المحاضرة الثانية
السلطان " قطز" والمغول:
بعد
موت السلطان"معزالدين إيبك" اختارالأمراء المماليك ابنه" نورالدين علي"
وسلطنوه عليهم ،- الذي تلقب بالمنصور- علماً أنه كان في الخامسة عشرة من
عمره ، وكان الوضع حرج في أواخر( 1256م).
في هذا الوقت هاجم المغول" بغداد" واستولوا عليها( سنة656هـ/ 1258م) وقتلوا الخليفة" المستعصم" فعزل الأمير " قطز" السلطان " نور الدين علي " وعين نفسه سلطاناً بدلاً عنه في( نيسان 1259 م ) .
من جانب أخر فبعد أن استولى المغول على "بغداد" و أسقطوا الخلافة العباسية فيها وقتلوا ثمانمئة ألف من سكانها، توجهوا إلى بلاد الشام وكان يحكمها إذ ذاك"الناصر يوسف الأيوبي" الذي استنجد بالمماليك للوقوف بوجه الخطر القادم من الشرق،لأن المغول كانوا قد اجتاحوا من بلاد الشام" نصيبين" و"حران" و"الرها" و"البيرة" ( سنة 1259م) و" حلب" ( سنة1260 م ) ،
ففر"الناصر يوسف"
إلى " دمشق" ومن دمشق إلى"غزة"، وكذلك فعل فعله الأمراء الأيوبيين،
فاستولى"هولاكو"على" دمشق"(1260 م )
آخذاً طريقه إلى"مصر" وكان هذا بمثابة تنازل من الأيوبيين عن الملك بعد أن عجزوا في الدفاع عنه .
في هذا الوقت
كان"قطز" قد نجح في توحيد الصفوف وجمع شمل عرب بلاد الشام ومصر، وأخذ يستعد
للقاء المغول خصوصاً بعد رسالة التهديد التي أرسلها له " هولاكو" ، ثم سار
بجيشه صوب " فلسطين" بعد أن أرسل " بيبرس البندقداري " مع فرقة من الجند
بمثابة طليعة سبقت الجيش إلى " فلسطين "
وكان المغول قد وصلوا إلى "غزة" فلما وصل " بيبرس" انسحبوا من "غزة" فاحتلها المماليك ، وبعد وصول" قطز" تابع الجيش سيره عن طريق الساحل قاصداً بحيرة " طبرية"، وإبان تقدم الجيش لملاقاة المغول عرض الصليبيون على المماليك المساعدة ، فأبى أمراء المماليك (فالعدو يبقى عدو) ثم ما لبثت القوات المملوكية ومن تحالف معها من القوات العربية أن التحمت مع القوات المغولية في معركة حامية الوطيس في منطقة تسمى"عين جالوت" قرب" بيسان"حيث كان النصر فيها حليفاً للمماليك .
العوامل التي ساعدت على انتصار المماليك على القوات المغولية :
1- وقوف الصليبين على الحياد في الصراع العربي المغولي .
2- رجوع " هولاكو" إلى بلاده وقد تسلم من بعده الأمير " كتبغا" .
3- ابتعاد المغول كثيراً عن خطوط مواصلاتهم وعن مركزهم الأصلي في أواسط آسيا.
نتائج معركة " عين جالوت " :
1- كانت
موقعة " عين جالوت" بمثابة سد منيع حال دون تقدم المغول إلى مصر ، و أسقط
مقولة أن المغول لا يغلبون ، فكان هذا الانتصار قد أنقذ مصر و بلاد الشام
من الخطر المغولي .
2- وحدت معركة " عين جالوت " مصر وبلاد الشام بعد أن مزقها الأمراء الأيوبيين
3- رفعت شأن المماليك و أسقطت قيمة الأيوبيين و حقهم في الملك .
4- جعلت مصر في مركز الزعامة، وأثبتت أن أبناء مصرهم جزء من أبناء الأمة العربية الإسلامية.
5-جنبت مصر ويلات التدمير المادي و الثقافي ، فغدت محجاً للعلماء و الأدباء بعد ذلك
6-أنقذت
هذه المعركة أوربة من شر غزو المغول لها لأنهم كانوا يسيرون على طريق
الغزاة الطريق ذاتها التي سلكها الغزاة و الفاتحون من قبل وهي طريق الحرير .
ثم أن " قطز"
بعد أن بسط سيطرته على بلاد الشام ، عين نواباً له في الولايات ، وأبقى بعض
الأمراء الأيوبيين في ولاياتهم، وأعطى نيابة"حلب" للأمير"بدرالدين
لؤلؤ"وكان قد وعد بها"بيبرس البندقداري" فأضمر له الأخير الشر، و إبان عودة
الموكب السلطاني إلى القاهرة تآمر " بيبرس" مع مجموعة من الأمراء فتحينوا
الفرصة و قتلوا السلطان عند"الصالحية"، وبمقتل" قطز" على ذلك الوجه(سنة
1260م) خلا الجو للمماليك البحرية و زعيمهم الأمير " بيبرس البندقداري".
سلطنة الظاهر بيبرس :
تسلم " بيبرس " حكم
السلطنة في الوقت الذي كانت فيه القاهرة تستعد للقاء بطل " عين جالوت"،
وتلقب بـ"القاهر" وبعد وصوله إلى القاهرة ، قصد القلعة حيث استقبله نائب
السلطنة الأمير" عز الدين أيدمر" وكان
قد خرج للقاء " قطز" ولكن" بيبرس" أعلمه بما حصل فلم يجد نائب السلطنة
وغيره من أمراء القلعة غضاضة في أن يحلفوا للسلطان الجديد(سنة 658هـ/
1260م) وبعد ذلك أشار الوزير" زين الدين بن يعقوب " على " بيبرس" أن يغير
لقب القاهرإلى"الظاهر" لأن اللقب الأول ما تلقب به أحد فأفلح .
وغدا لقبه "
الظاهر بيبرس" ، ولم يكد " بيبرس" يستقر في السلطنة حتى أخذ يتقرب من
الناس( العامة والخاصة) ، فخفف الضرائب عن الأهالي ، وألغى الأموال التي
كان" قطز" قد فرضها بحجة محاربة المغول ، وأفرج عن من في السجون .
ثم أرسل "
بيبرس" إلى الولايات ليعترف ولاتها بالتبعية له ، فأبى"نائب دمشق"
الأمير"علم الدين سنجر الحلبي" وأعلن من جانبه نفسه سلطاناً على" دمشق"،
فأعد " بيبرس" حملة بقيادة الأمير " علاء الدن البندقداري" اتجهت صوب "
دمشق" واستطاعت أن تقضي على الأمير"علم الدين سنجر" وأحضرته إلى القاهرة (
سنة 659 هـ/ 1261 م ) ، ثم ولى " بيبرس" على دمشق الأمير"علاء الدين
البندقداري" وكلفه بالقبض على بعض الأمراء الذين تخوف منهم" بيبرس" وكان أن
فر أحد أولئك الأمراء وهو الأمير" شمس الدين آ قوش البرلي" إلى حلب و
استولى عليها بعد أن أعلن نفسه سلطاناً عليها ، فأرسل
" بيبرس" حملة إلى حلب استطاعت القضاء عليه وفر "البرلي" حتى قبض عليه " بيبرس " فيما بعد .
كما كان" بيبرس"
يخشى ثورة الأمراء الأيوبيين في الشام وبالذات ثورة"المغيث عمر الأيوبي"
صاحب "الكرك" فتحايل" بيبرس" حتى استحضره لمقابلته في" بيسان" وعندئذ قبض
عليه رغم الأمان المعطى له واعتقله بالقلعة حتى قتل بعد ذلك .
كما استطاع أمراء المماليك و على رأسهم" بيبرس" القضاء على ثورة في القاهرة كانت تريد إعادة الحكم الفاطمي إلى القاهرة .
- إحياء الخلافة العباسية :
كثيرة هي الأسباب التي دعت السلطان " بيبرس " يعمل على إعادة إحياء الخلافة العباسية منها :
1- الثورات التي قامت ضده لاغتصابه السلطنة بعد قتله " قطز" .
2- وجود بعض أمراء البيت الأيوبي المالك .
3- الأصل غير الحر للمماليك .
4- خلو العالم
الإسلامي من خليفة ، اعتاد المسلمون وجوده منذ وفاة الرسول عليه الصلاة و
السلام . فكان أن أستغل " الظاهر بيبرس " وجود أحد أفراد الأسرة العباسية
في دمشق فحمله إلى القاهرة ، وجمع العلماء و القضاة للشهادة بصحة حسبه و
نسبه ثم بايعه السلطان خليفة و تبعه بقية العلماء و سائر الناس ( وهو أحمد
بن الظاهر بن الناصر العباسي)، ومن ثم حصل "بيبرس" من الخليفة على تقليد (
هو تفويض بحكم البلاد )
ثم أن " بيبرس " بعد حصوله على هذا التقليد أخذ
يعد العدة لإبعاد الخليفة من القاهرة وذلك لتشكيك بعض العلماء في صحة نسبه و
حسبه و ذلك للونه الأسود و للدرء من أن يكون له شريك في الحكم ، طلب "
بيبرس" من الخليفة السفر إلى بغداد حيث قاعدة آبائه و أجداده ، فنفذ
الخليفة أوامر السلطان وفي طريقه إلى بغداد قتل الخليفة ومن معه قرب " هيت"
فاستقدم " بيبرس " واحداً من الأسرة العباسية وهوالأمير" أبوالعباس أحمد"،
و بايعه بالخلافة وحصل منه على تقليد جديد( 1263 م)
ولم يكتف بذلك بل
استقدم رجالاً آخرين من الأسرة العباسية للتلويح بهم في وجه الخليفة
المبايع" تهديد الخليفة باستبداله وخلعه و تعيين أحد أخرمكانه" وغدا منصب
الخلافة و كأنه فقط لمنح التقاليد بحكم المماليك مصر و بلاد الشام ، وغدا
منصب الخلافة حسبما عبر عنه " المقريزي " أحد مؤرخي الفترة المملوكية : "
…… ليس فيها أمر ولا نهي و حسب الخليفة أن يقال له أمير المؤمنين ….. " .
سياسة بيبرس الخارجية :
لقد أدرك
المماليك أن أصلهم لا يؤهلهم لحكم مصر و بلاد الشام ، لكن كفاءتهم هي الأمر
الوحيد الذي يبقيهم على حكم البلاد فأخذوا على عاتقهم صدّ الأخطار التي
تحيط بمصر و بلاد الشام و المتمثلة وقتها بخطرين أساسيين هما : 1 – الخطر
المغولي . 2- الخطر الصليبي .
وللسير معاً
لتحقيق هذه الغاية عقد " بيبرس" معاهدة على شاكلة حلفٍ دفاعي مع الإمبراطور
البيزنطي " باليولوجس" (سنة660هـ/ 1262 م) ضد الصليبين في بلاد الشام ،
وكذلك عقد حلفاً أخر مع " مغول القفجاق"( القبيلة الذهبية) الذين اعتنقوا
الإسلام وغدوا من أبرز أعداء مغول فارس الوثنيين .
- بيبرس و الصليبيون :
أخذ " بيبرس"
على عاتقه مقارعة الصليبين فبدأ حربه معهم(661هـ/ 1263م) حيث أعد حملة
هاجمت مدينة"الناصرة" في فلسطين وهاجم هوعلى رأس قوة مدينة " عكا " ، لكنه
لم يفلح في الاستيلاء عليها .
و بعد عامين
آخرين( سنة 663هـ/1265م) شنّ حرباً على الصليبين استطاع من خلالها
الاستيلاء على " قيسارية" و " يافا" و"عثليث" و" أرسوف" .
وفي العام
التالي استولى على " صفد" و "هونتين" و" تبنين" و" الرملة" ، وفي (665هـ/
1266 م ) أرسل حملة بقيادة الأمير" قلاوون الألفي" استولى فيها على
مجموعتين من القلاع شمالي " طرابلس" ثم قاد حملة ضد " أرمينيا الصغرى "(
حالياً تقع شمال سورية داخل الأناضول وجنوبه وهي أضنة وطرسوس و المصيصة
)أثناء غياب ملكها " هيثوم الأول" في زيارة لمغول فارس ، زلزل بها تلك
البلاد وانزل هزيمة كبرى بالأرمن قرب " دربساك"وقد دمرت القوات المملوكية
مدن أرمينية الصغرى وخصوصاً " أذنة" و"طرسوس" و"المصيصة"
كما أشعلوا النار
في عاصمتها " سيس" وقتلوا أحد أبناء الملك " هيثوم الأول" و أسروا الابن
الثاني وعادوا محملين بالغنائم و الأسرى ، وذلك انتقاماً منهم لأنهم حالفوا
المغول ضد المسلمين .
وفي العام التالي استطاع الاستيلاء على " إنطاكية " ( سنة 1268م ) كبرى وثاني الإمارات
الصليبية في بلاد الشام ، حيث جاء سقوطها إيذاناً بنهاية الصليبين في بلاد
الشام حيث لم يبق للصليبين في بلاد الشام سوى"عكا" و" طرابلس".
وفي(
سنة 1270 م ) وجه" بيبرس" حملة بحرية إلى" قبرص" التي حكمتها أسرة صليبية
لعبت دوراً في الحروب ضد المسلمين لكنها لم تحقق الغاية المرجوة منها بسبب
ريح ضربت الأسطول المملوكي .
وفي
( سنة669هـ/ 1271 م ) استولى " الظاهر بيبرس" على "صافيتا" و" حصن
الأكراد" و" حصن عكا" و"القرين" وأخذ يستعد لمهاجمة " طرابلس" إلا أنة وصول
الأمير الإنكليزي " إدوارد" جعله يتريث قليلاً فيما يخص هذه الإمارة ويعقد
هدنة مع الصليبين لمدة عشر سنوات .
ثم هاجم " أرمينيا الصغرى" مرة أخرى ( سنة 1275 م ) وأغار على ( المصيصة و أذنة وطرسوسو سيس وإياس) .
و
بعد عامين ( 1277م ) هاجم " مرعش" و " ألبستان" من بلاد سلاجقة الروم التي
كانت مشمولة بحماية الجيش المغولي واستطاع أن يمزق الجيش المغولي عند "
ألبستان" .
بيبرس ومغول فارس :
كان "بيبرس"
يحارب المغول أيضاً في الوقت الذي كان يشن الحملة تلو الأخرى ضد الصليبين
ولأن المغول منذ ساعة انهزامهم في "عين جالوت" كانوا يتحينون الفرصة للثأر
من المماليك أخذوا يغيرون تارة على أطراف بلاد الشام ، وأخرى يتحالفون مع
الصليبين ضد المماليك ،
وفي ( سنة 1265 م ) أغاروا على "البيرة" فأرسل "
بيبرس " حملة استطاعت دحر المغول عنها ، وحين علم " أبغا" في المصادر
العربية أو" آباقاخان" في المصادر الفارسية ، خليفة "هولاكو" أن لا قبل له
بمقارعة المماليك فأرسل يطلب الصلح من سلطانهم ، لكن السلطان " بيبرس" رفض
الطلب فهاجمت القوات المغولية منطقة " الساجور" ( سنة 1269 م ) و ارتدت
عنها حين وصلتها القوات المملوكية
ثم هاجم المغول "عين تاب"و" عمق
الحارم" ( سنة669هـ/ 1271 م ) ، ثم هاجموا "البيرة" مرة أخرى (سنة 670هـ/
1272 م ) ، وفي ( سنة674هـ/ 1276 م ) هاجم المماليك حلفاً مغولياً سلجوقياً
في " ألبستان" و ألحقوا بهم هزيمة أوصلت الجيش المملوكي إلى " قيصرية " ،
وقدم الأمراء السلاجقة الطاعة و فروض الولاء
وفي
العام التالي(675هـ/ 1277 م ) توفي " الظاهر بيبرس" بدمشق بعد أن وطد حدود
دولته في مصر وبلاد الشام حتى أن جزء من قواته وصل إلى جنوبي مصر إلى"
بلاد النوبة" فأخضعتها لحكم المماليك (سنة 1276 م ) نجحت في إخضاعها ودفع
ملكها الجزية ، كما وصل نفوذ المماليك في عهده إلى" بلاد الحجاز" ودانت
بالطاعة و الولاء للسلطان المملوكي .
اعتنى "بيبرس"
عناية شديدة بالأسطول ونظم شؤون دولته من الناحية الإدارية فاتخذت دولة
المماليك منذ عهده طابعاً متميزاً استمرت عليه إلى أواخر عهدها في الربع
الأول من القرن السادس عشر .
وقد تسلم الحكم
من بعده حسب وصيته ابنه " سعيد بركة" الذي ما أن تربع على عرش السلطنة حتى
اتهم بقتل نائب السلطنة ، فاضطربت أمور السلطان الجديد و تعاقب لشغل منصب
نائب السلطنة عدد من الأمراء ،
وفي ( سنة 1278 م ) رحل السلطان إلى " دمشق"
وحين أخذ الأمراء يتآمرون ضده رجع إلى القاهرة ، إلاّ أن ذلك لم يثن
الأمراء عن التخلص منه فحاصروا قلعة الجبل ، فتنازل عن الحكم سنة 1278 م ) فسلموا
الحكم من بعده لأخيه الصغير " بدر الدين سلامش " و غدا الأمير" قلاوون
الألفي " ( أتابك له ) ، ثم بعد فترة و جيزة عزل السلطان " بدر الدين
سلامش" واستلم عرش السلطنة الأمير " قلاوون الألفي" الحكم ( سنة 678هـ / 1279م )
- السلطان " قطز" والمغول:
بعد
موت السلطان"معزالدين إيبك" اختارالأمراء المماليك ابنه" نورالدين علي"
وسلطنوه عليهم ،- الذي تلقب بالمنصور- علماً أنه كان في الخامسة عشرة من
عمره ، وكان الوضع حرج في أواخر( 1256م).
في هذا الوقت هاجم المغول" بغداد" واستولوا عليها( سنة656هـ/ 1258م) وقتلوا الخليفة" المستعصم" فعزل الأمير " قطز" السلطان " نور الدين علي " وعين نفسه سلطاناً بدلاً عنه في( نيسان 1259 م ) .
من جانب أخر فبعد أن استولى المغول على "بغداد" و أسقطوا الخلافة العباسية فيها وقتلوا ثمانمئة ألف من سكانها، توجهوا إلى بلاد الشام وكان يحكمها إذ ذاك"الناصر يوسف الأيوبي" الذي استنجد بالمماليك للوقوف بوجه الخطر القادم من الشرق،لأن المغول كانوا قد اجتاحوا من بلاد الشام" نصيبين" و"حران" و"الرها" و"البيرة" ( سنة 1259م) و" حلب" ( سنة1260 م ) ، ففر"الناصر يوسف" إلى " دمشق" ومن دمشق إلى"غزة"، وكذلك فعل فعله الأمراء الأيوبيين، فاستولى"هولاكو"على" دمشق"(1260 م ) آخذاً طريقه إلى"مصر" وكان هذا بمثابة تنازل من الأيوبيين عن الملك بعد أن عجزوا في الدفاع عنه .
في هذا الوقت
كان"قطز" قد نجح في توحيد الصفوف وجمع شمل عرب بلاد الشام ومصر، وأخذ يستعد
للقاء المغول خصوصاً بعد رسالة التهديد التي أرسلها له " هولاكو" ، ثم سار
بجيشه صوب " فلسطين" بعد أن أرسل " بيبرس البندقداري " مع فرقة من الجند
بمثابة طليعة سبقت الجيش إلى " فلسطين " .
وكان المغول قد وصلوا إلى "غزة" فلما وصل " بيبرس" انسحبوا من "غزة" فاحتلها المماليك ، وبعد وصول" قطز" تابع الجيش سيره عن طريق الساحل قاصداً بحيرة " طبرية"، وإبان تقدم الجيش لملاقاة المغول عرض الصليبيون على المماليك المساعدة ، فأبى أمراء المماليك (فالعدو يبقى عدو) ثم ما لبثت القوات المملوكية ومن تحالف معها من القوات العربية أن التحمت مع القوات المغولية في معركة حامية الوطيس في منطقة تسمى"عين جالوت" قرب" بيسان"حيث كان النصر فيها حليفاً للمماليك .
العوامل التي ساعدت على انتصار المماليك على القوات المغولية :
1- وقوف الصليبين على الحياد في الصراع العربي المغولي .
2- رجوع " هولاكو" إلى بلاده وقد تسلم من بعده الأمير " كتبغا" .
3- ابتعاد المغول كثيراً عن خطوط مواصلاتهم وعن مركزهم الأصلي في أواسط آسيا
نتائج معركة " عين جالوت " :
1- كانت
موقعة " عين جالوت" بمثابة سد منيع حال دون تقدم المغول إلى مصر ، و أسقط
مقولة أن المغول لا يغلبون ، فكان هذا الانتصار قد أنقذ مصر و بلاد الشام
من الخطر المغولي .
2- وحدت معركة " عين جالوت " مصر وبلاد الشام بعد أن مزقها الأمراء الأيوبيين
3- رفعت شأن المماليك و أسقطت قيمة الأيوبيين و حقهم في الملك .
4- جعلت مصر في مركز الزعامة، وأثبتت أن أبناء مصرهم جزء من أبناء الأمة العربية الإسلامية.
5- جنبت مصر ويلات التدمير المادي و الثقافي ، فغدت محجاً للعلماء و الأدباء بعد ذلك .
6- أنقذت
هذه المعركة أوربة من شر غزو المغول لها لأنهم كانوا يسيرون على طريق
الغزاة الطريق ذاتها التي سلكها الغزاة و الفاتحون من قبل وهي طريق الحرير
ثم أن " قطز"
بعد أن بسط سيطرته على بلاد الشام ، عين نواباً له في الولايات ، وأبقى بعض
الأمراء الأيوبيين في ولاياتهم، وأعطى نيابة"حلب" للأمير"بدرالدين
لؤلؤ"وكان قد وعد بها"بيبرس البندقداري" فأضمر له الأخير الشر، و إبان عودة
الموكب السلطاني إلى القاهرة تآمر " بيبرس" مع مجموعة من الأمراء فتحينوا
الفرصة و قتلوا السلطان عند"الصالحية"،
وبمقتل" قطز" على ذلك الوجه(سنة
1260م) خلا الجو للمماليك البحرية و زعيمهم الأمير " بيبرس البندقداري".
تعليقات
إرسال تعليق