التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تاريخ المماليك المحاضرة الثالثة

المحاضرة الثالثة
أسرة قلاوون

على الرغم من أن المماليك لم يؤمنوا بمبدأ وراثة العرش إلا أن أسرة " قلاوون" شذت عن القاعدة
وحكمت مدة من الوقت أربت عن "القرن" ، وقد حكمت هذه الأسرة من ( 1279 – 1382 م )، 

تميزت مدة حكمها بأن شهدت " مصر" و " بلاد الشام" ازدهاراً ملحوظاً اكتملت فيه آثار المعرفة خصوصاً في بلاد الشام ، وبدت البلاد في عهد السلطنة المملوكية متفوقة على سائر البلدان حتى على أوربا ذاتها ، وقد سطع نجم " قلاوون" إبان حكم " الظاهر بيبرس" حيث كان يعتمد عليه بّما يتميز به من كفاءات ، ولأنه كان من أقوى أمراء المماليك . 

ولذلك سعى "الظاهر بيبرس" إلى تزويج ابنه " سعيد بركة" من ابنة الأمير " قلاوون" وهي " غازية خاتون " ظناً منه أن " قلاوون" لن يطمع في انتزاع الملك من زوج ابنته . 

لكن حين توفي "الظاهر" و تنامت المعارضة المملوكية ضد " سعيد بركة" و وقف " قلاوون" على الحياد دون تقديم المساعدة لصهره ، ثم ما لبث أن عزل " بركة" وعين أخاه " بدر الدين سلامش" الذي كان في السابعة من عمره ، وعين نفسه " أتابكاً" على السلطان الجديد فكان أن باشر الحكم منذ تلك اللحظة وشيئاً فشيئاً أخذ يؤسس حكم دولة المماليك بمختلف التدابيرإلى أن أعلن نفسه سلطاناً( 1279م).

- سلطنة المنصور قلاوون : 

كان الأمير " سيف الدين قلاوون" أحد المماليك البحرية اشتراه الأمير " علاء الدين أقسنقر"- أحد مماليك "العادل أبو بكر الأيوبي"- بألف دينار وهو مبلغ ضخم يدل على ما فيه من مواهب ، ولما مات الأمير "علاء الدين" انتقل " قلاوون" إلى الملك " الصالح نجم الدين أيوب" 

وسرعان ما أخذ يرتقي بسرعة في غمرة الأحداث التي صحبت قيام دولة المماليك ، وكان أحد زعماء البحرية البارزين ، ثم فر إلى الشام مع البحرية إثر مقتل زعيمهم " أقطاي" ثم عاد بعد ذلك عندما توحد المماليك في وجه الخطر المغولي ، ولما كانت سلطنة " الظاهر بيبرس" قويت مكانته واعتمد عليه " بيبرس" في كثير من أعماله الحربية و السلمية . 

 وكان من الأمراء محمودي السيرة كما وصفه المؤرخين ، " فبيبرس الدوادار" قال عنه: " كان حليماً عفيفاً في سفك الدماء ، مقتصداً في العقاب ، كارهاً للأذى " و" ابن فضل الله العمري" وصفه بأنه (كان رجلاً مهيباً شجاعاً )،

وماأن أعتلى العرش حتى أخذ يتقرب من الناس بطيب أفعاله، جمع المال من الناس واستعمله في إقامة منشآت حيوية وما تزال المنشآت التي أمر ببنائها من مدارس و بيمارستانات شاهد على أعماله وكذلك اهتم اهتماماً بالغاً ببناء القلاع ، و أرسل حملات عدة ضد الصليبين والمغول . 

عارضه بعض الأمراء في بداية عهده أمثال " شمس الدين سنقر الأشقر" الذي أعلن نفسه سلطاناً على بلاد الشام لكن " قلاوون" تمكن من كسره في حملة أرسلها إلى دمشق و أنهى دولته ( ثورته ) . 

كما ثار مجموعة من الأمراء المؤيدين" للظاهر بيبرس" على" قلاوون" ، واتصلوا بالصليبين سراً فعلم " قلاوون" بهم عن طريق صليبي"عكا" الذين نبهوا " قلاوون" إلى المؤامرة ، فاستطاع القضاء عليهم. 

وكان من نتائج ثورة مماليك " الظاهر بيبرس" عليه أن أكثر من شراء المماليك " الجلبان" – الجلبان هم المماليك الذين يتم شراؤهم في عهد السلطان الحاكم أما القراصنة فهم مماليك السلاطين السابقين –  وأسكنهم في أبراج قلعة الجبل بالقاهرة ، فعرفوا فيما بعد بـ"المماليك البرجية" تميزاً لهم عن"البحرية" . 

أما أهم ما يميز عهده فهو هجوم المغول على بلاد الشام ( 679هـ /1280 م ) بإغراء من" شمس الدين سنقر" الذين هاجموا مدينة " حلب" فأحرقوا وقتلوا ودمروا ثم رحلوا عنها ولم تكن حماتهم هذه إلا حملة استكشافية لا غير ، وهنا استعمل " قلاوون" حنكته ودبلوماسيته في الحكم ، فقطع الروابط التي يمكن أن يلتقي بها الصليبيون بالمغول ثم ما لبث أن عقد صلحاً مع الصليبين ( 680هـ/1281م) ، لمدة عشر سنوات ، - الصليبيون قسمان في بلاد الشام الداوية و الاسبتارية وبوهيموند السابع أمير طرابلس-  . 

ثم عفا" قلاوون" عن" شمس الدين سنقر" وأجزل له العطاء وعينه حاكماً على إقليم "إنطاكية" ( سنة 686 هـ/ 1287م ) ، و وقف صليبيو "عكا" على الحياد بين " قلاوون" وخصومه . 

وفي هذه الأثناء أقبلت جيوش المغول بقيادة"أبغا"(أباقا خان)(سنة680هـ/ 1281 م) وتحالف مع المغول في غزوتهم ملك أرمينية الصغرى" ليو الثالث" ، و اصطدم المغول مع القوى المملوكية بقيادة السلطان  قرب "حمص" حيث حلت بالمغول وحلفائهم هزيمة ساحقة وخسارة فادحة واستطاعت القوات المملوكية رد  المغول الذين ولوا مدبرين إلى "العراق" بعد أن هلك منهم خلق كثير . 

ثم ما لبث " قلاوون" أن استغل نصره على المغول لينزل ضربته الثانية بالصليبين حيث هاجم الصليبين و استولى ( عام 1285 م) على قلعة " المرقب" أقوى الحصون الصليبية في بلاد الشام ، وحين استفحل النزاع بين صليبي الشام، أرسل ( سنة686هـ/ 1287 م ) حملة استولت على اللاذقية وهو أخر بلد كان قد تبقى للصليبين من إمارة "إنطاكية" . 

وشاء سوء حظ الصليبين في تلك الظروف أن يموت " بوهيموند السابع" أمير " طرابلس" ، فقام نزاع حول وراثة العرش ، واستنجد فريق من المتنازعين بالسلطان " قلاوون" . 

وهنا أسرع السلطان " قلاوون" فأعد العدة و سار إلى" طرابلس"( سنة 1289م) وكان جيش" قلاوون"  كبير – يزيد عن أربعين ألف فارس و مئة ألف من المشاة – فلم تستطع مقاومة الحصار فاستولى عليها ( سنة 688 هـ / 1289 م ) ثم لم يلبث المسلمون أن استولوا على المراكز التي أخلاها الصليبين قرب
" طرابلس"- مثل بيروت وجبلة -   فانحصر الوجود الصليبي إثر هذه الحملة، واقتصر على" صور" و"صيدا" و"عكا" و"عثليث"   

ثم وقع " قلاوون" هدنة مع البقية الباقية من الصليبين بعد أن غدت " عكا" مركزاً له لمدة عشر سنوات، ثم أنه حين أخذ صليبيو " عكا" يعتدون على ما جاورهم من بلاد المسلمين فأخذ " قلاوون" يعد العدة للقائهم في " عكا" ، وفي ذروة استعداداته لذلك ( سنة689هـ/ 1290 م ) توفي السلطان " قلاوون" . 

- سلطنة الأشرف خليل والاستيلاء على عكا : 

قبل أن يموت " قلاوون" أسند الحكم فعلياً لابنه " علاء الدين علي " بخطوة منه لتثبيت ابنه على الحكم – اتخذ هذه الخطوة لتثبيت ابنه في الحكم – لكن"علاء الدين" توفي في حياة والده ، ثم توفي " قلاوون" دون ولي للعهد 

ولم تكن آنذاك (إذ ذاك) ولاية العهد قد أنيطت بإبنه " خليل" ، لكن بعض المصادر تؤكد على أن ولاية العهد كانت بعد " علاء الدين علي " للأمير " خليل بن قلاوون" و بالفعل تسلم "الأشرف خليل" الحكم بعد وفاة والده ( سنة 1290 م ) دون معارضة من أي أمير، وفي غمرة الترتيبات لمحاربة الصليبين وقبل أن يخرج على رأس القوى العسكرية لمجابهة الصليبين تآمر عليه الأمير" حسام الدين طرنطاي" نائب السلطنة 

إلا أن "الأشرف خليل" اكتشف المؤامرة وسلم النيابة للأمير" بدرالدين بيدرا" وعلى الرغم من أن الصليبين قد راسلوا السلطان مراراً و تكراراً محاولين ثنيه عن عزمه بإرسال حملة إلا أنه أصر على ذلك فحاصر " عكا" ( سنة690هـ/ 1291 م )

 ولم يتمكن من اقتحامها إلا بعد عدة شهور ، و بسقوط " عكا" تزعزعت قوة الصليبين في بلاد الشام وغدا أمر إزالتهم عن بقية المناطق أمراً لا يحتاج إلى جهد كبير وبذلك سجل " الأشرف خليل" آخر صفحات الحروب الصليبية الكبرى في بلاد الشام . 

ثم ساءت علاقاته مع بعض الأمراء وعلى رأسهم نائب السلطنة"بدرالدين بيدرا" ذلك لأن الوزير"شمس الدين بن البلعوس" أوغر صدر السلطان على " بيدرا" وأوهمه أن أملاك " بيدرا" ازدادت بشكل يهدد السلطان نفسه ،

 فعمل السلطان على استعادة بعض الأملاك التي كان " بيدرا" قد استولى عليها وأحس الأشرف بتغير "بيدرا" عليه وحاول استرضاءه ولكن بعد فوات الأوان الأمر، الذي أدى بالنتيجة إلى مقتل " الأشرف خليل " ( سنة693هـ/ 1293 م ) على يد " بيدرا" في رحلة صيد . 

- سلطنة الناصر محمد الأولى :   

إبان عودة الأمراء المتآمرين إلى القاهرة وبعد أن حلفوا لـ " بيدرا" أن يكون سلطاناً عليهم ، قامت مجموعة من مماليك السلطان "الأشرف خليل"، و تصدت لـ " بيدرا" و جماعته ، الأمر الذي أدى بالنتيجة إلى مقتل " بيدرا " على يد أمير مغولي هو " كتبغا"

رجع " كتبغا" ليتسلم الحكم في قلعة الجبل ، فتصدى له الأمير " علم الدين سنجر الشجاعي" ، ثم ما لبثت أن أسفرت المفاوضات بين الطرفين على أن يتسلم " الناصر محمد " الحكم لأول مرة  وهو في عمر " تسع سنوات"( سنة 693هـ/ 1293م ) حيث استبد الأمير" علم الدين سنجر الشجاعي" بالحكم . 

وعندما أدرك الأمير " كتبغا المنصوري" ازدياد نفوذ الشجاعي بدرجة تهدده صمد له وقتله ثم بعد مقتل الأمير " علم الدين سنجر " تسلم من وراء الكواليس " كتبغا" الذي عزل " الناصر محمد " بعد عام ( سنة 694هـ/ 1294م ) بحجة صغر سنه وحل محله . 

- سلطنة العادل كتبغا :

تسلم الحكم (سنة 694هـ/ 1294 م ) وهو مغولي الأصل ،ويقال أنه من أسرى موقعة " حمص" تشاءم الناس من سلطنته لأنه حكمه جاء مصحوباً بانخفاض النيل و اشتداد المجاعة و ارتفاع الأسعار و انتشار الوباء ، كما أن أهم ما يميز عهده قدوم مجموعات من المغول ( الاويرانية) واستيطانهم في مصر بعد أن بالغ" كتبغا" في إكرامهم والاعتماد عليهم على الرغم من وثنيتهم مما أدى إلى ازدياد نقمة الناس عليه . 

كل هذا جعل الأمير " حسام الدين لاجين" يتحين الفرصة للتخلص منه ،- على الرغم من أن السلطان عفا عن الأمير " حسام الدين لاجين" لاشتراكه في قتل "الأشرف خليل" و عينه نائباً للسلطنة- ، مستغلاً عوامل الكراهية التي أخذت تتجمع ضد " كتبغا" 

ويردد بعض المؤرخين أن أمراء الشام غضبوا على  " كتبغا" لأنه عزل نائب السلطنة في الشام "عزالدين أيبك الحموي" و ولى أحد مماليكه بدله ، كما أنه عندما زار دمشق لأول مرة لم يوزع على الأمراء ما جرت به عادة السلاطين السابقين ، 

فكان أن دبر"لاجين" مؤامرة مع الأمراء لقتل "كتبغا" أثناء عودته من دمشق إلى مصر قرب " طبرية" ونتيجة نجاة " كتبغا " وفراره إلى " دمشق" ، أعلن " لاجين" نفسه في القاهرة سلطاناً ( سنة696هـ/ 1296 م )
و تلقب بالسلطان  المنصور . 

- سلطنة المنصور لاجين : 

تولى " لاجين" السلطنة ( سنة 696هـ / 1296م ) في حين وجد " كتبغا" نفسه مغلوباً على أمره فقبل ما عرضه عليه " لاجين" من التنازل عن الحكم و الإقامة في مدينة " صرخد" من أعمال دمشق .
كما عمل " لاجين" على أبعاد "الناصر محمد بن قلاوون" إلى قلعة " الكرك" ليستبد بالسلطة .
 
وكان المماليك قد اشترطوا عليه عند مبايعته عدم محاباة مماليكه كما فعل " كتبغا" وأل يتفرد برأي وألا يشرك "منكوتمر" في شيء ولكن سرعان ما نسي ذلك وعزل نائب السلطنة " شمس الدين قرا سنقر" وعين بدلاً عنه مملوكه " منكوتمر" الذي عمل مع سيده على تقريب مماليكه و إبعاد المماليك القدامى عن المناصب ، الأمر الذي أثار عليه حنق مجموعة من الأمراء فقتلوه ( سنة698هـ/ 1298 م) في قلعة الجبل وهو يلعب الشطرنج ، ثم قتلوا مملوكه " منكوتمر" بعد ذلك . 

سلطنة الناصر محمد الثانية :

بعد مقتل "لاجين" لم يكن هناك شخصية كبرى تستطيع أن تسيطر على الموقف في السلطنة  فاضطر الأمراء إلى استدعاء " الناصر محمد " من قلعة " الكرك" ليتولى السلطنة للمرة الثانية وهو في الرابعة عشر من عمره ( 1299م) فاستقبل استقبالاً حماسياً من المماليك و الناس وتفاءل الناس بمقدمه ، وصعد إلى القلعة حيث جددت له البيعة هناك وأخذ يباشر سلطانه ، فعين الأمير" سيف الدين سلار" (سالار)  نائباً للسلطنة والأمير" ركن الدين بيبرس الجاشنكير" استداداراً ، 

كما فرق الخلع على أعيان الدولة . حيث لم يكد يتسلم الحكم حتى هاجم المغول بلاد الشام بقيادة " غازان" أو " قازان خان" في بلاد الشام ،  و أنزلت بالمماليك هزيمة عند " مجمع المروج" بين حمص وحماه ، ويبدو أن مقاومة المماليك إنهارت بعدهذه المعركة فدخل"غازان" إلى دمشق وعاث جنوده  فيها فساداً ، 

فأعدّ المماليك حملة(سنة 1299م)  و دخلوا دمشق في الوقت الذي كان فيه " غازان" قد عين نائباً عنه في دمشق  وغادرها إلى بلاده وحين كرر " غازان" غزوه لبلاد الشام انتقاماً من المماليك ( سنة 1302 م ) التقى معهم في موقعة " مرج الصفر" التي دارت فرب دمشق، فهزمت قوات المغول هزيمة منكرة، رفعت من قدر"الناصر محمد" بين المماليك كما فرح الناس به و استقبلوه استقبالاً حافلاً في دمشق و القاهرة 

وحين ضيق الخناق عليه نائب السلطنة" سيف الدين سلار" بدعم من الأمير" بيبرس الجاشنكير" وحالوا بينه وبين الاتّصال بالناس أوالتصرف بأمواله،الأمرالذي دفع السلطان استدعاء الأمير"بكتمرالجوكندار" ليساعده في التخلص من الأميرين بمؤامرة ،

 ولكنهما علما بالمؤامرة ،  مما جعل المماليك يصطدمون ببعضهم بعضاً بين مؤيد ومعارض ، فتدخل الشعب في القاهرة و نادى ببقاء السلطان" الناصر محمد " .
لكن السلطان ضاق بحياته التي قضاها حبيس القلعة وأدرك أنه لا فائدة من التغلب على"سلار وبيبرس" فتظاهر في رغبته بأداء فريضة الحج وفي طريقه إلى الحجاز وعندما وصل إلى " الكرك"  تنازل عن الحكم لمن يريده ، فبايع الأمراء " بيبرس الجاشنكير" .   

- سلطنة بيبرس الجاشنكير : 

تسلم " بيبرس" الحكم ( سنة708هـ/ 1308 م) وبادر فور اعتلائه العرش بكتابة تقليد بمنح " الناصر محمد" " الكرك" و أخذ ينظم أمور دولته مسنداً نيابة السلطنة للأمير " سيف الدين سلار" ، وقد صادف توليه العرش مع انخفاض مستوى النيل وارتفاع الأسعار، فتشاءم الناس من السلطان الجديد ، وأخذوا ينادون بعودة السلطان " الناصر محمد "  . 

و حيال وقوف أمراء الشام إلى جانب السلطان " الناصر محمد " ، و تضيق" الجاشنكير" عليه ، قام "الناصر محمد" مع أمرائه و أنصاره من الشعب وقدم إلى مصر و فيها تسلم السلطنة للمرة الثالثة . 

- سلطنة الناصر محمد الثالثة : 

حكم من (709-741هـ/ 1309- 1340 م ) حيث خرج من " الكرك" قاصداً القاهرة يرافقه رجاله و أتباعه وكان يرافقه المؤرخ " أبوالفداء" فكان يلتقي السلطان في كل يوم بجموع المماليك و الأمراء الذين خرجوا لاستقباله وتقديم فروض الطاعة والولاء له حتى دخل القلعة أول أيام عيد الفطر( 1309م)   وضر الخليفة و القضاة الأربعة وسائر أهل الدولة للهناء ،

 وكان " الناصر محمد" عندما تولى السلطنة  للمرة الثالثة الخامسة والعشرين من عمره ،  فباشرالحكم بنفسه، فقبض على الأمير" بيبرس الجاشنكير" وأعدمه أما " سلار" فقد ألقي بالسجن حتى مات ، ولذلك حرص في ولايته هذه على أنه يقرب الأمير حتى إذا أحس أن نفوذه زاد عما يجب تخلص منه في الحال . 

وحكم "الناصر محمد" مصر مدة ( 31 سنة ) وصلت فيها الدولة المملوكية إلى ذروة عهدها حيث اتسعت الدولة في عهد هذا العاهل لتشتمل على بلاد النوبة، حيث أرسل إليها السلطان ثلاث حملات حملة في سلطنته الثانية( سنة 704 هـ/ 1304-1305 م) ،

 ثم حملتين أخرتين في سلطنته الثالثة( 715 – 716 هـ / 1315- 1316م) تمكنت هذه الحملات من إقامة أول ملك مسلم من أهل النوبة هو"عبد الله برشنبو"، وقد قامت في عهده الكثيرمن المنشآت العمرانية ذات المنفعةالعامة مثل المساجد والقناطر والجسور، ومن منشآته الشهيرة "المدرسة الناصرية" والمسجد بقلعة الجبل و الخانقاة في سرياقوس .  

 - أولاد الناصر محمد و أحفاده :
 
استمر أولاد الناصر على الحكم مدة ( 40 سنة ) ثم أخذت أمور البلاد تؤول من سوء إلى سوء في عهد أحفاده ، وذلك لاستغلال الأمراء للحكم بتولية سلاطين صغار السن إلى أن تولى الحكم المماليك البرجية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن العمارة الإسلامية في العصر الأيوبي في مصر وبلاد الشام

العمارة الأيوبية في مصر وبلاد الشام اعتنى الأيوبيون ببناء المساجد والمدارس و الخانقاهات ، كما اهتموا ببناء القلاع و تحصين المدن بالأسوار و الأبراج الدفاعية ، بسبب حالة الحرب بينهم وبين الصليبين ، ويمكننا اعتبار فن التحصين في العمارة الأيوبية نهاية مراحل التطور في هذا المجال إذ لم يظهر أي تجديد ملحوظ في العهود اللاحقة ، فالمنشآت الأيوبية العسكرية نموذج لأرقى ما وصل إليه هذا الفن على المستوى العالمي ، وليس على نطاق الحضارة الإسلامية   فقط ، يمكننا أن نوجز أهم خصائص العمارة الأيوبية في ما يلي : 1-    التقشف وعدم الإسراف في الزخرفة ، بسبب الحرب مع الصليبين 0 2-    القوة وإتقان التخطيط والبناء ، ودقة النسب ، مع ضخامة المنشآت بالنسبة للعصور السابقة 0 3-    الاعتماد على الحجر المنحوت بأبعاد كبيرة كمادة أساسية في الواجهات و الأعمدة وتيجانها ، وأحياناً في القباب والأقبية 0 4-    ظهورالأروقة بالإضافة إلى الأواوين في المدارس وخاصة في حلب ، وهذا تطور جديد لم يستعمل من قبل . 5-    اعتماد التسقيف على القباب لدر...

فن العمارة الإسلامية في العصر المملوكي والعثماني

العمارة في العصر المملوكي والعثماني أولاً – العمارة في العصر المملوكي : ظهرت في هذا العصر في القاهرة منشأت معمارية ضخمة ، هي أشبه بالمجمعات التي تمتاز بمساحتها الكبيرة وارتفاعاتها الشاهقة ، وتتألف غالباً من مدرسة وتربة وبيمارستان ، وتضم أحياناً سبيلاً وكتاباً أيضا ، ونذكر منها على سبيل المثال :  مجموعة السلطان قلاوون ،  مدرسة وخانقاه الأشرف برسباي ،  مدرسة ومسجد قايتباي ،    بينما لم   تشيد في بلاد الشام أبنية ضخمة ، بل كانت منشأت هذا العصر ، أصغر من منشأت العصور السابقة ، وسنقصر حديثنا على منشأت العصر المملوكي في بلاد الشام  تميزت منشأت هذا العصر في بلاد الشام بما يلي : 1- استمر الشكل التقليدي للمسجد : صحن جنوبيه القبلية وتحيط به أروقة من الشرق والغرب والشمال في معظم المساجد التي أنشئت في حلب وكذلك المدارس ، إذ صارت المدارس تستعمل كمساجد أيضا في هذا العصر ، أما في دمشق فقد ألغي الصحن في بعض المساجد والمدارس وسقفت في بعضها الآخر . 2- تفتح أبواب المنشآت ضمن إيوان سقفه في معظمها نصف ...

تاريخ أوربا في العصور الوسطى المحاضرة الأولى

تاريخ أوربة في العصور الوسطى المحاضرة الأولى          - يطلق اصطلاح العصور الوسطى على الفترة الزمنية التي تمتد من القرن الرابع الميلادي إلى القرن السادس عشر الميلادي . واختلف المؤرخين حول تحديد بداية العصورالوسطى ونهايتها، فبعضهم يرى أن بداية العصورالوسطى (سنة 476 م) وهو تاريخ سقوط "روما" بأيدي "البرابرة الجرمان" والبعض من يعتبر العصورالوسطى ( سنة 330 م ) وهو تاريخ بناء مدينة " القسطنطينية" ، والبعض أيضاً يعتبر ( سنة 395 م ) بداية العصورالوسطى وفي هذا التاريخ انقسمت فيه الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين شرقي وغربي ، والبعض الآخر من يحدد بداية العصور الوسطى مع انتشار " المسيحية" ، والبعض الآخر يعتبر فترة "الغارات البربرية" و تشكل " الممالك الجرمانية " هو بداية العصور الوسطى . أما نهاية العصور الوسطى فيحددها البعض بـ( سنة 1453 م ) وهو تاريخ سقوط بيزنطة بأيدي الأتراك العثمانيين . وأيضاً يحدد البعض نهاية العصور الوسطى ب( سنة 1492 م ) تاريخ اكتشاف"أمريكا" ، والبعض من يحدد نهاية العصور الوسطى في ...