التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فن العمارة الإسلامية في عصر المرابطين والموحدين

العمارة في عصر المرابطين و الموحدين :
تأثرت العمارة عند المرابطين و الموحدين بفنون العمارة الأندلسية ، مع تأثيرات مشرقية ، و أهم ما يميز العمارة في هذه الفترة  :
1-   صفوف الأقواس س الحاملة للسقف عمودية على جدار القبلة ، كما رأينا في جامع عقبة بن نافع في القيروان ، وفي جامع قرطبة الكبير 0
2-   وجود المجاز القاطع الذي يصل بين الباب الرئيسي للقبلية و المحراب ، مع تميز الأقواس الحاملة لسقفه عن بقية الأقواس بزخرفتها و تنوعها وكون سقفه أعلى من بقية سقوف القبلية .
3-   وجود القبة فوق المحراب التي تتشكل من أقواس متقاطعة فيها حشوات جصية مزخرفة أو تكون خشبية من الداخل ، هرمية الشكل ، يغطي سطحها الخارجي القرميد 0
4-   الأقواس حدوة الفرس الدائري أو المدبب أو المفصصة ، وغالبا ما تكون كثيرة الفصوص 0
5-   تستند القواس غالبا على دعامات آجرية يختلف شكلها حسب عدد الأقواس التي تستند إليها 0
6-   الصحن صغير تحيط به أروقة 0
7-   المآذن ذات مقطع مربع 0
8-   استخدام الفسيفساء الخزفية في الزخرفة على شكل لوحات في واجهات المباني أو المآذن ، مع استمرار الزخرفة بالنقش على الجص ( نقش حديدة ) ، ولقد بلغت النقوش الجصية أرقى مستوى لها في العمارة المرابطية 0
9-    اعتمدت المواضيع الزخرفية على الأشكال الهندسية والعروق النباتية و الأشرطة الكتابية التي اعتمدت بشك رئيسي على الخط الكوفي  ، كما ظهر خط الثلث و استعمل للمرة الأولى في جامع تلمسان .
آ- العمارة المرابطية :
وجه المرابطين عنايتهم لبناء المساجد ولا سيما في المدن التي أنشؤوها كمدينتي  مراكش و تلمسان 0
1- جامع تلمسان:
بدئ بإنشائه  مع تأسيس مدينة تلمسان غربي الجزائر من قبل " يوسف بن تاشفين" ( عام 574هـ )  ،  و أتم ابنه "علي" بناء الجامع و زخرفته ( عام 530 هـ )0
تتألف القبلية من ( 6 مجازات) ، في كل منها( 13 فتحة) ، تشكل الفتحة الوسطى منها المجاز القاطع ، يستند سقف المجاز القاطع إلى صفين من الأقواس حدوة الفرس المدبب ، والأقواس المفصصة ، وقد جعلت الأقواس من نوع حدوة الفرس المدبب لأن سقف المجاز أعلى من بقية سقوف القبلية ـ يستند سقف القبلية إلى( 12 صف) من الأقواس حدوة الفرس الدائري العمودية على جدار القبلية ، و تستند الأقواس إلى دعامات آجرية يختلف شكلها حسب عدد الأقواس التي تستند إليها : قوسان ( الدعامة مربعة أو مستطيلة ) ، ثلاثة أقواس ( الدعامة ذات ثلاث رؤوس ) ، أربعة أقواس ( مصلبة )  .
فوق المحراب قبة تتشكل من تقاطع (12 زوجاً) من الأقواس ، وتملا الزخارف الجصية ( نقش الحديدة) الحشوات بين الأقواس ،  و في القمة قبة صغيرة مقرنصة  ،  سطح القبة من الخارج هرمي مكسو بالقرمود ، وهذه القبة تشبه قباب جامع قرطبة 0
وفي عصرالدولة الزيانية أضيفت قبة أخرى للمجاز القاطع مقابلة لقبة المحراب ، كما أضيفت المئذنة ، وجعلت مربعة كالمآذن المغربية ، و أضيفت أروقة حول الصحن فصار صغيراً 0
محراب جامع تلمسان كمحراب جامع فرطبة ، مضلع يتقدمه قوس حدوة الفرس الدائري يتناوب فيه اللونان الأحمر و الأبيض ، وتزين واجهته الزخارف الجصية وكتابات بالخط الكوفي ، وخط الثلث الذي استعمل هنا و للمرة الأولى في المغرب العربي 0
2-  جامع القرويين بفاس :
أنشأته ( عام5 24هـ ) أختان قدمتا على فاس مهاجرتين من "القيروان" ، وسعه "علي بن يوسف بن تاشفين" ( سنة 530 هـ ) ، ثم وسع للمرة الأخيرة في عصر "السعديين" ( عام 1034هـ ) 0
تتألف القبلية الحالية من( 10 مجازات) موازية لجدار القبلة في كل منها ( 21 فتحة ) ، وهناك مجاز قاطع يصل بين الباب الأوسط للقبلية و المحراب 0
السقف جمالونات مكسوة من الخارج بالقرمود الأخضر ،  تستند على ( 10صفوف) من الأقواس موازية لجدار القبلية و إلى جدار القبلة ، يتعامد معها صفان من الأقواس يحملان المجاز القاطع 0
 تستند الأقواس إلى دعامات مربعة ، أما أقواس المجاز القاطع فتستند إلى دعامات مصلبة لأن كل دعامة تحمل ( 4 أقواس) تغطي المجاز القاطع قباب و أقبية غنية بالمقرنصات والزخارف الجصية 0
تحيط بالصحن ( 3  أروقة ) في الشرق والغرب والشمال .
 المئذنة مربعة تحتل جزء من الرواق الغربي 0

ب- العمارة الموحدية :
بقي من المنشآت الموحدية عدد من المساجد الكبيرة التي شيدوها في "الرباط" و" مراكش" و"اشبيلية" و" تنمال" 0
1- جامع تنمال :
بناه الخليفة الموحدي "عبد المؤمن بن علي" (عام 548هـ) في مدينة " تنمال" بجبال الأطلس 0
تتألف القبلية من( 5 مجازات) في كل منها( 9 فتحات) ، تشكل الفتحات الوسطى مجازاً قاطعاً و هي اعرض من الفتحات المجاورة ، يستند السقف إلى أقواس حدوة الفرس المدبب عمودية على جدارالقبلية ، وصف من الاقواس المفصصة مواز لجدار القبلة ، تستند القواس إلى دعامات آجرية ، فوق المحراب قبة وعلى جانبيها في كل ركن قبة ، كما رأينا في العمارة الفاطمية في كل من "الجامع الأزهر" و " جامع الحاكم" بـ"القاهرة" 0
المحراب مضلع قوسه حدوة الفرس المدبب ، و زينت واجهته بأقواس مفصصة و زخارف جصية ، على يمين المحراب غرفة المنبر وعلى يساره غرفة الإمام و لها باب إلى خارج المسجد 0
 ترتفع المئذنة فوق المحراب والغرفتين التي على جانبيه وهي على شكل برج مربع كالمآذن المغربية0
على جانبي الصحن رواقان  وللمسجد باب شمالي و( 3 أبوا ب) في كل من الشرق و الغرب 0
2- جامع الكتبية في مراكش :
بناه " عبد المؤمن بن علي" ( عام 541هـ ) ، ثم هدم بسبب انحرافه عن القبلة ، وأعيد بناءه و أصبح كما هو اليوم ، و ذلك في أيام " يعقوب المنصور" حولي ( عام 592هـ ) ، وهذا الجامع من أهم المنشآت الموحدية 0
تتألف القبلية من (7 مجازات) في كل منها( 17 فتحة) ، تشكل الوسطى منها المجاز القاطع 0
يستند السقف إلى أقواس حدوة الفرس المدبب عمودية على جدار القبلية تستند إلى دعامات ، وهناك صف من الأقٌواس المفصصة متعامد مع هذه الاقواس و مواز لجدار القبلة ويحدد مجاز المحراب ، كما هناك( 6 صفوف) من الأقواس المفصصة موازية لجدار المحراب في الجاز القاطع و الفتحتين على جانبيه ، تحمل قباب خشبة هرمية من الخارج ، و في مجاز المحراب ( 5 قباب ) ، الوسطى  فوق المحراب 0
الصحن صغير تحيط به( 3 أروقة) والمئذنة في الزاوية الشمالية الشرقية من الصحن ، وتعتبر أقدم مآذن الموحدين وأكملها ، يبلغ ( ارتفاعها 67.5 م ) ، و( طول ضلعها 12.80 م) ، فطول ضلعها اكبر من طول ضلع مئذنة "جامع عقبة بالقيروان" ( 10.60م ) ، كما يقارب ارتفاعها ضعف ارتفاع مئذنة جامع  عقبة  ، بنيت المئذنة بالحجارة ، و زخرفت وجوهها بالأقواس المفصصة المتداخلة والمتشابكة ، تتخللها النوافذ للإنارة والتهوية و ينتهي القسم السفلي بشرفات ، الدور الثاني اصغر من الأول و تعلوه قبة صغيرة و يصعد إلى المئذنة بمرقاة ( سطح منحدر ) بدلاً من الدرج 0
3-  مسجد حسان في الرباط :
أسس الموحدون مدينة "الرباط" و أحاطوها بالأسوار وسموها " رباط الفتح" تخليداً لانتصار الأمير
" يعقوب المنصور" على الإسبان في معركة "الأرك" (عام  591 هـ) ، أنشأ " يعقوب المنصور" في مدينة الرباط مسجداً جامعاً كبيراً بلغت أبعاده (180×139 م ) ، ليتسع لألوف الجنود المرابطين ( حكم يعقوب المنصور  580- 595 هـ ) .  
تتألف القبلية من( 21مجازا ً) في كل منها (21 فتحة ) ، تشكل الفتحة الوسطى المجاز القاطع 0
مخطط قبلية " جامع حسان" فريد من نوعه إذ يلي جدار القبلية ( 3 صفوف ) من الاقواس موازية له ، تقطعها أقواس المجاز القاطع ، أما صفوف الأقواس في بقية المجازات فهي عمودية على جدار القبلة ، ولقد انشأ ضمن القبلية صحنان صغيران للإنارة والتهوية يمتدان من الشمال إلى الجنوب ، أما الصحن الرئيسي فهو شمال القبلية تحيط به( 3 أروقة) ، ويتوسط الرواق الشمالي مئذنة مربعة تزينها الاقواس المفصصة والمتقاطعة وهذه المئذنة هي ماتبقى من المسجد ، أم بقية أقسام المسجد فقد تهدمت 0
بنيت المئذنة بالحجر المنحوت ، طول ضلها (16 م ) وارتفاعها( 44 م )  يصعد إليها بمرقاة ( منحدر) تدورحول القسم المركزي المؤلف من( 6غرف) فوق بعضها ، سقفت هذه الغرف بأقباء مختلفة الأشكال. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن العمارة الإسلامية في العصر الأيوبي في مصر وبلاد الشام

العمارة الأيوبية في مصر وبلاد الشام اعتنى الأيوبيون ببناء المساجد والمدارس و الخانقاهات ، كما اهتموا ببناء القلاع و تحصين المدن بالأسوار و الأبراج الدفاعية ، بسبب حالة الحرب بينهم وبين الصليبين ، ويمكننا اعتبار فن التحصين في العمارة الأيوبية نهاية مراحل التطور في هذا المجال إذ لم يظهر أي تجديد ملحوظ في العهود اللاحقة ، فالمنشآت الأيوبية العسكرية نموذج لأرقى ما وصل إليه هذا الفن على المستوى العالمي ، وليس على نطاق الحضارة الإسلامية   فقط ، يمكننا أن نوجز أهم خصائص العمارة الأيوبية في ما يلي : 1-    التقشف وعدم الإسراف في الزخرفة ، بسبب الحرب مع الصليبين 0 2-    القوة وإتقان التخطيط والبناء ، ودقة النسب ، مع ضخامة المنشآت بالنسبة للعصور السابقة 0 3-    الاعتماد على الحجر المنحوت بأبعاد كبيرة كمادة أساسية في الواجهات و الأعمدة وتيجانها ، وأحياناً في القباب والأقبية 0 4-    ظهورالأروقة بالإضافة إلى الأواوين في المدارس وخاصة في حلب ، وهذا تطور جديد لم يستعمل من قبل . 5-    اعتماد التسقيف على القباب لدر...

فن العمارة الإسلامية في العصر المملوكي والعثماني

العمارة في العصر المملوكي والعثماني أولاً – العمارة في العصر المملوكي : ظهرت في هذا العصر في القاهرة منشأت معمارية ضخمة ، هي أشبه بالمجمعات التي تمتاز بمساحتها الكبيرة وارتفاعاتها الشاهقة ، وتتألف غالباً من مدرسة وتربة وبيمارستان ، وتضم أحياناً سبيلاً وكتاباً أيضا ، ونذكر منها على سبيل المثال :  مجموعة السلطان قلاوون ،  مدرسة وخانقاه الأشرف برسباي ،  مدرسة ومسجد قايتباي ،    بينما لم   تشيد في بلاد الشام أبنية ضخمة ، بل كانت منشأت هذا العصر ، أصغر من منشأت العصور السابقة ، وسنقصر حديثنا على منشأت العصر المملوكي في بلاد الشام  تميزت منشأت هذا العصر في بلاد الشام بما يلي : 1- استمر الشكل التقليدي للمسجد : صحن جنوبيه القبلية وتحيط به أروقة من الشرق والغرب والشمال في معظم المساجد التي أنشئت في حلب وكذلك المدارس ، إذ صارت المدارس تستعمل كمساجد أيضا في هذا العصر ، أما في دمشق فقد ألغي الصحن في بعض المساجد والمدارس وسقفت في بعضها الآخر . 2- تفتح أبواب المنشآت ضمن إيوان سقفه في معظمها نصف ...

تاريخ أوربا في العصور الوسطى المحاضرة الأولى

تاريخ أوربة في العصور الوسطى المحاضرة الأولى          - يطلق اصطلاح العصور الوسطى على الفترة الزمنية التي تمتد من القرن الرابع الميلادي إلى القرن السادس عشر الميلادي . واختلف المؤرخين حول تحديد بداية العصورالوسطى ونهايتها، فبعضهم يرى أن بداية العصورالوسطى (سنة 476 م) وهو تاريخ سقوط "روما" بأيدي "البرابرة الجرمان" والبعض من يعتبر العصورالوسطى ( سنة 330 م ) وهو تاريخ بناء مدينة " القسطنطينية" ، والبعض أيضاً يعتبر ( سنة 395 م ) بداية العصورالوسطى وفي هذا التاريخ انقسمت فيه الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين شرقي وغربي ، والبعض الآخر من يحدد بداية العصور الوسطى مع انتشار " المسيحية" ، والبعض الآخر يعتبر فترة "الغارات البربرية" و تشكل " الممالك الجرمانية " هو بداية العصور الوسطى . أما نهاية العصور الوسطى فيحددها البعض بـ( سنة 1453 م ) وهو تاريخ سقوط بيزنطة بأيدي الأتراك العثمانيين . وأيضاً يحدد البعض نهاية العصور الوسطى ب( سنة 1492 م ) تاريخ اكتشاف"أمريكا" ، والبعض من يحدد نهاية العصور الوسطى في ...