التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فن العمارة في العصر الراشدي

العمارة في العصر الراشدي :
نشأت الدولة الإسلامية في بقعة من الأرض لم يعرف أهلها إلا الأبنية البسيطة ، المنشأة من اللبن ،
و أحياناً من الحجارة ، و المسقفة بالجريد و سعف النخيل 0
و انطلاقاً من مبادئ الإسلام التي تدعو إلى عبادة الله الواحد و إتباع تعاليم الدين الحنيف و الانصراف عن الدنيا و زخرفها فكلها إلى زوال ، و لا يبقى يوم القيامة إلا العمل الصالح ، و انطلاقاً من هذه المبادئ لم يهتم المسلمون الأوائل بإقامة المباني الضخمة ، و كانت مبانيهم الأولى بسيطة و خالية من الزخرفة 0
و مثال ذلك "المسجد النبوي" الذي كان أول الأمر مؤلفاً من سور مبني بلبن يحيط بقطعة من الأرض أبعادها ( 60×70  ذراعاً ) 0
و عندما اشتكى المسلمون من الحر ، سقف هذا المسجد بالجريد و سعف النخيل ، و جعلت عمده من جذوع النخل 0
و بعد غزوة " خيبر" كانت قبلية "المسجد النبوي" تتألف من ( 3 أروقة ) تستند إلى ( 3 صفوف من الأعمدة) في كل منها ( 9 أعمدة ) ، و كان بمؤخرة المسجد صفة يأوي إليها فقراء المسلمين ، و هذه الصفة هي بيت الصلاة الأول قبل تحول القبلة إلى الكعبة 0
ولم يزد" أبو بكر الصديق "  شيئاً ، و وسعه " عمر بن الخطاب " و بناه على بنيانه في عهد"الرسول" ( ص) باللبن  و الجريد ، و أعاد عمده خشباً ، فصارت القبلية من ( 4 أروقة ) ( مجازات 2 على 11 عموداً ) 0
و جدد " عثمان بن عفان " المسجد النبوي ( عام 30هـ ) و بناه بالحجارة المنقوشة و الكلس ، و جعل عمده حجارة منقوشة ، و بها عمد من الحديد و الرصاص ، و سقفه بالساج 0
اتخذ المسلمون الأوائل من الشكل البسيط للمسجد النبوي سنة يتبعونها في بناء المساجد في المدن التي دعت الحاجة إلى إنشائها كمعسكرات لجيش الفتح 0 
فبعد أن أخذ" عتبة بن غزوان" ( سنة 14هـ ) موافقة أمير المؤمنين " عمر بن الخطاب "على موقع "البصرة " أنزل الجند إياها ، فبنوا مساكن بالقصب ، وبنى"عتبة بن غزوان" مسجداً من قصب أيضاً، و بنى دار الإمارة دون المسجد ، و كانوا إذا غزوا نزعوا ذلك القصب و حزموه و وضعوه جانباً حتى يرجعوا من الغزو ، فإذا رجعوا أعادوا بناءه ، فلم تزل الحال كذلك ، ثم إن الناس اختطوا وبنوا المنازل، و بنى" أبو موسى الأشعري" دار الإمارة بلبن و طين ، و سقفها بالعشب ، و زاد في المسجد 0
و كتب " عمر بن الخطاب " إلى " سعد بن أبي وقاص " يأمره أن يتخذ للمسلمين دار للهجرة ، و أن لا يجعل بينه و بينهم بحراً ، فاختار موضع " الكوفة " الآن ، ( سنة 17هـ ) ، و اختطها و أقطع الناس المنازل ، و أنزل القبائل منازلهم ، و عندما انتهى إلى موضع المسجد أمر رجلاً فرمى بسهم باتجاه الجنوب ، فأعلم على موقعه، ثم رمى بسهم آخر باتجاه الشمال فأعلم على موقعه ، ثم في الاتجاهين الأخريين ، ثم بنى المسجد و دار الإمارة ، ثم أن حريقاً وقع في كل من " الكوفة " و " البصرة " ، فأذن " عمر بن الخطاب " للمسلمين بالبناء باللبن و الطين 0
و عندما فتح " عمرو بن العاص " " مصر " ( سنة 21هـ ) ، بنى مدينة " الفسطاط " مقراً للجند ،    و بنى " مسجد جامعاً "ً فيها ، يتألف من قبلية بدون صحن ، و تحيط  به الشوارع  من أطرافه الأربعة ، و كان سقفه جريداً على أعمدة من جذوع النخل ، و لقد اهتم " عمرو بن العاص" كثيراً في اختيار مكان المسجد و تحديد قبلته ، فاستخدم الحبال لتحديد مساحته حتى تكون متناسقة قدر الإمكان ، و ظل يعمل مع كبار الصحابة الذين قدموا مع جيشه ، لتخطيط المسجد  و تحديد الاتجاه الصحيح للقبلة ، ثم بنى بجوار المسجد مسكناً له ، و اتخذت القبائل حولهما منازلها

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن العمارة الإسلامية في العصر الأيوبي في مصر وبلاد الشام

العمارة الأيوبية في مصر وبلاد الشام اعتنى الأيوبيون ببناء المساجد والمدارس و الخانقاهات ، كما اهتموا ببناء القلاع و تحصين المدن بالأسوار و الأبراج الدفاعية ، بسبب حالة الحرب بينهم وبين الصليبين ، ويمكننا اعتبار فن التحصين في العمارة الأيوبية نهاية مراحل التطور في هذا المجال إذ لم يظهر أي تجديد ملحوظ في العهود اللاحقة ، فالمنشآت الأيوبية العسكرية نموذج لأرقى ما وصل إليه هذا الفن على المستوى العالمي ، وليس على نطاق الحضارة الإسلامية   فقط ، يمكننا أن نوجز أهم خصائص العمارة الأيوبية في ما يلي : 1-    التقشف وعدم الإسراف في الزخرفة ، بسبب الحرب مع الصليبين 0 2-    القوة وإتقان التخطيط والبناء ، ودقة النسب ، مع ضخامة المنشآت بالنسبة للعصور السابقة 0 3-    الاعتماد على الحجر المنحوت بأبعاد كبيرة كمادة أساسية في الواجهات و الأعمدة وتيجانها ، وأحياناً في القباب والأقبية 0 4-    ظهورالأروقة بالإضافة إلى الأواوين في المدارس وخاصة في حلب ، وهذا تطور جديد لم يستعمل من قبل . 5-    اعتماد التسقيف على القباب لدر...

فن العمارة الإسلامية في العصر المملوكي والعثماني

العمارة في العصر المملوكي والعثماني أولاً – العمارة في العصر المملوكي : ظهرت في هذا العصر في القاهرة منشأت معمارية ضخمة ، هي أشبه بالمجمعات التي تمتاز بمساحتها الكبيرة وارتفاعاتها الشاهقة ، وتتألف غالباً من مدرسة وتربة وبيمارستان ، وتضم أحياناً سبيلاً وكتاباً أيضا ، ونذكر منها على سبيل المثال :  مجموعة السلطان قلاوون ،  مدرسة وخانقاه الأشرف برسباي ،  مدرسة ومسجد قايتباي ،    بينما لم   تشيد في بلاد الشام أبنية ضخمة ، بل كانت منشأت هذا العصر ، أصغر من منشأت العصور السابقة ، وسنقصر حديثنا على منشأت العصر المملوكي في بلاد الشام  تميزت منشأت هذا العصر في بلاد الشام بما يلي : 1- استمر الشكل التقليدي للمسجد : صحن جنوبيه القبلية وتحيط به أروقة من الشرق والغرب والشمال في معظم المساجد التي أنشئت في حلب وكذلك المدارس ، إذ صارت المدارس تستعمل كمساجد أيضا في هذا العصر ، أما في دمشق فقد ألغي الصحن في بعض المساجد والمدارس وسقفت في بعضها الآخر . 2- تفتح أبواب المنشآت ضمن إيوان سقفه في معظمها نصف ...

تاريخ أوربا في العصور الوسطى المحاضرة الأولى

تاريخ أوربة في العصور الوسطى المحاضرة الأولى          - يطلق اصطلاح العصور الوسطى على الفترة الزمنية التي تمتد من القرن الرابع الميلادي إلى القرن السادس عشر الميلادي . واختلف المؤرخين حول تحديد بداية العصورالوسطى ونهايتها، فبعضهم يرى أن بداية العصورالوسطى (سنة 476 م) وهو تاريخ سقوط "روما" بأيدي "البرابرة الجرمان" والبعض من يعتبر العصورالوسطى ( سنة 330 م ) وهو تاريخ بناء مدينة " القسطنطينية" ، والبعض أيضاً يعتبر ( سنة 395 م ) بداية العصورالوسطى وفي هذا التاريخ انقسمت فيه الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين شرقي وغربي ، والبعض الآخر من يحدد بداية العصور الوسطى مع انتشار " المسيحية" ، والبعض الآخر يعتبر فترة "الغارات البربرية" و تشكل " الممالك الجرمانية " هو بداية العصور الوسطى . أما نهاية العصور الوسطى فيحددها البعض بـ( سنة 1453 م ) وهو تاريخ سقوط بيزنطة بأيدي الأتراك العثمانيين . وأيضاً يحدد البعض نهاية العصور الوسطى ب( سنة 1492 م ) تاريخ اكتشاف"أمريكا" ، والبعض من يحدد نهاية العصور الوسطى في ...