التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تاريخ المماليك المحاضرة السابعة

المحاضرة السابعة
الإدارة و الحكم في زمن المماليك

- مسألة وراثة العرش :

لم تكن وراثة العرش عند السلاطين المماليك من الأب إلى الابن ذات وزنٍ كبير ، وعلى الرغم من أن أبناء " بيبرس" و" قلاوون" قد توارثوا الحكم ، إلا أن الجوالعام كان كثيراً ما يضع على العرش الأمير الأقوى بين أقرانه والأكثر شجاعة ومالاً و مماليكاً .  

أهم الشروط التي تجعل هذا الأمير يبرز بين أقرانه :
1- كثرة عدد مماليكه،حتى أن بعض الأمراء ملك في وقت من الأوقات أكثر من سبعة آلاف مملوكاً.
2-عدم كفاءة ولي العهد لصغر سنه أو لوجود الأتابك مدبر شؤون الدولة .
3- لجوء بعض الأمراء إلى المؤامرات و الفتن والعنف للوصول إلى العرش .
4- عدم احترام المماليك لمبدأ وراثة العرش و ولاية العهد.
5- لجوء السلطان الحاكم إلى نفي أبناء السلاطين السابقين أوإلى قتل الأمراء المنافسين له، أوسجنهم أو إجبارهم على الإقامة في " قلعة الجبل"  .
6- توزيع المناصب و الإقطاعات على المماليك لإستمالتهم إلى جانبه . 

وكل هذا كان يرافقه قيام فتن واضطرا بات و انعدام الأمن في القاهرة و الولايات الأخرى ، وكثيراً  ما كانت تؤدي هذه الأعمال إلى تدهورٍ في الحياة الاقتصادية وانتشار الخراب ، وقد تتدخل العامة في هذه الفتن لتثبيت سلطان و عزل آخر كما حدث في عهد الناصر "محمد بن قلاوون" .

 - مهام السلطان و ألقابه في الدولة المملوكية:

السلطان:  يقف السلطان على رأس الهرم الإداري من النواحي السياسية و الإدارية و العسكرية ، ويعتبر صاحب أعلى سلطة ومن مهامه :
1-   توزيع الإقطاعات على الأمراء كلاً حسب قربه من السلطان .
2-   تعيين كبار موظفي الدولة وله الحق في عزلهم متى أراد و لأي سبب كان .
3-   تولي القضاء و النظر على ديوان المظالم .

وكان السلطان يحيط نفسه بمجموعة من الألقاب مثل"سلطان الإسلام والمسلمين"، و"قسيم أمير المؤمنين "، و " سلطان البرين والبحرين " ، و" خادم الحرمين الشريفين" ، و" حامي الحرمين الشريفين " . 

- البلاط السلطاني و أشهر الموظفين فيه: 

و كان بلاط السلطان ينم عن بذخ وأبهة ، وكان في الوقت نفسه يشتمل على عدد كبيرمن الحاشية
والموظفين والخدم و العبيد و الجواري، وكان موقع القصر عموماً داخل " قلعة الجبل" في القاهرة والمسمى حالياً " جبل المقطم".
 أما أشهر موظفي البلاط  فهم :  

1-الاستادار: هو الذي يتولى قبض المال المخصص للبلاد أو القصر و يشرف على شؤون البيوتات السلطانية:
2- شرابخانه = (شراب خانه) : مسؤول عن خزان يحوي أشربة السلطان كلها .
3- زرد خان : مسؤول عن أسلحة السلطان ودروعه ولباسه الحربي .
4- حوائج خان = (حوائجخان) : مسؤول عن احتياجات السلطان .
5-الخازندار = ( خزنه دار): الخازن المشرف على خزائن السلطان من نقد وغير النقد  وكذلك ضبط الوارد والمنصرف وكان مكلفاً أيضاً بحمل كيس الصدقة عند ركوب السلطان في المواكب.
6-المهمندار=(المهمن دار): مهمن : الضيف ، دار : صاحب الضيف " الضائف" ، وهو المكلف بخدمة ضيوف السلطان و السهر على راحتهم و استقبال الوفود و الرسل و إنزالهم كلاً حسب مكانته ، وعليه تأمين ما يحتاجون إليه .
7- الجاشنكير = ( جاشنكير): مهمته الإشراف على طعام و شراب السلطان قبل تقديمه وذلك خوفاً من أن يدس له السم ، ويشرف على إعداد الأطعمة و الأسمطة مع " استادار الصحبة " . 
8- استادارالصحبة:هو المسؤول المالي الذي يصاحب السلطان ويرأس الحوائج خاناه- وهي إحدى البيوتات السلطانية- ويشرف أيضاً على المطبخ السلطاني ، ويتولى كل ما يتعلق بطعام السلطان الخاص وله الأمر و النهي في ذلك ، ويسير أمام حملّة أطباق الطعام حتى توضع على المائدة ، وهو المسؤول أيضاً عن العقاقير و الأدوية ، وما يأمر به أطباء السلطان .
9- الزمام دار ( الزنان دار): يشرف على نساء القصر ، ويهتم بشؤون الحريم ، وهو رئيس الخدم و الخصيان .
10- البندقدار : مركبة منن كلمتين فارستين : بندق مفردها بندقية ، دار معناها ممسك ، فيكون البندقدار : حامل البندقية ، وهو الذي يحمل جرار البندق خلف السلطان عند خروجه للصيد .
11- أمير آخور : مكونة من كلمتين : أمير و آخور : إسطبل .مهمته الإشراف على الإسطبلات السلطانية أو الحيوانات و أعلافها و مراعيها  وكان وظيفته من الوظائف الكبرى في الدولة المملوكية بسبب اهتمامهم بالفروسية بشكل كبير .
12- خوان سلار :هو المسؤول على إعداد الموائد السلطانية والإشراف على ترتيبها ، ويشرف على تقديم الطعام و تقطيع اللحم و تقديم الشراب بعد الطعام .
يساعده مجموعة من أصحاب المناصب و على رأسهم المرقدار.
13- البازدار : وهو المسؤول عن طيور الصيد المخصصة للسلطان وخاصة " الباز"
14- البشمق دار( الشمقدار) : وهو حامل نعال السلطان .
15- الجاندار : وهو المسؤول عن حراس السلطان ودخول الأمراء على السلطان وكان يتقدمهم .
16-الجمقدار( الجمدار) : حامل دبوس السلطان و كان يرافقه في المواكب والاحتفالات و يتجه بنظره صوب السلطان . 

- الموظفين الإداريين في دولة المماليك : 

1- نائب السلطنة : هو وكيل السلطان وساعده الأيمن في تصريف شؤون الدولة ، وهوفي الحقيقة سلطان مختصرأوالسلطان الثاني ، ويشترك مع السلطان في إصدار القرارات ، و يعينه في منح المناصب و توزيع الإقطاعات
و يوقع المراسيم و المنشورات و يطلق عليه أيضاً كافل السلطان .
نيابة السلطنة على نوعين : 1- نيابة الحضرة   2- نيابة الغيبة . 

2- الأتابك :
هو قائد الجيش ويطلق عليه قائد العسكر أو مقدم العسكر وكثيراً ما أغتصب الأتابكة العرش و أصبحوا سلاطين .

3- الوزير :
مهمته تنفيذ قرارات السلطان ، أو نائب السلطنة ويشرف على الشؤون المالية للدولة بالاشتراك مع ناظر الدولة .
وكان يتولى منصب الوزارة اثنان :
الأول : يسمى وزير صحبة وكان يعين من أرباب القلم .
الثاني : يطلق عليه اسم وزير فقط ، و يكون من العسكر أو أصحاب السيوف و يحضر مع السلطان في مجالسه و يساعده في تصريف شؤون الحكم ، بينما الوزير الأول يرافق السلطان ويعمل على تنفيذ كافة ما يأمر به السلطان . 

4- الولاة :
يتم اختيارهم من الأمراء( مقدمو الألوف) وأكثرهم شأناً والي القاهرة ثم يليه نائب دمشق فنائب حلب فنائب طرابلس وتكون مهمة الوالي الإشراف على العاصمة وصيناتها وحمايتها من المعتدين واللصوص  وهو المعني بمراقبة الأبواب . 
  
- الدواوين :
وهي مقرات و إدارات لتسيير أمور الدولة منها :
1- ديوان الجيش :
كان من أهم الدواوين لأن دولة المماليك قامت على العنصر العسكري ، وكان هذا الديوان يضم سجلات أربعة أنواع من المماليك :
أ – المماليك السلطانية ( الجلبان) : هم المماليك الذين يجلبهم السلطان الحاكم .
ب- المماليك القراصنة ( القرانصة) : ويطلق عليهم اسم أجناد الحلقة وهم مماليك السلاطين السابقين .
ج- فرقة مماليك الأمراء : وهم من مشتريات الأمراء الحاكمين .
د- فرقة أبناء الناس : وهم أبناء الأمراء المماليك أو أبناء المماليك بشكل عام .
مهمة الديوان الإشراف على فرق المماليك و تسجيل إقطاعاتهم ومساحاتها في سجلات خاصة .
ويرأس هذا الديوان " ناظر الجيش" ومن مهامه الإشراف على الإقطاعات و سجلاتها ، ويساعده شخص آخر يطلق عليه اسم " صاحب الديوان" وهو نائب " ناظر الجيش" . 

ومن الشخصيات المهمة في هذا الديوان " مستوفي الجيش" وهو المسؤول عن مرتبات الجند وكذلك
" نقيب الجيش" الذي كانت مهمته حماية السلطان أثناء سفره وفي المواكب وغيرهم من أصحاب المناصب. 

2- ديوان الإنشاء :
و يشرف عليه كاتم السر ، ومهمته إنشاء المراسلات السلطانية ، وتحرير كل ما يخرج عن مشيئة السلطان من عهود ( هو كل ما يتعلق بولاية العهد) و التقاليد و المناشير ( وهي وثيقة تعطى لصاحب الإقطاع )( صكوك الإقطاعات)  .
3- ديوان الأحباس ( الأوقاف) :
يشرف صاحبه على المنشآت الدينية( المساجد والجوامع و الأربطة و الزوايا والعقارات)  ، ويرعى المؤسسات الخيرية ، ويهتم بكافة أوقافها ، ويعمل على الإحسان للفقراء و المحتاجين وطلبة العلم .
4- ديوان النظر :
يشرف صاحبه على حسابات الدولة قبضاً وصرفاً يطلق عليه اسم " ناظر المال" أو( ناظر النظارة) أو (الصاحب الشريف) أو(ناظر الدواوين) ويساعد الوزير في تصريف أمور الدولة من الناحية المالية .
5- ديوان الخاص :
يهتم بكل ما يتعلق بالسلطان من أموال و بيوتات و خزائن ويسمى صاحب هذا الديوان " ناظر الخاص" ويساعده " مستوف الخاص" و أنشأه السلطان " الناصر محمد بن قلاوون" . 

- القضاء و المظالم : 

كان في عهد الأيوبيين الرئاسة لقاضي القضاة الشافعية ، وفي عهد السلطان " الظاهر بيبرس" أصبح من يحمل لقب قاضي القضاة ثلاثة هم : قاضي القضاة الشافعي ، قاضي قضاة الأحناف ، وقاضي قضاة المالكية .
في حين بقي قاضي القضاة الشافعية في المرتبة الأولى . 

أما الجيش فكان له قاض كان يعرف بلقب " قاضي العسكر " مهمته فض النزاعات بين الجند أو بين الجند وعامة الناس . 

وكان قاضي العسكر يحضر مع القضاة في دار العدل ، وكانوا أيضاً ثلاثة ، ويكنون في العادة دون قاضي القضاة ، وقاضي العسكر يرافق السلطان في أسفاره و حروبه .
أما المظالم فكانت بمثابة محكمة استئنافية عالية ، وتختص بالقضايا العالقة بين الحكام و المحكومين . 

ويترأسه السلطان يوميي الاثنين والخميس حيث يجلس السلطان ، في قاعة المظالم في صدر الديوان أو بدار العدل ، وعن يمين السلطان قاضيان هما الشافعي و المالكي ، وعن يساره قاضيان هما الحنفي و الحنبلي ، و يلي القاضي المالكي في الجانب الأيمن قضاة العسكر الثلاثة : الشافعي فالحنفي فالمالكي . 

ثم يليهم مفتي دار العدل  فوكيل بيت المال ثم ناظر الحسبة ، ومن الجانب الأيسر يجلس بعد القاضي الحنبلي الوزير ثم كاتب السر وهكذا تستدير الحلقة و يقف وراء السلطان المماليك السلاحدارية و الجمدارية .  

وخلف هذه الحلقة المحيطة بالسلطان يقف الحجاب و الدوادارية ، لعرض أوراق القضايا المطلوب النظر فيها ، حيث يصدر الحكم وسط هيبة لا يستطيع الحاكم أياً كان أن يزور الحقيقة و بالتالي كان المحكوم يستطيع أن يحصل على حقه . 

- وظيفة الحسبة :  
لقد كانت مهمة صاحبها البت في مخالفات التي تتعلق بالآداب العامة و نظام الأسواق و مراعاة الأمانة في المعاملات التجارية و آداب الطريق و مراقبة المكاييل و الأوزان و التفتيش على النظافة في المحلات و الشوارع ، و التفتيش على نظافة الأطعمة أو المأكولات .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فن العمارة الإسلامية في العصر الأيوبي في مصر وبلاد الشام

العمارة الأيوبية في مصر وبلاد الشام اعتنى الأيوبيون ببناء المساجد والمدارس و الخانقاهات ، كما اهتموا ببناء القلاع و تحصين المدن بالأسوار و الأبراج الدفاعية ، بسبب حالة الحرب بينهم وبين الصليبين ، ويمكننا اعتبار فن التحصين في العمارة الأيوبية نهاية مراحل التطور في هذا المجال إذ لم يظهر أي تجديد ملحوظ في العهود اللاحقة ، فالمنشآت الأيوبية العسكرية نموذج لأرقى ما وصل إليه هذا الفن على المستوى العالمي ، وليس على نطاق الحضارة الإسلامية   فقط ، يمكننا أن نوجز أهم خصائص العمارة الأيوبية في ما يلي : 1-    التقشف وعدم الإسراف في الزخرفة ، بسبب الحرب مع الصليبين 0 2-    القوة وإتقان التخطيط والبناء ، ودقة النسب ، مع ضخامة المنشآت بالنسبة للعصور السابقة 0 3-    الاعتماد على الحجر المنحوت بأبعاد كبيرة كمادة أساسية في الواجهات و الأعمدة وتيجانها ، وأحياناً في القباب والأقبية 0 4-    ظهورالأروقة بالإضافة إلى الأواوين في المدارس وخاصة في حلب ، وهذا تطور جديد لم يستعمل من قبل . 5-    اعتماد التسقيف على القباب لدر...

فن العمارة الإسلامية في العصر المملوكي والعثماني

العمارة في العصر المملوكي والعثماني أولاً – العمارة في العصر المملوكي : ظهرت في هذا العصر في القاهرة منشأت معمارية ضخمة ، هي أشبه بالمجمعات التي تمتاز بمساحتها الكبيرة وارتفاعاتها الشاهقة ، وتتألف غالباً من مدرسة وتربة وبيمارستان ، وتضم أحياناً سبيلاً وكتاباً أيضا ، ونذكر منها على سبيل المثال :  مجموعة السلطان قلاوون ،  مدرسة وخانقاه الأشرف برسباي ،  مدرسة ومسجد قايتباي ،    بينما لم   تشيد في بلاد الشام أبنية ضخمة ، بل كانت منشأت هذا العصر ، أصغر من منشأت العصور السابقة ، وسنقصر حديثنا على منشأت العصر المملوكي في بلاد الشام  تميزت منشأت هذا العصر في بلاد الشام بما يلي : 1- استمر الشكل التقليدي للمسجد : صحن جنوبيه القبلية وتحيط به أروقة من الشرق والغرب والشمال في معظم المساجد التي أنشئت في حلب وكذلك المدارس ، إذ صارت المدارس تستعمل كمساجد أيضا في هذا العصر ، أما في دمشق فقد ألغي الصحن في بعض المساجد والمدارس وسقفت في بعضها الآخر . 2- تفتح أبواب المنشآت ضمن إيوان سقفه في معظمها نصف ...

تاريخ أوربا في العصور الوسطى المحاضرة الأولى

تاريخ أوربة في العصور الوسطى المحاضرة الأولى          - يطلق اصطلاح العصور الوسطى على الفترة الزمنية التي تمتد من القرن الرابع الميلادي إلى القرن السادس عشر الميلادي . واختلف المؤرخين حول تحديد بداية العصورالوسطى ونهايتها، فبعضهم يرى أن بداية العصورالوسطى (سنة 476 م) وهو تاريخ سقوط "روما" بأيدي "البرابرة الجرمان" والبعض من يعتبر العصورالوسطى ( سنة 330 م ) وهو تاريخ بناء مدينة " القسطنطينية" ، والبعض أيضاً يعتبر ( سنة 395 م ) بداية العصورالوسطى وفي هذا التاريخ انقسمت فيه الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين شرقي وغربي ، والبعض الآخر من يحدد بداية العصور الوسطى مع انتشار " المسيحية" ، والبعض الآخر يعتبر فترة "الغارات البربرية" و تشكل " الممالك الجرمانية " هو بداية العصور الوسطى . أما نهاية العصور الوسطى فيحددها البعض بـ( سنة 1453 م ) وهو تاريخ سقوط بيزنطة بأيدي الأتراك العثمانيين . وأيضاً يحدد البعض نهاية العصور الوسطى ب( سنة 1492 م ) تاريخ اكتشاف"أمريكا" ، والبعض من يحدد نهاية العصور الوسطى في ...