقي " باب النساء" وهو أشهر أبواب الجامع ، إذ يتقدمه برج أنشئ في العصر الحفصي ( عام 693 هـ ) ، زينت واجهاته بمحاريب وشرفات وتعلوه قبة آجرية محززة من الداخل والخارج ، سقفت القبلية بسقف خشبي مربع يستند إلى أقواس حدوة الفرس الدائرية عمودية على جدار القبلية0
2- الصحن : يمتد من الشمال إلى الجنوب ، متوسط أطوال أضلاعه (67 ×50.50 م ) ، وتحيط به أربعة أروقة ، يتألف كل من الأروقة: الجنوبي والشرقي والغربي من مجازان , أما الرواق الشمالي فمن مجاز واحد ، سقوف الأروقة خشبية مربعة ، تستند إلى أقواس حدوة الفرس المدبب وكسيت واجهاتها بالحجارة ، للصحن ( 3أبواب) شرقاً ، و( 3 أبواب غرباً) يتقدم كل من الأبواب الغربية برج .
بنيت جدران الجامع كله من الآجر ودعمت الواجهات الخارجية بدعامات مستطيلة أبعادها مختلفة ونهاياتها منحدرة ، وكسيت دعامات الجدار الجنوبية بالحجارة .
ويوجد تحت أرضية الصحن عدة مواجل ( خزانات ) لتجميع مياه الأمطار وعادة استخدامها في غسيل الجامع ، كما يوجد فيه مزولة لضبط أوقات الصلاة .
3- المئذنة : تقع شمالي الصحن وتتوسط الرواق الشمالي ، وتتألف من ( 3 أدوار) مربعة ، ارتفاعها الإجمالي ( 31.50 م ) ، تنحدر جدران الدور السفلي باتجاه الأسفل فمتوسط طول ضلع المئذنة من الأسفل ( 10.60م ) ، ومن الأعلى ( 10.10م ) ، كسي هذا الدور بالحجارة أبعاد حجارة المداميك السبعة السفلى كبيرة ، وأبعاد حجارة بقية الإكساء صغيرة مماثلة لأبعاد الآجر ، كما كسيت الجدران من الداخل بالحجارة .
في الجدار الجنوبي باب المئذنة نجفته وكتفاه من المرمر المحفور بزخارف نباتية ، وفوق نجفته قوس عاتق حدوة الفرس الدائري ، وفوق الباب( 3 نوافذ) تحيط بنجفتها أقواس عاتقة حدوة الفرس الدائري .
في الجدارين الشمالية والغربي نوافذ رفيعة كمرامي السهام ، ينتهي الدور الأول بشرفات نهايات نصف دائرية ، تتوسطها شقوق شاقولية .
مقطع الدور الثاني من الأسفل إلى الأعلى وطوله الوسطي ( 7.60 م ) ، في كل ضلع ( 3 أقواس ) تزينية حدوة الفرس الدائري تستند إلى دعامات جدارية ، في الجداران الشمالي والغربي نوافذ رفاعية ، وفي الجنوب باب إلى الشرفة , بّني هذا الدور بالآجر وكسيت جدرانه من الداخل بالحجارة .
مقطع الدور الثالث مربع أيضاً ، وطول ضلعه الوسطي ( 5.48 م ) ، في كل ضلع محرابان تزينيان بينهما قوس حدوة الفرس الدائري يستند إلى عامودين دائريين لكل طرف وفي أعلى كل ضلع ( خمسة محاريب ) تزينية قوس كل منها نصف دائري ، تعلو الدور الثالث قبة آجرية محززة من الداخل والخارج .
فجامع عقبة أخذ من " الجامع الأموي" بـ" دمشق" كل من :
1- المجاز القاطع 2- الأقواس حدوة الفرس الدائرية والمدبب 3- المئذنة المربعة 0
وأخذ من " المسجد الأقصى" بعد أن جدده الخليفة "المهدي"( عام 163هـ ) إثر زلزال (عام 158هــ) الذي أدى إلى تهدمه :
1– فكرة الفتحات العمودية على جدار القبلية .
2- كما أخذ عن الجامع الأقصى فكرة الرواق أمام القبلية 0
إذ كان"عبد الله بن طاهر" توفي (سنة 230هـ) قائد "المأمون" بنى رواق أمام أبواب قبلية " الجامع الأقصى " .
أما قبة المحراب في " جامع عقبة " فمتأثرة بالقباب العراقية و خاصة قبة قصر "الجوسق الخاقاني" .
2- جامع الزيتونة ( في مدينة تونس ) :
ذكرنا أن " حسان بن النعمان" بنى مسجداً في " تونس" (عام 79 هـ ) و اتفق المؤرخون على أنه كان في الموضع الذي بني فيه " جامع الزيتونة" " شجرة زيتون" فنسب إليها 0
فعندما ولي " عبيد الله بن الحبحاب" على إفريقيا من قبل "هشام بن عبد الملك" ، هدم المسجد ووسعه وبناه جامعاً ضخماً ( عام 114هـ ) ، ثم عن "أحمد بن الأغلب" جدده و بنى له قبة المحراب وقبة البهو ( عام 249هـ ) مماثلتين لقبتي " جامع عقبة بالقيروان" 0
وقد كانت مئذنته التي تقع في الجهة الشمالية الغربية من الصحن برجاً قديماً ، ثم زاد في ارتفاعه الأمير " محمد باي المرادي" (عام 1063هـ) ، فصار ارتفاعها ( 30 م ) 0
وتهدمت هذه المئذنة وسقطت ، فأعيد بناؤها على ما هي عليه اليوم ( عام 1309هـ ) 0
أما الرواق أما الواجهة الشرقية للجامع ( خارجه ) الذي يصعد إليه بإدراج فقد بناه إمام الجامع الشيخ " محمد البكري" ( عام 1037 هـ ) 0
1- جامع سوسة الكبير :
أنشأه الأمير الأغلبي " محمد الأول أبو العباس"(عام 236 هـ) ، كانت القبلية الأصلية مؤلفة من ( 3 مجازات) في كل منها( 13 فتحة ) ، تشكل الفتحة الوسطى مجازا قاطعا ، فوق المحراب قبة مشابهة لقبة المحراب في جامع عقبة و لكنها ابسط منها ،أما سقوف بقية الفتحات فهي مهدية 0
وكان يحيط بالصحن ( 3 أروقة) في الشرق و الغرب والشمال ، يمتد على واجهاتها ، و واجهة القبلية على الصحن شريط كتابي بالخط الكوفي يؤرخ الجامع 0
وسعت القبلية باتجاه الجنوب ، و أزيل المحراب الأصلي و انشات قبة أخرى فوق المحراب الجديد ، فصار للجامع قبتان ، وجعلت سقوف بقية الفتحات في القسم الجديد قبوا متقاطعاً 0
أما الرواق أمام القبلية فقد أضيف ( عام 1086هـ ) ، يرتفع برج دائري قصير تعلوه قبة في الزاوية الشمالية الشرقية من الصحن ويصعد عليه بدرج من الصحن ، ولهذا البرج وظيفتان ، فهو للآذان( مئذنة) وللمراقبة وللحراسة ، إذ أقيم الجامع قرب باب البحر في الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة ، كما يوجد برج آخرلا ينتهي بقبة في الزاوية الجنوبية الشرقية من القسم المضاف للقبلية ، يستعمل للحراسة أيضاً
تعليقات
إرسال تعليق