التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فن العمار العباسية في مصر


العمارة العباسية في مصر
أولاً- العمارة المدنية :
1- مدينة العسكر :
عقب انتصار القائد العباسي " صالح بن علي" (عام 132 هـ ) على الأمويين في " مصر" ، شيد مدينة جديدة هي " مدينة العسكر" وهي المدينة الثانية في " مصر" بعد مدينة "الفسطاط" وقد أقيمت " مدينة العسكر" في الفضاء الواقع في الجهة الشمالية  لـ " الفسطاط" ، والذي يمتد من " النيل" حتى " جبل يشكر" وكانت المنطقة تعرف قبل الفتح الإسلامي " بحمراء القصوى" 0
شيد " صالح بن علي" دار الإمارة و ثكنات الجند ، غير انه لم يبني مسجداً جامعاً إذ كان " جامع عمرو بن العاص" يقوم بوظيفة المسجد الجامع ولم يكن هناك حاجة إلى تشييد مسجد آخر0
عندما تسلم "الفضل بن صالح" ولاية " مصر" كان عمران " مدينة العسكر" قد تزايد ، وحفلت المدينة بالدور والبساتين والأسواق حتى اتصلت  بـ " الفسطاط " حتى ضاق " جامع عمرو بن العاص" بالمصلين فرأى " الفضل بن صالح" بناء " جامع العسكر" إلى جانب دار الإمارة (عام169هـ) وجعل بين الجامع و دار الإمارة باباً يدخل منه الأمير إلى مقصورة الجامع 0
جدد "جامع العسكر" في عهد والي " مصر" "عبد الله بن طاهر بن الحسين" ( عام 212هـ ) ، وبقي عامراً تقام فيه الصلاة إلى ما بعد سنة (500هـ ) ثم أهمل فاندثر ولم يصل إلينا 0
2- مدينة القطائع :
 دخل "أحمد بن طولون" "مصر" (عام 254 هـ) والياً عليها من قبل العباسيين , ثم ما لبث أن أعلن استقلاله عن" بغداد"( عام 259 هـ ) , دون أن يقطع علاقاته بها 0
و يعتبر عصر"أحمد بن طولون"عصراً ذهبياً في " مصر" , إذ قام بمايلي :
1 – تصرف بشكل حكيم بالواردات , فازدهرت الحياة الأ قتصادية في "مصر" 0  
2 – حصن البلاد , وجهز الجيش بالسلاح والعتاد .
3 – أنشأ السفن الحربية .
4 – ضرب دنانير خاصة به , وعرفة بالأحمدية .
5 – بنى مدينة " القطائع" شمالي " الفسطاط"  ,  وجعل المنشات المعمارية فيها مشابهة لمنشآت
" سامراء" , وبنى فيها قصراًُ له , جعل أمامه ميداناً فسيحاً 0  
6- أنشأ ( عام259هـ ) مستشفى مخصصاً للمدنيين وأوقف عليه الأموال  0
7- أنشأ " مسجد جامع" عرف " مسجد ابن طولون" أو" جامع الميدان " ، إذ أقيم فوق " جبل يشكر" الذي يتوسط "القطائع" ويشرف على " مدينة العسكر" وعلى "الميدان" أمام قصر " ابن طولون" 0  
8- أنشأ قناة للماء لا تزا ل قائمة , وبنى برجها الآجري في قرية البساتين 0
ثانياً – العمارة الدينية :
* جامع ابن طولون :
هو ثالث مسجد جامع  أقيم في " مصر" بعد " جامع عمرو بن العاص" ( سنة 21هـ) و" جامع العسكر"( سنة 169هـ ) .
بدا "أحمد بن طولون" ببناء الجامع ( عام 263 هـ ) وانتهى منه ( عام 265 هـ ) .
و شيد الجامع كله بالآجر ,  فقد ذكر "المقريزي" أن" أحمد بن طولون" قال : ( أريد أن ابني بناء إن احترقت مصر بقي ,  وان غرقت بقي فقيل له :  يبنى بالجير والرماد والآجر الأحمر القوي الناري إلى السقف , ولا يجعل فيه أساطين( أعمدة ) رخام , فانه لا صبر لها على النار فبنى هذا لبناء ) 0
يشغل الجامع مع الزيادات المكشوفة المسورة التي تحيط به من جهاته الثلاث الشرقية والغربية والشمالية مساحة مربعة طول ( ضلعها 126 م ) أما الجامع نفسه فهو قريب من المستطيل , ويبلغ طول ضلع الجدار القبلية (112 م ) أما الجدار العمودي عليه فيبلغ ( طوله138 م ) , ويبلغ ارتفاع جدرانه من مستوى الأروقة حتى قمة الشرفات (  13م ) , أما الجدار الشرقي فهو أكثر ارتفاع إذ يصعد إلى أبواب هذه الجهة بأدراج .
القبلية في الجنوب وتتألف في (5  مجازات ) , في كل منها(  17 فتحة ) ويحيط بالصحن ( 3 أروقة ) يتألف كل منها من مجازين في كل منها ( 13  فتحة ) .
سقف الجامع خشبي مربع ( كسقف جامع عقبة بالقيروان ) , يستند إلى أقواس مدببة موازية لجدار القبلية , تستند الأقواس إلى دعامات مستطيلة ( 2.5× 1.25) في زواياها أنصاف أعمدة , كما في "جامع أبي دلف" وقد بنيت هذه الدعامات مع الأعمدة المدمجة بها من الآجر .
يتضح اسلوب " سامراء " بجلاء في الزخارف النباتية اكتسبت طابعاً تجريدياً في " جامع أحمد بن طولون" فهي محفورة في ألواح خشبية تكسو نجفات الجامع ، و في الزخارف الجصية حول الأقواس   و في باطنها ، و في تيجان الأعمدة المدمجة بزوايا الدعامات ، و في فتحات النوافذ و حول المحراب ، و يغلب على هذه الزخارف الفروع النباتية ، و الأوراق الثلاثية ، أو الخماسية ،  و أوراق متموجة ،    و أنصاف مراوح نخيلية 0
المئذنة : ويتجلى تأثير " سامراء " فيما يلي :
1- المئذنة خارج الجامع على محور المحراب ، بعيدة عن الجدار الشمالي الخارجي 0
2- الدرج الصاعد إلى الأعلى ، فهو يلتف حول بدن المئذنة من الخارج ، و يدور بعكس اتجاه عقارب الساعة  و هذه الظاهرة موجودة في ثلاث مساجد فقط بالعالم الإسلامي هي : ( سامراء – أبو دلف – ابن طولون ) 0   
المئذنة الحالية هي من إنشاء السلطان المملوكي "حسام الدين لاجين"( سنة 696هـ) ، و ربما حاول تقليد المئذنة القديمة التي كانت تشبه كل من المئذنة الملوية في " جامع سامراء" و مئذنة " جامع أبي دلف " 0
و أما سبب بناء " لاجين" للجامع و المئذنة ، فيعود إلى انه كان يمر بظروف صعبة ، و كان ملاحقاً بعدما قتل الملك " الأشرف خليل بن قلاون" فأضر للتخفي في هذه المئذنة لمدة عام ، و كان قد أخذ على نفسه " أثناء تخفيه " عهداً بأن يعيد بناء الجامع " الذي كان خراباً بغير سقوف و لا أبواب " إن خرج من محنته ، واستلم السلطة ، و عندما تحقق حلمه ، و فى بوعده 0
بنى " لاجين " المئذنة بالحجر بدل الآجر ، و أنشأ قنطرة أقواسها حدوة الفرس الدائري ، تصل المئذنة بالجدار الشمالي للجامع 0
تقسم المئذنة إلى أربعة طوابق :
1- الطابق السفلي : مربع الشكل تقريباً ( 12.78×13.65م ) و ارتفاعه (  21.35م ) ، و له درج خارجي يدور دورة كاملة بعكس اتجاه عقارب الساعة 0
2- الطابق الثاني : دائري الشكل مصمت ، وارتفاعه (  8.82 م تقريباً )، وله درج حجري خارجي يدور أقل من نصف دورة حول المئذنة ، و ينتهي بشرفة حجرية دائرية 0
3- طابق مثمن : في 4 أضلاع و فتحة مستطيلة ،  تعلوه مقرنصات تحمل شرفة مثمنة ، و داخل هذا الطابق درج حلزوني يوصل إلى الشرفة 0
4- طابق آخر مثمن تعلوه قبة 0
يصل الارتفاع الكلي للمئذنة إلى (40.44 م ) ، و يزين كل ضلع من أضلاع القسم السفلي المربع شباكان متجاوران ( توأم ) مصمتان ، قوس كل منهما حدوة الفرس الدائري ( بتأثير مغربي ) ، ويحيط يهما إطار مستطيل مزخرف بالجص 0   

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن العمارة الإسلامية في العصر الأيوبي في مصر وبلاد الشام

العمارة الأيوبية في مصر وبلاد الشام اعتنى الأيوبيون ببناء المساجد والمدارس و الخانقاهات ، كما اهتموا ببناء القلاع و تحصين المدن بالأسوار و الأبراج الدفاعية ، بسبب حالة الحرب بينهم وبين الصليبين ، ويمكننا اعتبار فن التحصين في العمارة الأيوبية نهاية مراحل التطور في هذا المجال إذ لم يظهر أي تجديد ملحوظ في العهود اللاحقة ، فالمنشآت الأيوبية العسكرية نموذج لأرقى ما وصل إليه هذا الفن على المستوى العالمي ، وليس على نطاق الحضارة الإسلامية   فقط ، يمكننا أن نوجز أهم خصائص العمارة الأيوبية في ما يلي : 1-    التقشف وعدم الإسراف في الزخرفة ، بسبب الحرب مع الصليبين 0 2-    القوة وإتقان التخطيط والبناء ، ودقة النسب ، مع ضخامة المنشآت بالنسبة للعصور السابقة 0 3-    الاعتماد على الحجر المنحوت بأبعاد كبيرة كمادة أساسية في الواجهات و الأعمدة وتيجانها ، وأحياناً في القباب والأقبية 0 4-    ظهورالأروقة بالإضافة إلى الأواوين في المدارس وخاصة في حلب ، وهذا تطور جديد لم يستعمل من قبل . 5-    اعتماد التسقيف على القباب لدر...

فن العمارة الإسلامية في العصر المملوكي والعثماني

العمارة في العصر المملوكي والعثماني أولاً – العمارة في العصر المملوكي : ظهرت في هذا العصر في القاهرة منشأت معمارية ضخمة ، هي أشبه بالمجمعات التي تمتاز بمساحتها الكبيرة وارتفاعاتها الشاهقة ، وتتألف غالباً من مدرسة وتربة وبيمارستان ، وتضم أحياناً سبيلاً وكتاباً أيضا ، ونذكر منها على سبيل المثال :  مجموعة السلطان قلاوون ،  مدرسة وخانقاه الأشرف برسباي ،  مدرسة ومسجد قايتباي ،    بينما لم   تشيد في بلاد الشام أبنية ضخمة ، بل كانت منشأت هذا العصر ، أصغر من منشأت العصور السابقة ، وسنقصر حديثنا على منشأت العصر المملوكي في بلاد الشام  تميزت منشأت هذا العصر في بلاد الشام بما يلي : 1- استمر الشكل التقليدي للمسجد : صحن جنوبيه القبلية وتحيط به أروقة من الشرق والغرب والشمال في معظم المساجد التي أنشئت في حلب وكذلك المدارس ، إذ صارت المدارس تستعمل كمساجد أيضا في هذا العصر ، أما في دمشق فقد ألغي الصحن في بعض المساجد والمدارس وسقفت في بعضها الآخر . 2- تفتح أبواب المنشآت ضمن إيوان سقفه في معظمها نصف ...

تاريخ أوربا في العصور الوسطى المحاضرة الأولى

تاريخ أوربة في العصور الوسطى المحاضرة الأولى          - يطلق اصطلاح العصور الوسطى على الفترة الزمنية التي تمتد من القرن الرابع الميلادي إلى القرن السادس عشر الميلادي . واختلف المؤرخين حول تحديد بداية العصورالوسطى ونهايتها، فبعضهم يرى أن بداية العصورالوسطى (سنة 476 م) وهو تاريخ سقوط "روما" بأيدي "البرابرة الجرمان" والبعض من يعتبر العصورالوسطى ( سنة 330 م ) وهو تاريخ بناء مدينة " القسطنطينية" ، والبعض أيضاً يعتبر ( سنة 395 م ) بداية العصورالوسطى وفي هذا التاريخ انقسمت فيه الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين شرقي وغربي ، والبعض الآخر من يحدد بداية العصور الوسطى مع انتشار " المسيحية" ، والبعض الآخر يعتبر فترة "الغارات البربرية" و تشكل " الممالك الجرمانية " هو بداية العصور الوسطى . أما نهاية العصور الوسطى فيحددها البعض بـ( سنة 1453 م ) وهو تاريخ سقوط بيزنطة بأيدي الأتراك العثمانيين . وأيضاً يحدد البعض نهاية العصور الوسطى ب( سنة 1492 م ) تاريخ اكتشاف"أمريكا" ، والبعض من يحدد نهاية العصور الوسطى في ...