التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تاريخ أوربا في العصور الوسطى المحاضرة الثامنة

المحاضرة الثامنة
الرهبنة و الديرية في الغرب

- البندكتية :
- من هو بندكت ؟
ولد بندكت في قرية " نورسيا" في إيطاليا (سنة 480م ) ثم ذهب إلى روما من اجل الدراسة ولكنه وجد فيها الفسق لذلك قررأن يصبح راهباً ، فذهب إلى احد الكهوف في" سوبياكو"(سنة 500م) وكان الرعاة يظنون أنه إنسان متوحش و لكن لم يلبث أن أصبح له شهرة كبيرة فالتف حوله عدد كبير من المعجبين والمريدين 0
و في( سنة 520 م) سار بهم إلى هضبة تدعى" مونت كاسينو" فأسس فيه الدير المعروف باسم"مونت كاسينو" (سنة 529م ) ، و في هذا العام جستنيانوس بإغلاق مدرسة أثينا الوثنية .
- قواعد بندكت هي :
1-  يقوم قانونه على أربع قواعد  هي :
      أ- التبتل ( العزوبية ) .
      ب- الطهارة ( العفة ) .
     ج- نكران الذات .
      د- الطاعة العمياء .
2- الراهب الذي يدخل الدير يقدم كل ما يملك إما للفقراء أو إلى رصيد الدير .
3- قسم واجبات الرهبان في الدير خلال 24ساعة على الشكل التالي :
    - أربع ساعات للصلاة العامة .
    - أربع ساعات للصلاة الفردية و القراءات الخاصة للكتاب المقدس .
    - ست ساعات لنسخ المخطوطات .
    - عشر ساعات للنوم والأكل .
4- يقسم الراهب يميناً أن يبقى في الدير ولا يغادره إلا لظروف استثنائية بعد موافقة مقدم الدير .
5- انعدام الملكية الشخصية ( الخاصة ) وكل ما يوجد في الدير هو ملك لجميع الرهبان .
6- مقدم الدير مسؤول أمام الله عن الرهبان و عن الدير و عن قواعده.
7- يتم انتخاب رئيس الدير من قبل الرهبان مدى الحياة .
8- يجب على رئيس الدير أن يستشير الرهبان في كل ما يتعلق بشؤون الدير و أن يأخذ بآرائهم .
9- إعطاء المناصب للرهبان و له الحق في نزع هذا المنصب من الراهب وتعيين بدلا منه.
10- على الراهب أن يطيع مقدم الدير طاعة عمياء .
11- البطالة هي العدو الأول للشعوب و العمل جزء لا يتجزأ من العبادة .
12- العطلة الأسبوعية هي يوم الأحد و يجب أن يقضي اليوم بالصلاة والقراءة.
13- يحق للرهبان تناول مقدار محدود من الخمر و يحق لهم زيادة هذه الكمية إذا بذلوا جهد أكبر .
- ضعف البندكتية و الحركات الإصلاحية :
بعد وفاة " شارلمان" ( سنة 814 م ) ضعفت الكنيسة لأنه كان حاميها وانتشرت الأمراض الكنسية مثل:
1-   السيمونية : وهي شراء المناصب الدينية بالأموال من قبل الرجال العلمانيين .
2-   زواج رجال الدين : فبعد أن كان الزواج محرم على رجال الدين أخذوا يتزوجون .
3-   التقليد العلماني : وهو أن يقوم العلمانيون بتعيين رجال الدين في مناطقهم دون الرجوع للبابا .
- حركة الإصلاح الكلونية :
ظهرت هذه الحركة الإصلاحية لمعالجة الأمراض التي انتشرت في الحياة الديرية وقد نبعت هذه الحركة من" دير كلوني" في" بورجندية"، وتختلف الأديرة الكلونية عن الأديرة البندكتية في خاصتين أساسيتين:
1-   الأديرة الكلونية جميعها كانت تتبع مقدم " دير كلوني" وتخضع له خضوعاً مباشراً .
2-   الأديرة الكلونية نجحت في تحرير نفسها من سيطرة الأساقفة و الأمراء الإقطاعيين .
ثم أخذ الضعف و الانحلال و الفساد يحل في الأديرة الكلونية ، لذلك ظهرت حركات إصلاحية جديدة مثل " الكارتوزيان "( الكارثوثيان) و" السسترشيان " وعندما دب الضعف و الانحلال في هاتين الحركتين ، ظهرت حركة جديدة هي " الفرانسيسكان"وجماعة " الدومينيكان " وجميعها كانت تطالب بالعودة إلى تعاليم " بندكت" .
- الدور الحضاري للأديرة في العصور الوسطى :
1- دور الأديرة في الحياة الثقافية:
إن الجرمان عندما احتلوا القسم الغربي من الإمبراطورية الرومانية دمروا كل شيء ولكنهم لم يتعرضوا للكنائس و الأديرة بأي أذى ، لذلك بقيت الأديرة هي المراكز الثقافية الوحيدة بعد انهيار العالم الروماني وكان رجال الدين هم وحدهم الذين يعرفون القراءة و الكتابة .
2- دور الأديرة التعليمي :   
عملت الأديرة البندكتية على تأسيس العديد من المدارس ، وذلك لأن انهيار الدولة الرومانية في الغرب أدى إلى اختفاء مدارس الدولة ، حيث انتشرت المدارس الأسقفية ، ويمكن القول أن حوالي ( 90% ) من الرجال المتعلمين بين عامي ( 600 – 1100 م ) تلقوا تعليمهم في المدارس الديرية .
وكانت كتابات الرهبان تشكل المصدر الأساسي عن تاريخ العصور الوسطى ، وكان الورق المستخدم في الكتابة هو البردي المستورد من "مصر" ، وكانوا يؤرخون اليوم و التاريخ و يقولون أكلنا كذا و زار الدير التاجر الفلاني و زود الدير بالملح ، وهو قادم من إيطالية و أخبرنا أنه هناك حروب انتصر فيها الغوط ، وعندما كانت تمتلأ الورقة بالكتابة ، كانوا يمسحون الكتابة ليكتبوا ثانية على الورقة من جديد ولمعرفة الكتابة لا بد من تحليل الورق بشكل جيد .
3- دور الأديرة في الحياة الاجتماعية :  
ساهم الرهبان بتخفيف ماكان يعانيه المجتمع الأوربي من مآسي وكوارث حيث اهتموا بالفقراءوالمساكين  وتوزيع الصدقات،كما شكلت الأديرة ملاجئ تواسي المنكوبين والفلاحين المعدمين والمرضى والجرحى
4- دور الأديرة في الحياة الاقتصادية :  
حافظت الأديرة في العصور الوسطى على الضياع و الأراضي التابعة لها ، وقاموا بتعمير الأراضي الجديدة و وزعوها بعد إصلاحها ، كما عملوا على تجفيف المستنقعات واستصلاح الغابات ونقل الرهبان التقاليد الرومانية المتعلقة بالزراعة و أصناف كثيرة من التفاح و الكرمة .
كما مارس الرهبان العديد من الصناعات اليدوية .
كما أن أوقاف الكنيسة كانت تشكل ثلث أملاك " روما" .
5- دور الأديرة في الحياة الدينية :  
إذ أخذ الرهبان في القرن الثامن يبشرون بالمسيحية وخاصة بعد الدعم و العون الذي قدم لهم من الأسرة الكارولنجية .
                      

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن العمارة الإسلامية في العصر المملوكي والعثماني

العمارة في العصر المملوكي والعثماني أولاً – العمارة في العصر المملوكي : ظهرت في هذا العصر في القاهرة منشأت معمارية ضخمة ، هي أشبه بالمجمعات التي تمتاز بمساحتها الكبيرة وارتفاعاتها الشاهقة ، وتتألف غالباً من مدرسة وتربة وبيمارستان ، وتضم أحياناً سبيلاً وكتاباً أيضا ، ونذكر منها على سبيل المثال :  مجموعة السلطان قلاوون ،  مدرسة وخانقاه الأشرف برسباي ،  مدرسة ومسجد قايتباي ،    بينما لم   تشيد في بلاد الشام أبنية ضخمة ، بل كانت منشأت هذا العصر ، أصغر من منشأت العصور السابقة ، وسنقصر حديثنا على منشأت العصر المملوكي في بلاد الشام  تميزت منشأت هذا العصر في بلاد الشام بما يلي : 1- استمر الشكل التقليدي للمسجد : صحن جنوبيه القبلية وتحيط به أروقة من الشرق والغرب والشمال في معظم المساجد التي أنشئت في حلب وكذلك المدارس ، إذ صارت المدارس تستعمل كمساجد أيضا في هذا العصر ، أما في دمشق فقد ألغي الصحن في بعض المساجد والمدارس وسقفت في بعضها الآخر . 2- تفتح أبواب المنشآت ضمن إيوان سقفه في معظمها نصف ...

فن العمارة الإسلامية في العصر الأيوبي في مصر وبلاد الشام

العمارة الأيوبية في مصر وبلاد الشام اعتنى الأيوبيون ببناء المساجد والمدارس و الخانقاهات ، كما اهتموا ببناء القلاع و تحصين المدن بالأسوار و الأبراج الدفاعية ، بسبب حالة الحرب بينهم وبين الصليبين ، ويمكننا اعتبار فن التحصين في العمارة الأيوبية نهاية مراحل التطور في هذا المجال إذ لم يظهر أي تجديد ملحوظ في العهود اللاحقة ، فالمنشآت الأيوبية العسكرية نموذج لأرقى ما وصل إليه هذا الفن على المستوى العالمي ، وليس على نطاق الحضارة الإسلامية   فقط ، يمكننا أن نوجز أهم خصائص العمارة الأيوبية في ما يلي : 1-    التقشف وعدم الإسراف في الزخرفة ، بسبب الحرب مع الصليبين 0 2-    القوة وإتقان التخطيط والبناء ، ودقة النسب ، مع ضخامة المنشآت بالنسبة للعصور السابقة 0 3-    الاعتماد على الحجر المنحوت بأبعاد كبيرة كمادة أساسية في الواجهات و الأعمدة وتيجانها ، وأحياناً في القباب والأقبية 0 4-    ظهورالأروقة بالإضافة إلى الأواوين في المدارس وخاصة في حلب ، وهذا تطور جديد لم يستعمل من قبل . 5-    اعتماد التسقيف على القباب لدر...

فن العمارة الإسلامية في العصر السلجوقي والزنكي والفاطمي

آثار السلاجقة و الزنكيين                          تبدأ هذه الفترة من ظهور السلاجقة و سيطرة " طغرل بك " على " بغداد" ( عام 447هـ ) ، ( وكان قد أقام دولة في " خراسان" (عام 429هـ ) ، إلى نهاية الحكم الزنكي و قيام الدولة الأيوبية (عام569هـ ) ، وقد أقيمت دولة تابعة للسلاجقة في " بلاد الشام" ( عام 458هـ ) 0 و ابتدأ حكم الزنكيين باستيلاء " نور الدين زنكي " على " دمشق" ( عام549 هـ ) 0 ادخل السلاجقة إلى بلاد الشام ومصر صنوفاً كانت شائعة في الشرق ولاسيما في فارس و العراق 0 و ظهرت في عهدهم المدرسة كمؤسسة ثقافية ومعمارية جديدة عامة ، وقد كانت قبل عهدهم مؤسسة خاصة ، كما شيدت في عهدهم الخانقاهات كمنازل للصوفية   ، و البيمارستانات لتقوم بدور المستشفيات ومدارس الطب وغير ذلك من الأبنية العسكرية كالقلاع و أسوار المدن 0 حدث تطور ملحوظ في هذا العصر على فنون العمارة  ، وظهرت عناصر جديدة في مجال التخطيط والإنشاء والزخرفة ، مما أعطى للعمائر مظهراً...