التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حروب الفرنجة المحاضرة الخامسة

المحاضرة الخامسة
مملكة "بيت المقدس" اللاتينية(492 – 583هـ/ 1099 – 1187م )

أولاً – احتلال القدس :
قاد " ريموند الصنجيلي" جموع الصليبين المتجهة نحو " بيت المقدس" ( سنة 492هـ / 1099م ) توغل في " بلاد الشام" متحاشياً المرور بالمدن الداخلية الكبرى مثل" حلب" و" حماه" و" حمص" و" دمشق" ، وأثناء تقدمه راسل بعض القوى الصغيرة المستقلة في "حمص" و"شيزر" وتعهد لهم بعدم مقاتلتهم إذا قدموا له مساعدات فوافقوا على ذلك ، وأثناء تقدمه أيضاً سالمته "بيروت" ، 

واستعصت عليه "صيدا" وسقطت بيده "اللد" والرملة" و"بيت لحم" ، وسقطت بيده "القدس" بعد حصار دام أربعين يوماً ، وارتكب الصليبون أبشع المجازر في المدينة بعد الدخول إليها . 

وأول من تسلم السلطة في "القدس" هو"غودفري دي بولليون" وأهم أعماله عند استلامه السلطة مايلي :
1- بسط سيادته على مدينة " القدس" كلها حيث انتزع " برج داوود" من " ريموند الصنجيلي"و وضعه تحت وصاية أسقف "البارة" مؤقتاً .
2- توصل إلى صيغ بعض القوانين ، وتم إيداعها في كنيسة "القيامة" .
3- قرر "غودفري" أن لا يعين أي "بطريرك" دون أخذ رأي البابا في " روما" .
4- استخدم النظم الإقطاعية التي كانت سائدة في الغرب الأوربي .
5- تمّ اعمار "القدس" التي خلت من سكانها عن طريق جلب مسيحيين شرقيين عرب إليها ،وكذلك وفدت إليها طوائف مسيحية "بيزنطية" و"أثيوبية" و"أرمينية" و" جورجية" وغير ذلك .   

أصيب "غودفري" بعد مضي عام واحد على توليه السلطة بمرض أودى بحياته و وقع الاختيار بعد وفاته على أخيه "بلدوين" الذي أسس الحكم الصليب في مدينة "الرها" . 

ثانياً – مملكة " بيت المقدس" في عهد " بلدوين الأول" (494 – 512 هـ / 1100 – 1118م ) :
بعد وفاة "غودفري" انتقلت السلطة إلى البطريرك "دايمبرت" بناءً على موافقة "غودفري" قبل وفاته ، لكن القادة الإقطاعيين رفضوا ذلك واستولوا على " برج داوود" وأرسلوا إلى "بلدوين" في "الرها" من أجل الإسراع إلى "القدس" لاستلام الحكم فيها ، لذلك ترك "بلدوين دي بولليون" حكم "الرها" بيد قريبه "بلدوين دي بورغ" 

وتوجه إلى "القدس" ، وقبل وصوله هرب "دايمبرت" إلى كنيسة "جبل صهيون" .
وقبل تتويج "بلدوين" ملكاً على "القدس" ، 

عمل على إعادة الأمن إلى "القدس" وما حولها حتى "البحر الميت" ثم تصالح مع البطريرك "دايمبرت" ثم جرى تتويجه ملكاً على مملكة "بيت المقدس" في مدينة" بيت لحم"(سنة 495 هـ / 1101م ) ، وبعد تتويجه ملكاً على مملكة "بيت المقدس" عمل على مايلي :
1-عمل على توسيع مملكته الصغيرة فتمكن من الاستيلاء على "أرسوف" ثم "قيسارية" بمساعدة "الجنوية" .
2-تصادم مع الجيش المصري في أكثر من معركة وهزم أخيراً وفرّ إلى "الرملة" وعاد إلى "القدس" .
3-تنازع مع "البطريرك" "دايمبرت" وطرده من "القدس" .
4-في ( سنة 497هـ / 1103م ) حاول الاستيلاء على "عكا" فأخفق لكنه تمكن من الاستيلاء عليها في العام التالي بمساعدة أسطول "جنوي" ثم أخذ "صيدا" وحاصر "صور" دون فائدة .
5-قام ببناء قلعة "مونتريال" (الشوبك) لتحصين حدوده ضد المصريين من جهة وضد "دمشق" من جهة أخرى .
6-جلب السكان المسيحيين من قرى ما وراء "الأردن" وأسكنهم بأحياء خاصة في "القدس" ولم يتمازجوا لا مذهبياً ولا اجتماعيا مع الصليبين ، ولكن انخرط بعضهم في الجيش وشكلوا ما سيعرف باسم "التوركبلية" . 
7-حصن موقع "اسكندرليوم" أو( اسكاندليوم ) (على بعد خمسة أميال من " صور") من أجل الاستيلاء على "صور" وكان ذلك ( 511 هـ / 1117م ) .
8-في ( عام 512 هـ / 1118م ) قصد " مصر" واستولى على "الفرما" ثم بعد أكله السمك من بحيرة "المنزله" عاد ومات في الطريق في "العريش" ودفن في "الجلجلة" قرب كنيسة "القيامة" بــ"القدس" ، وقبل وفاته كان قد راسل أخاه " يوستاس" يدعوه للقدوم من أوربا ليخلفه في حكم "بيت المقدس" لكنه لم يتحرك بسرعة . 

ثالثاً – مملكة "بيت المقدس" في عهد " بلدوين دي بورغ" ( بلدوين الثاني )
( 512 – 526 هـ /  1118 – 1131م ) :
عندما كان"بلدوين دي بورغ" في طريقه من "الرها"إلى "القدس"للحج ،علم بوفاة "بلدوين دي بولليون" وأثناء دخوله إلى "القدس" دخلت جنازة "بلدوين الأول" إلى المدينة أيضاً ، فتمكن "بلدوين دي بورغ" من استلام حكم مملكة "بيت المقدس" بمساعدة "جوسلين" حاكم "طبرية" وتوج في "بيت لحم" وصار يعرف بـاسم "بلدوين الثاني" ، وعندما علم "يوستاس" أخو "بلدوين الأول" بما جرى توقف عن متابعة مسيره وعاد من حيث أتى . 

وقام " بلدوين الثاني" بعد توليه الحكم بعدة أعمال هي :
1-أسس منظمة فرسان "الداوية" .
2-أحبط المخاطر العسكرية التي تعرضت لها مملكته من جهة "مصر" .
3-بعد قتل "روجر الإنطاكي" حاكم "إنطاكية" في موقعة "ساحة الدم" (دانيث) على يد "ايلغازي " حاكم "حلب" الأرتقي ( عام 513هـ / 1119م ) توجه "بلدوين الثاني" مع كونت "طرابلس" للدفاع عن "إنطاكية" و وضعها تحت وصايته .
4-تدخل لإنقاذ "جوسلين" حاكم "الرها" الذي وقع في أسر " بلك بن بهرام بن أرتق" ، لكن "بلدوين الثاني" وقع في أسر " بلك بن بهرام" أيضاً وسجن الاثنان في قلعة "خرتبرت" (زياد) وأديرت أمور مملكة "بيت المقدس" من قبل باروناتها بالتعاون مع البطريرك . ثم أطلق"تمرتاش بن ايلغازي بن أرتق" سراح "بلدوين الثاني" ( سنة 518 هـ / 1124م ) مقابل دفع مبلغ من المال وتسليم بعض الحصون و وضع بعض الرهائن منهم ابنة وابن " جوسلين " وأبناء بعض النبلاء الصليبين ، لكن "بلدوين الثاني " بعد إطلاق سراحه أخلف بوعده بحجة أن البطريرك أمره بذلك ، ثم حاصر"حلب" مع " دبيس بن صدقة" و"إبراهيم بن رضوان بن تتش"  وقد أخفق " بلدوين الثاني" وانسحب إلى "إنطاكية" ثم عاد إلى "القدس" بعد غياب دام أكثر من ثلاثة أعوام .
5-بعد عودته إلى "القدس" قام ببعض التنظيمات الإدارية و العسكرية للدفاع عن مملكته ضدالقوات الفاطمية وقوات "دمشق" وضد "حلب" و "الموصل" ، كما انشغل في الدفاع عن "إنطاكية" وتسوية مشاكلها الداخلية .
وأخيراً مرض " بلدوين الثاني " ومات ( عام 526هـ / 1131م )  .

رابعاً – مملكة "بيت المقدس" في عهد " فولك الآنجوي" ( 526- 538هـ / 1131 – 1143م ) :
لم ينجب "بلدوين الثاني" ولداً ذكراً بل كان عنده أربع بنات من زوجته الأرمنية " مورافيا" لذلك طلب من ملك "فرنسة" "لويس السابع" ترشيح واحد من النبلاء كي يزوجه من ابنته الكبرى "ميليساثد" ليكون خليفته على مملكة "بيت المقدس" و وقع الاختيار على "فولك آنجوي" الذي وصل إلى "القدس" ( عام 520هـ/ 1126م ) وتزوج من "ميليساثد" وأنجبت له ولدين هما "بلدوين الثالث" و"عموري الأول" . 

لم تشهد أيام "فولك" انجازات لصالح مملكة "بيت المقدس" بسبب نشاطات "عماد الدين الزنكي" الذي صرف جهوده نحو "الرها" بعدما أخفق أمام "دمشق" وشهدت أيام حكم "فولك" مشاكل كنسية كثيرة وفي ( سنة 538هـ/ 1143م ) سقط "فولك" عن جواده ومات وأعلن بعده " بلدوين الثالث" ملكاً . 
 خامساً – مملكة "بيت المقدس" في عهد "بلدوين الثالث" ( 538 – 558 هـ / 1143 – 1162م ) :  
جرى تتويج "بلدوين الثالث" بعد وفاة والده بالاشتراك مع أمه "ميليساثد" كوصية عليه وجرت في عهده عدة أحداث نذكر منها : 

1- بعد وفاة "عماد الدين زنكي" واستلام ابنه "نور الدين محمود" حكم "حلب" أراد الصليبيون الاستيلاء على "دمشق" وقد تآمر معهم "التونتاش" حاكم "بصرى" و"صلخد" الأرمني ، لكنهم فشلوا في الاستيلاء على "بصرى" و"صلخد" والتقدم بعد ذلك إلى "دمشق" . 

2- في عهد "بلدوين الثالث" جاءت الحملة الصليبية الثانية إلى "بلاد الشام" لاستعادت إمارة "الرها" التي استردها " عماد الدين زنكي" من الصليبين (عام 539هـ / 1144م ) ،لكن الحملة توجهت إلى مملكة "بيت المقدس" ولم تتوجه إلى "الرها" بسبب الصعوبات التي تعرضت لها في آسيا الصغرى ، وتم الاتفاق بين "بلدوين الثالث " والصليبين في "عكا" على مهاجمة "دمشق" وفعلاً تمّ حصار "دمشق" ولكن دون فائدة وعاد الصليبيون إلى "القدس" خائبين .

3-أراد "بلدوين" أن يتخلص من وصاية أمه عليه لذلك صمم في عيد الفصح (عام 546هـ/1151م) على تتويج نفسه متفرداً دون أمه التي طالبها بعزل نفسها لكنها رفضت واعتصمت في " برج داوود" ثم تمّ التوصل إلى تسوية قضت أن تأخذ الأم "القدس" و" نابلس" وأن يأخذ " بلدوين" "صور" و" عكا" ولكن لم يدم الاتفاق طويلاً حيث قبض "بلدوين" على أمه وأجبرها على التخلي عن "القدس" له و اقتنعت بإقطاعها مدينة " نابلس" .

4-بعد فشل الحملة الصليبية الثانية أخذ حكام الدولة "البورية" في "دمشق" يتحالفون مع الصليبين ضد "نورالدين" الذي ازدادت مكانته إلى أن تمكن من دخول "دمشق"(عام 549هـ/ 1154م ) ، وبذلك تكون " دمشق" قد تحولت من موقف المهادن للصليبين إلى قاعدة للجهاد ضدهم . 

5-حاول "بلدوين الثالث" أن يشغل " نور الدين" في الشمال في بقايا كونتية "الرها" وفي إمارة "إنطاكية" ، لكنه أخفق وعاد إلى "القدس" ، وتوقف في "طرابلس" لحل مشاكلها لا سيما النزاع بين كونت "طرابلس" "ريموند الثاني" وزوجته أخت الملة "ميليساثد" وأخفقت مساعي الملك وأمه وجاء الحل باغتيال "ريموند الثاني" على يد "الحشيشة " لذلك أدى نبلاء كونتية "طرابلس" يمين الولاء لأرملة "ريموند الثاني" بناءً على أوامر الملك " بلدوين الثالث" لأنها خالته . 

6-في عهده سقطت "عسقلان" بيد الصليبين .   

7-ذهب "بلدوين الثالث" إلى"إنطاكية" ورتب أمورها لأن أهل "إنطاكية" استنجدوا به بعد أن وقع "أرناط" حاكم "إنطاكية" بيد والي "حلب" التابع لـ"نور الدين محمود"(عام 557هـ/1161م) . 

وأخيراً توفي " بلدوين الثالث" في " بيروت" (عام 558هـ /1163م ) ونقل جثمانه إلى " القدس" . 

سادساً – مملكة " بيت المقدس" في عهد "عموري الأول" ( 558 - 570هـ / 1163 – 1174م ) :
تسلم "عموري الأول بن فولك الآنجوي" حكم مملكة " بيت المقدس" بعد وفاة أخيه " بلدوين الثالث"
( عام 558هـ / 1163م ) وكان "عموري" خصماً شديداً لحرية الكنائس ، وكان جشعاً بشكل لا يليق بملك ، وقد شغل منصب كونت "يافا" ، كما منحه أخوه"بلدوين الثالث" "عسقلان" وتزوج من ابنة كونت "الرها" "جوسلين الثاني" ثم طلقها ، بسبب معارضة بطريرك "القدس" لوجود قرابة بين الملك وزوجته من الدرجة الرابعة تحرم زواجهما .
خلّّّّّّف من زوجته الأولى ابنة اسماها " سيبيلا" ، و ولد هو " بلدوين الرابع" ( المجذوم ) .
وأهم ما يميز حكم "عموري الأول" هو تنافسه مع "نور الدين محمود " على "مصر" وتحالفه مع الإمبراطورية البيزنطية ضد "مصر" . 

أ – التنافس على " مصر" :  
تمثل هذا التنافس بحصول خلاف بين الوزير "شاور السعدي" في الخلافة الفاطمية في "مصر" و والي الصعيد "ضرغام بن ثعلبة" ، حيث تمكن "ضرغام" من الانتصارعلى"شاور" الذي هرب إلى "دمشق" وطلب المساعدة من "نور الدين محمود" لذلك طلب " نور الدين" من "شيركوه" أن يذهب إلى "مصر" ويعيد " شاور" إلى منصبه ، وعندما علم " ضرغام" بذلك طلب المساعدة من "عموري الأول" ، ولكن "شيركوه" سبق "عموري" إلى "القاهرة" وأعاد "شاور" إلى منصبه ، ثم تحصن في " بلبيس" . 

وقد أراد "شاور" التخلص من "شيركوه" لذلك طلب المساعدة من "عموري الأول" الذي حاصر "بلبيس" ثلاثة أشهر ثم اتفق الاثنان على الانسحاب من "مصر" .
فيما بعد تخوف "شاور" من قوات "نور الدين محمود" لذلك راسل "عموري الأول" وطلب منه الحضور إلى "مصر" 

وعلم "نور الدين" بتلك المراسلات ، لذلك أرسل "شيركوه" ومعه ابن أخيه "صلاح الدين" إلى "مصر" ( سنة 562هـ / 1167م ) و وصل "شيركوه" إلى "مصر" وعسكر في "الجيزة" ، بينما عسكر "عموري" تحت أسوار "الفسطاط" ثم عسكر "شيركوه" على مقربة من قوات "عموري" على الضفة المقابلة من النيل ، 

وجرت المواجهة بين الجانبين في مكان يسمى "البابين" انتصر فيه "شيركوه" على "عموري" ، ولكنه لم يكن انتصاراً حاسماً ، وبعد المواجهة زحف "عموري" إلى "القاهرة" وزحف "شيركوه" بقواته إلى "الإسكندرية" ثم ترك "شيركوه" "الإسكندرية" بيد "صلاح الدين" وذهب إلى الصعيد لاستدراج "عموري" إلى هناك ، ولكنه لم يفلح وعرض "شيركوه" على "شاور" التعاون ضد الفرنجة ،

 لكنه رفض ذلك لا بل قتل رسول "شيركوه" ، وبعد ذلك ذهب "شاور" و"عموري" وحاصروا "الإسكندرية" دون فائدة ، كما عاد "شيركوه" إلى "القاهرة" وحاول الاستيلاء عليها ولكن دون فائدة أيضاً ، لذلك ذهب "شيركوه" إلى "الإسكندرية" وجرت بينه وبين "عموري" مفاوضات انتهت بالاتفاق على انسحاب جميع الأطراف من "مصر" بعد تبادل الأسرى والسماح للصليبين بدخول "الإسكندرية" لمشاهدتها وكذلك نقل الجرحى من جيش الشام على سفن الصليبين إلى "عكا" ليسافروا من هناك إلى " دمشق" . 

لم ينسحب الصليبيون من " مصر" مع "عموري الأول" بشكل كامل بل بقي لهم بعض الفرسان هناك   و أخذوا يراسلون "عموري الأول" ويطلبون منه القدوم إلى "مصر" لاحتلالها . 

تذرع "عموري الأول" في تقدمه إلى "مصر" أن "شاور" يراسل "نور الدين" سراً ويطلب منه المساعدة لذلك سارع "عموري" بالتوجه نحو "مصر" ( سنة 564هـ / 1168م ) و وصل إلى "بلبيس" بعد عشرة أيام من الزحف في الصحراء و ارتكب الصليبيون مذبحة رهيبة في "بلبيس" ، ثم زحفوا إلى "القاهرة" وشددوا الحصار عليها .
لذلك استنجد "شاور" والخليفة الفاطمي "العاضد" ( 555 – 567هـ / 1160- 1171م ) بـــ"نور الدين محمود " ،

 كما راسل "شاور" "عموري" وعرض عليه مليون قطعة ذهبية مقابل إطلاق سراح ابنه وابن أخيه و انسحاب القوات من "مصر" وهدده إذا لم يقبل فسوف يحرق "القاهرة"
 ولبى "نور الدين" طلب " شاور" و "الخليفة الفاطمي العاضد " وأرسل " شيركوه" على رأس خمسة آلاف من الرجال و ألفين من الفرسان . 

عندما علم "عموري" بذلك تراجع إلى الصحراء لملاقاة " شيركوه" ، وفي الوقت الذي توغل فيه "عموري" في الصحراء علم أن "شيركوه" عبر النيل مع قواته ودخل " القاهرة" ، و صار الآن "شيركوه" سيد "مصر" وقتل "شاور" ( عام565هـ / 1169م )  وصارت "مصر" فعلياً من أملاك 

" ور الدين محمود" ، وتوفي " شيركوه" بعد شهرين من توليه الوزارة ( سنة 565هـ / 1169م ) ، فاستدعى الخليفة "العاضد" "صلاح الدين" وعينه وزيراً مكان عمه "أسد الدين شركوه" . 

ب- التحالف البيزنطي الصليبي :
تمثل التحالف البيزنطي بالحملة على "دمياط" حيث اتفق الملك"عموري الأول و الإمبراطور البيزنطي "مانويل كومنيين"(1143- 1180م ) بالهجوم على "مصر" واقتسامها مناصفة وبناءً عليه توجهت القوات البيزنطية بقيادة "أندرو نيبوس" نحو " دمياط" للاستيلاء عليها والزحف منها نحو "القاهرة" لكن "دمياط" نجحت بفضل ما بذله "صلاح الدين" من جهود للدفاع عنها ولانعدام التعاون المخلص بين الصليبين والبيزنطيين . 

وقد انسحب الأسطول البيزنطي وعاد إلى بلاده وفي الطريق تعرض لعاصفة ففقد عدداً كبيراً من السفن، وبعد ذلك انسحب "عموري الأول" بعد حصار دام شهرين ثم ذهب إلى " القسطنطينية " وجدد الاتفاقية مع " مانويل كومنيين" من أجل شن حملة جديدة على " مصر" ، لكن الأيام لم تسعفه للقيام بذلك . 

طلب " نورالدين" من " صلاح الدين" القضاء على الخلافة الفاطمية والاستعداد لحشد قوى "مصر" وضمها إلى قوى " بلاد الشام" من أجل تحرير "القدس" وطلب منه الالتقاء عند حصن "الكرك" لمحاصرته ، لكن "صلاح الدين" اعتذر بعد تردده لخوفه من "نور الدين" ،لذلك هاجم "بانياس" بنيّة التوجه إلى "دمشق" لكنه فشل في أخذ "بانياس" بعد أسبوعين من الحصار . 

أما بالنسبة للملك "عموري الأول" فقد مرض في طريق عودته من "القسطنطينية" ومات قبل وصوله إلى "القدس" ودفن في "الجلجلة " قرب كنيسة القيامة . 

سابعاً – مملكة " بيت المقدس" في عهد " بلدوين الرابع" ( المجذوم ) ( 570-579هـ / 1174- 1183م ) :
حين توفي "عموري الأول" كان ابنه "بلدوين الرابع" غلاماً صغيراً ومصاباً بالجذام ، وقد توّج في كنيسة "قبر الرب" في اليوم الرابع بعد وفاة والده.
وبسبب صغر سن الملك فقد عهد إلى "ميلون دي بلانسي" حاكم قلعة "الكرك" بالمسؤولية ، لذلك استغل "ريموند الثالث" صاحب "طرابلس" (1146-1187م ) ذلك 

وجاء إلى "القدس" وطلب الوصاية على "بلدوين الرابع" لقرابته ولمركزه وغناه ، فوافق "بلدوين الرابع" مع نبلاء المملكة و رجال الكنيسة على تعيين "ريموند الثالث" وصياً على عرش "القدس" ،

 واثر هذا جرى اغتيال "ميلون" في مدينة "عكا" .
ومما ساعد "ريموند الثالث" على التدخل في شؤون "القدس" زواجه من أرملة صاحب "طبريا" وصار بذلك سيداً لـ"طبريا" وممثلاً لجماعة الفرنج الصليبين البلديين ، في حين مثل "أرناط" صاحب "الكرك" جماعة الصليبين الوافدين من أوربا حديثاً .
إن الصراع بين صاحب "الكرك" ( الوافدين ) وصاحب "طرابلس" ( البلديين )جعل " ريموند الثالث" يتقرب من " صلاح الدين" ويتعاون معه . 

وفي عهد " بلدوين الرابع" جرت عدة أحداث نبينها كما يلي :
1-قاد "بلدوين الرابع" قواته وأغار على منطقة "بانياس" و"داريا" و"البقاع" ثم عاد إلى "صور" (عام 571هـ / 1175م ) وقد استغل "بلدوين" انشغال " صلاح الدين" في حروبه ضد "الصالح إسماعيل بن نور الدين " في "حلب" . 

2- وصل إلى ميناء "صيدا" " وليم ذي السيف الطويل" ابن مركيز" مونتفرات" ( عام  572 هـ / 1176م) وتزوج من"سيبيلا" ابنة"عموري الأول" واقتطع مع زوجته مدينتي"يافا" و"عسقلان"  مع توابعهما ، وتوفي بعد ثلاثة أشهر من زواجه إثرإصابته بمرض خطير وترك زوجته حاملاً . 

3-وصل إلى "عكا" فيليب" كونت "فلاندرز" (عام 573هـ / 1177م ) وكلف بجميع لسلطات مع إدارة المملكة بأكملها لأن "بلدوين" كان مريضاً لكنه تظاهر برفض العرض ، فطلب الملك منه قيادة حملة إلى "مصر" وجرى إعدادها بالتعاون مع "بيزنطة" ورفض "فيليب" أيضاً ، فعين الملك "أرناط" لقيادة الحملة فعارض "فيليب" وأعلن عن نواياه في أن يصبح ملكاً على "القدس" وعلى "مصر" في حال الاستيلاء عليها ، وأن يرشح هو من يرضاه للزواج من ابنتي "عموري الأول" "سيبيلا" الأرملة و"إيزابيلا" ، ولم يوافق على طلبه لذلك فشل مشروع الحملة على "مصر" وانسحب الكونت عائداً إلى "إنطاكية" . 

4-   انتصر "بلدوين الرابع" على " صلاح الدين" عند " تل الصافية" جنوب شرق "الرملة" . 

5-   سعت مملكة "بيت المقدس" إلى إكمال مشروع خط  دفاعي عنها تمثّل أولاً بــ"تبنين" و"صفد" ثم بمحاولة بناء قلعة على "مخاضة يعقوب" أو "مخاضة بيت الأحزان" .  

6-   انتصر " صلاح الدين" على الجيش الصليبي الذي قاده الملك عند "بانياس" حيث هرب الملك وقتل من جيشه أعداد كبيرة . 

7-   حاصر " صلاح الدين" حصن " بيت الأحزان" واستولى عليه عنوة وتمّ أسر عدد كبير من الصليبين وتحرير أكثر من مئة أسير مسلم ولم يغادر "صلاح الدين" الحصن حتى هدمه وكان ذلك ( عام 575هـ/ 1179م ) . 

8-   ضغط "صلاح الدين" على الممتلكات الصليبية الساحلية وحقق عدة انتصارات مما أرغم "بلدوين الرابع" على طلب الهدنة ( عام 576هـ / 1180م ) وبعد ذلك كثف " صلاح الدين" غاراته على ممتلكات كونتية "طرابلس" لذلك ناشده "ريموند الثالث" وعقد معه هدنة . 

9-   زوّج الملك أخته "سيبيلا" من "غي لوز نيان بن هيو" دوق أبراشية " بواتييه" في " فرنسة" ، وزوج أخته الثانية "إيزابيلا" من "همثري الثالث" سيد " تبنين" .   

 10- في (عام 579هـ / 1183م ) اشتد مرض " بلدوين الرابع" وطلب منه التنازل عن منصبه   الملكي لكنه رفض ذلك وعين "غي لوزنيان" صهره وصياً على المملكة واحتفظ لنفسه بمدينة "القدس" مع عائدات سنوية قيمتها (10)آلاف قطعة ذهبية ، ولكن "غي" برهن على عدم كفاءته وقدرته لذلك قرر " بلدوين" إلغاء ما عهد به إليه 

وأراد إرغامه على طلاق أخته وعين "بلدوين الخامس بن سيبيلا" ملكاً على "القدس" وكان دون الخامسة من عمره ، وتمّ تتويجه في كنيسة القيامة ، وعهد " بلدوين الرابع" إلى خاله "جوسلين" بشؤون رعاية الملك الطفل ، وقد تفجر العداء بشكل ملحوظ بين " بلدوين الرابع" و" غي" الذي  فرّ إلى "عسقلان" مع زوجته التي رفض أن يطلقها وعهد الملك " بلدوين الرابع" إلى كونت " طرابلس" " ريموند الثالث" برعاية المملكة و إدارتها .  


ثامناً – مملكة " بيت المقدس" في عهد " بلدوين الخامس" ( 579 – 582هـ / 1183- 1186م ) :
لم يعمر " بلدوين الرابع" بعد تتويج " بلدوين الخامس" ومات في (عام 581هـ / 1185م ) ، وعقد "ريموند الثالث" هدنة لمدة عام مع "صلاح اليدين" وقدم المسلمون الكثير من الأغذية و المؤن إلى الصليبين . 
وفي (عام 582هـ / 1186م ) مات " بلدوين الخامس" في "عكا" ، وبعد وفاته قام "جوسلين" بانقلاب ضد "ريموند الثالث" و أبعده إلى "طبريا" . 

تاسعاً – مملكة "بيت المقدس"في عهد"غي"(582-583هـ/1186–1187م):
بعد دفن" بلدوين الخامس" توّج البطريرك "هرقل" بطريرك "القدس""سيبيلا" ملكة على مملكة " بيت المقدس" وقامت بدورها بوضع التاج على رأس زوجها "غي" .
دعا " ريموند الثالث" البارونات إلى تتويج "إيزابيلا" وزوجها "همثري" ومن ثم الزحف إلى "القدس" والاستيلاء عليها ، لكن "همثري" آثر السلامة ، وهرب ليلاً إلى "القدس" ، وقدم يمين الولاء إلى "سيبيلا" و زوجها "غي" . 

وعزم "غي" على حشد جيش ومهاجمة "طبريا" لإرغام " ريموند الثالث" على تقديم يمين الولاء له ، لذلك قام "ريموند الثالث" بمراسلة " صلاح الدين" و وضع نفسه تحت حمايته ، فأرسل " صلاح الدين" قوة عسكرية إلى "طبريا" ، وكانت هذه فرصة ممتازة لــ" صلاح الدين" لدراسة أوضاع المنطقة لأنه كان قد اقترب من توحيد "بلاد الشام" و"الجزيرة" و"مصر" ويستعد لمحاربة الصليبين 

وكان "أرناط" صاحب "الكرك" قد أرسل أسطولاً عبر البحر الأحمر( عام 579هـ/ 1183م ) لمهاجمة  "المدينة المنورة" ونبش قبر الرسول عليه الصلاة والسلام و التوجه من هناك إلى "مكة المكرمة" في موسم الحج لقتل الحجاج وتدمير الكعبة ، فكلف "صلاح الدين" أخاه "العادل" بتعقب أسطول الصليبين وتدميره فتمّ له ذلك . 

وبعد تتويج "غي لوز نيان" هاجم "أرناط" قافلة متوجهة من "مصر" إلى "دمشق" فنهبها و أسر إحدى قريبات " صلاح الدين" لذلك حشد " صلاح الدين" قواته في صيف ( سنة 583هـ / 1187م ) وتوجه نحو "طبريا" و انتصر على الصليبين في " الناصرة" .
وإثر انتصار " صلاح الدين" على الصليبين في " الناصرة" تصالحوا جميعاً للوقوف في وجه "صلاح الدين" ، لكن " صلاح الدين" انتصر عليهم جميعاً في معركة "حطين" ، وأسر الملك "غي" و "أرناط" وهرب " ريموند الثالث" إلى "طرابلس" ليموت هناك بعد وقت قصير . 

عاشراً – الحياة الاجتماعية عند الصليبين :
شارك في الحملة الصليبية لأولى العامة و الفرسان و النبلاء الإقطاعيين و رجال الدين وبعد نجاح الحملة الأولى بالاستيلاء على "القدس" استقر قسم من أفرادها في "القدس" وفشلوا في إنشاء مجتمع واحد قائم على الدين ، كذلك لم يستطيعوا إنشاء لغة تخاطب واحدة وذلك لأن كثير من الصليبين لم يستقروا في "القدس" بشكل دائم . 
 
وإن سيل القادمين من الغرب لم يتوقف لا بل ترافق ذلك مع دخول " السريان" إلى "المدينة" بالإضافة إلى قدوم عناصر مسيحية أخرى من "أرمينيا" و"جورجيا" ومن "النوبة" و"أثيوبيا" ، وجلب هؤلاء معهم عقائدهم و كنائسهم ، ولذلك لم تتوافر الوحدة الكنائسية ( الكنيسة ) الدينية في المملكة اللاتينية . 

إن ظهور المقاومة للاحتلال الصليبي أرغم هؤلاء الصليبين على العيش ضمن أماكن دفاعية حصينة ، وبذلك اقتصرت العلاقة بين المسلمين و الصليبين على بعض الاتصالات الرسمية ، حيث التزم العرب والمسلمون بشكل عام بمقاطعة الصليبين و مقاطعة الذين جربوا التعامل معهم .  

كانت فئة المعدمين أرز فئات الصليبين و أقواها وهم الذين استجابوا لدعوة البابا "أوربان الثاني" في مجمع "كليرمونت" عن طريق الداعية " بطرس الناسك" وقد استهدف هؤلاء من وراء الحملة الصليبية ليس الحج فقط بل البقاء في "القدس" لتحويلها إلى مدينة صليبية ، وكان هؤلاء هم الذين هزموا جيوش المسلمين عند "إنطاكية" ، وهم الذين دمروا "معرة النعمان" وأسهموا في إبادة سكان "القدس" ، وشكلوا عصابة ضارية(قوية) وكانوا فقراء يلبسون ثياباً مهلهلة من الخيش ، يعيشون على النباتات والأعشاب ،  يستخدمون الهراوات المثقلة بالرصاص و العصي المدببة و السكاكين و البلط وغيرها . 

وبعد انقضاء عهد"غودفري" بدأت تظهر قوى اجتماعية جديدة كان أبرزها فرسان الداوية والاسبتارية . 
ومع نجاح الحملة الصليبية الأولى تعاظمت حركة المواصلات البحرية التي تولاها بشكل رئيسي الإيطاليون من "جنوة" و"بيزا" و"البندقية" و"آمالفي" واختص هؤلاء بأحياء خاصة بهم ولا سيما في المدن الساحلية وتمتعوا بامتيازات واسعة .
كما سكن "السريان" بحي كبير في "القدس" ولم يمارسوا الأعمال العسكرية وإنما مارسوا نشاطاتهم الحرفية و الخدمية في عدة شوارع ولم يقوموا بالتمازج مع الأوربيين وكانت عواطفهم و اقتصادياتهم دائماً مع المسلمين . 

واشتكى "وليم الصوري" من رجال عصره بأنهم جيل شرير و أبناء آثمون مزيفون للعقيدة المسيحية ، وأن أخلاقهم غير جيدة على الإطلاق ، و أوضح "جاك دي فيتري" (أسقف عكا ) أن "القدس" وبقية الممتلكات الصليبية صارت وكراً للمجرمين والآثمين واللصوص وقطاع الطرق والقتلة والزناة والخونة وكانت السلطة غير فعّالة أو رادعة .
وبشكل عام يمكن القول بأن الصليبين كانوا همجاً بعيدين عن الحضارة و التسامح والنظافة في المأكل 

و الملبس والجسد ، وكان الطب عندهم شعوذة و بتر ، وأن الذي حافظ على الوجود الصليبي هو طوق المؤسسة العسكرية لذلك عندما أمكن تدمير هذه المؤسسة انهار الكيان كله لأنه لم يملك المقومات الاجتماعية .   
كما كان الصليبيون يقيمون عدداً من الاحتفالات الدينية وغير الدينية مع مباريات للمبارزة وكان عندهم احتفال سنوي يقومون به في ذكرى احتلالهم " القدس" ( 15 تموز) فيوزعون الصدقات و يزورون قبور موتاهم الذين سقطوا أثناء اجتياح " القدس" .
وقد وصف "أسامة بن منقذ" واحداً من أعياد الصليبين حيث خرج الفرسان يلعبون بالرماح وخرج معهم عجوزان أوقفوهما في رأس الميدان وتركا في رأسه الآخر خنزيراً و سابقوا بين العجوزين ، ولكل عجوز سرية من الخيالة تشجعها ، والعجائز يقمنّ ويقعنّ على كل خطوة وهم يضحكون حتى سقطت واحدة منهّن فأخذ الخنزير يسبقها .
وكان الأغنياء يقيمون احتفالات كبيرة بمناسبة الأعراس ، 

وقد ترك "ابن جبير" وصفاً لزفاف شاهده حيث اصطف الناس أمام بيت العروس و الموسيقى تعزف ، ثم خرجت العروس في أبهى زي وأفخر لباس يمسكها رجلين من يمين وشمال وهم من أقاربها ، ويمشي أمامها الرجال وخلفها النساء ، يمشون حتى يدخلونها دار زوجها و كانوا يقيمون وليمة بتلك المناسبة . 

وقد تأثر كثير من الصليبين بعض عادات المسلمين وصاروا يدخلون إلى الحمامات و يحلقون شعورهم و يلبسون الملابس العربية و يطهون الأطعمة وفق لطرائق العربية و يعتنون بالنظافة .

ولكن سيطرة التعصب الديني و رجال اللاهوت وعدوانية الأوضاع حالت دون الانفتاح الحضاري وتغير العقلية لذلك ظل الصليبيون يعيشون في عزلة في القلاع و المدن الحصينة ولم يعمّر الصليبيون لا كنائس ولا قصور ولا قلاع و المنشآت التي تعود إلى تلك الحقبة غالباً ما كانت موجودة قبل قدوم الصليبين إلى المشرق العربي الإسلامي .

ومع مرور الزمن بات هناك جيلان من الصليبين :
الجيل الأول : وهم الذين تبلدوا ( صاروا من أهل البلد ) من بين الصليبين و صاروا يعرفون باسم "البوليان" .
الجيل الثاني : وهم البحريون أو الوافدون الذين عرفوا باسم "البوتيفين" .
والبوليان : هم أولاد الجيل الصليبي الأول إنما من زوجات أوربيات ، ونشأ هؤلاء في ترف و رفاهية و كانوا معتادين على الحمامات أكثر من اعتيادهم على المعارك أقاموا معاهدات مع المسلمين وعندما كانوا يتخاصمون مع بعضهم كانوا يستنجدون بالمسلمين .
كما كانوا يشكون بزوجاتهم و يغارون عليهنّ ويمنعوهنّ من زيارة الكنائس . 

كما عاملوا الحجاج بازدراء واستخفاف ، وكانوا يأخذون منهم الأموال مقابل الإسكان و النقل و تبديل العملة لذلك حصلوا على ثروات كبيرة .
وأخيراً انتصر " البحريون" على " البوليان" – وذلك حين تسلم "غي لوزنيان" حكم مملكة " بيت المقدس" و الذي كان من البحريين - .
وسرعان ما حّل الدمار بالصليبين في "حطين" ( عام 583هـ / 1187م ) وبذلك زالت مملكة "القدس" اللاتينية . 

وهنا لا بد من الإشارة أن الجيل الثاني من الصليبين يختلف عن الجيل الأول ولا سيما في مسألة الاعتياد على ارتياد الحمامات ، و الموقف من المرأة ، فليس عندهم شيء من النخوة و الغيرة مثال على ذلك الرجل الذي وجد رجلاً آخر مع امرأته في الفراش فاكتفى بأن قال له : " وحق ديني إن عدت إلى هذا تخاصمت معك " .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن العمارة الإسلامية في العصر الأيوبي في مصر وبلاد الشام

العمارة الأيوبية في مصر وبلاد الشام اعتنى الأيوبيون ببناء المساجد والمدارس و الخانقاهات ، كما اهتموا ببناء القلاع و تحصين المدن بالأسوار و الأبراج الدفاعية ، بسبب حالة الحرب بينهم وبين الصليبين ، ويمكننا اعتبار فن التحصين في العمارة الأيوبية نهاية مراحل التطور في هذا المجال إذ لم يظهر أي تجديد ملحوظ في العهود اللاحقة ، فالمنشآت الأيوبية العسكرية نموذج لأرقى ما وصل إليه هذا الفن على المستوى العالمي ، وليس على نطاق الحضارة الإسلامية   فقط ، يمكننا أن نوجز أهم خصائص العمارة الأيوبية في ما يلي : 1-    التقشف وعدم الإسراف في الزخرفة ، بسبب الحرب مع الصليبين 0 2-    القوة وإتقان التخطيط والبناء ، ودقة النسب ، مع ضخامة المنشآت بالنسبة للعصور السابقة 0 3-    الاعتماد على الحجر المنحوت بأبعاد كبيرة كمادة أساسية في الواجهات و الأعمدة وتيجانها ، وأحياناً في القباب والأقبية 0 4-    ظهورالأروقة بالإضافة إلى الأواوين في المدارس وخاصة في حلب ، وهذا تطور جديد لم يستعمل من قبل . 5-    اعتماد التسقيف على القباب لدر...

فن العمارة الإسلامية في العصر المملوكي والعثماني

العمارة في العصر المملوكي والعثماني أولاً – العمارة في العصر المملوكي : ظهرت في هذا العصر في القاهرة منشأت معمارية ضخمة ، هي أشبه بالمجمعات التي تمتاز بمساحتها الكبيرة وارتفاعاتها الشاهقة ، وتتألف غالباً من مدرسة وتربة وبيمارستان ، وتضم أحياناً سبيلاً وكتاباً أيضا ، ونذكر منها على سبيل المثال :  مجموعة السلطان قلاوون ،  مدرسة وخانقاه الأشرف برسباي ،  مدرسة ومسجد قايتباي ،    بينما لم   تشيد في بلاد الشام أبنية ضخمة ، بل كانت منشأت هذا العصر ، أصغر من منشأت العصور السابقة ، وسنقصر حديثنا على منشأت العصر المملوكي في بلاد الشام  تميزت منشأت هذا العصر في بلاد الشام بما يلي : 1- استمر الشكل التقليدي للمسجد : صحن جنوبيه القبلية وتحيط به أروقة من الشرق والغرب والشمال في معظم المساجد التي أنشئت في حلب وكذلك المدارس ، إذ صارت المدارس تستعمل كمساجد أيضا في هذا العصر ، أما في دمشق فقد ألغي الصحن في بعض المساجد والمدارس وسقفت في بعضها الآخر . 2- تفتح أبواب المنشآت ضمن إيوان سقفه في معظمها نصف ...

تاريخ أوربا في العصور الوسطى المحاضرة الأولى

تاريخ أوربة في العصور الوسطى المحاضرة الأولى          - يطلق اصطلاح العصور الوسطى على الفترة الزمنية التي تمتد من القرن الرابع الميلادي إلى القرن السادس عشر الميلادي . واختلف المؤرخين حول تحديد بداية العصورالوسطى ونهايتها، فبعضهم يرى أن بداية العصورالوسطى (سنة 476 م) وهو تاريخ سقوط "روما" بأيدي "البرابرة الجرمان" والبعض من يعتبر العصورالوسطى ( سنة 330 م ) وهو تاريخ بناء مدينة " القسطنطينية" ، والبعض أيضاً يعتبر ( سنة 395 م ) بداية العصورالوسطى وفي هذا التاريخ انقسمت فيه الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين شرقي وغربي ، والبعض الآخر من يحدد بداية العصور الوسطى مع انتشار " المسيحية" ، والبعض الآخر يعتبر فترة "الغارات البربرية" و تشكل " الممالك الجرمانية " هو بداية العصور الوسطى . أما نهاية العصور الوسطى فيحددها البعض بـ( سنة 1453 م ) وهو تاريخ سقوط بيزنطة بأيدي الأتراك العثمانيين . وأيضاً يحدد البعض نهاية العصور الوسطى ب( سنة 1492 م ) تاريخ اكتشاف"أمريكا" ، والبعض من يحدد نهاية العصور الوسطى في ...