المحاضرة الثامنة
الحياة الاجتماعية
- المجتمع المصري والشامي في عصر سلاطين المماليك :
كان المماليك
يشكلون الطبقة العسكرية الحاكمة ، ولم يكونوا من جنس واحد بل كان منهم
الأتراك الجراكسة والمغول والصينيين والإسبان والألمان وقد شجع السلاطين
والأمراء على اقتناء أعداد كبيرة من الرقيق الأبيض ليكونوا لهم سنداً
وجاهاً ، وكان المملوك ينسب إلى سيده أو للتاجر الذي جلبه من بلاده ، أما
إذا نسب إلى سيده فيعبر عن ذلك باستاذ .
وقد اعتنى
السلاطين و الأمراء عناية فائقة في تربية المماليك ، فبداية يرسل المملوك
ليتم التأكد من سلامته البدنية ثم يوضع في طباق خاص ( مكان مخصص لتجمع
المماليك) فيوضع في طباق يضم أهل جنسه ، حيث يتعلم القرآن و اللغة العربية و
الخط و أحكام الدين ، و حين يصل إلى سن البلوغ يتعلم الفروسية ثم ينتقل
إلى الخدمة فيتدرج في المناصب إلى أن يصبح أميراً أو سلطاناً .
وقد بقيت طبقت المماليك معزولة عن السكان المحليين سواء في مصر أو في بلاد الشام ، بحكم تزاوج المماليك من مملوكات مجلوبات .
ويلي هذه الطبقة طبقة المعممين( أهل الأقلام ) هذه الطبقة كانت تشغل الوظائف الديوانية ومنها كان العلماء و الفقهاء و المفتين و القضاة و تكون في العادة من سكان مصر و بلاد الشام .
ويلي هذه الطبقة طبقة المعممين( أهل الأقلام ) هذه الطبقة كانت تشغل الوظائف الديوانية ومنها كان العلماء و الفقهاء و المفتين و القضاة و تكون في العادة من سكان مصر و بلاد الشام .
ثم يلي هذه
الطبقة طبقة التجار، والتجار عموماً كانوا مقربين من السلاطين وكان التجار
في هذا العصر من كبار أهل الثروات و ذلك لنشاط حركة التجارة الدولية بين
الشرق و الغرب و الشمال و الجنوب .
أضف إلى ذلك
المكانة الاستراتيجية التي كانت تتمتع بها مصر وبلاد الشام وكان السلاطين
كثيراً ما يعتمدون على التجار في أيام الأزمات أو يعملون على مصادرة أملاك
التجار لأتفه الأسباب .
ويلي هذه الطبقة طبقة العوام التي تشتمل على العمال و الحرفيين والباعة والسوقة والسقائين والمكاريين
وكان أفراد هذه الطبقة يعيشون في الغالب في ضيق وعسر .
السقائين : يجلبون الماء إلى البيوت على الحمير مقابل نقد محدد .
المكاري : الحّمال أو البّغال .
وفي أخر السلم
الاجتماعي يأتي الفلاحون وهم أكثرية ، وكانوا يعانون الكثير من الإجحاف و
الظلم ، وكانت تدفع الضرائب والغرامات الكبيرة ، أضف إلى ذلك أن الفلاحين
عموماً كانوا يتعرضون لاعتداءات العربان و يجبرون أحياناً على دفع الإتاوات
.
وكان مجتمع بلاد
الشام يختلف إلى حد ما عن مجتمع مصر ، وذلك لأن الناس في بلاد الشام قاموا
بعدة ثورات ضد المماليك للحد من عسفهم وجورهم وكان سكان بلاد الشام
ينقسمون عموماً إلى سكان قرى ومدن وبدو .
كان الحضر
يعملون في الزراعة و التجارة و الصناعة في حين كان البدو يعيشون على أطراف
المدن وبادية الشام و يمتهنون الرعي و كان ولائهم كثيراً ما يتأرجح بين
المماليك وذلك حسب قوة المملوك و ضعفه .
كان المجتمع في
مصر وبلاد الشام يدين في غالبيته بالإسلام و يتمذهب معظم سكان بلاد الشام و
مصر بالمذاهب الأربعة ( الشافعي – الحنفي – المالكي – الحنبلي ) .
كانت معظم العادات و التقاليد تستند إلى الشريعة إلى حد ما ، إذ كان الناس عموماً يهتمون بالأعياد الدينية و غيرها من الأعياد .
كانت معظم العادات و التقاليد تستند إلى الشريعة إلى حد ما ، إذ كان الناس عموماً يهتمون بالأعياد الدينية و غيرها من الأعياد .
كان المماليك يهتمون بالأعياد الدينية و المدنية ( غير الدينية ) .
كان على رأس هذه الأعياد عدا عيديّ الفطر و الأضحى :
كان على رأس هذه الأعياد عدا عيديّ الفطر و الأضحى :
1- عيد رأس السنة الهجرية :
حيث كان الخليفة
يخرج مع القضاة الأربعة إلى قلعة الجبل ليهنئوا السلطان بهذه المناسبة ،
فيوزع السلطان أرزاقاً ومنحاً لأرباب الرواتب .
2- يوم عاشوراء :
من بقايا العصر
الفاطمي ويعمل فيه الناس عموماً على التوسعة للأهل و الأقارب و المساكين
وكان في هذا اليوم يدفع الناس من وجبت عليه الزكاة وكانوا يأكلون الأطعمة
الخاصة بهذه المناسبة و يذهبون إلى أماكن خاصة أيضاً .
3- عيد المولد النبوي الشريف :
وهو من الأعياد
المهمة التي يشارك في إحيائها كل المسلمين في كافة المناطق ، وفي ليلة
العيد يقيم السلطان في الحوش السلطاني " بقلعة الجبل" خيمة كبيرة كانت تسمى
خيمة المولد حيث كان يوضع على مداخلها أحواض فيها ماء محلّى بالسكر .
وكان الاحتفال
بالعيد يبدأ الظهر و ينتهي عند الثلث الأول من الليل ، وكان السلطان يجلس
في صدر الخيمة وعن يمينه شيخ الإسلام وعن يساره القضاة الأربعة و شيوخ
العلم و الأمراء ، ويبدأ الاحتفال بتلاوة شيء من القرآن ثم يليه الوعظ ثم
الإنشاد ثم يليها الصلاة ،
وكلما قرأ أو وعظ أو أنشد شخص أو جماعة ينعم
السلطان عليهم .
ثم تمد الأسمطة فيأكل الناس ، وفي صباح اليوم التالي يوزع السلطان كميات كبيرة من القمح على الزوايا و التكايا و الربط .
4- عيد دوران المحمل :
ويتم في النصف
الأخير من شهر رجب (الفرد) في الدورة الأولى ، وفي شهر شوال في الدورة
الثانية ويعني بذلك أن الطريق إلى الحجاز آمن ليتأهب الناس للحج ، فتزين
الحوانيت و الطرقات و يضاء ليل القاهرة و يسهر الناس طوال الليل ثم تحمل
كسوة البيت(الكعبة) ،
هذه الكسوة المصنوعة من الحرير الخالص المطرزة بخيوط
الذهب والفضة على جمل في موكب يضم الوزير والقضاة الأربعة والمحتسب وناظر
الكسوة إلى أن يصل الموكب إلى قلعة الجبل ، فيلعب المماليك برماحهم و
سيوفهم ليتأهب المحمل مع جماعات كثيرة من الحجاج للذهاب إلى الحجاز ،
والأمر ذاته يتمّ في شوال ، فمن يذهب مع المحمل الأول من الحجاج يسمى
بالحاج الرجبي ، ومن يذهب مع المحمل الثاني يسمى بالحاج الشوالي .
الحياة العلمية
عني " صلاح
الدين" وخلفائه من بعده بالعلم و العلماء عناية فائقة وأنشأوا المدارس ودور
الحديث في كبريات مدن مصر وبلاد الشام ( القاهرة – الاسكندرية – حلب –
دمشق ) مما جعل هذه المدن محط أنظار علماء المسلمين في مشارق الأرض
ومغاربها ، ثم تلا الأيوبيين المماليك الذين ساروا على الخط ذاته بل زادوا
في بناء المدارس و اعتنوا أيضاً بالعلم ورجال الدين ، مما جعل القاهرة بعد
فترة وجيزة حاضرة العالم الإسلامي بعد سقوط بغداد على يد المغول .
كما أصبحت مصر وبلاد الشام محط أنظار العلماء الفارين من المغول في شرقي العالم الإسلامي ، وبهذا الصدد يقول " ابن خلدون" : "…… و اختص العالم بالأمصار الموفورة الحضارة ، ولا أوفر اليوم في الحضارة من مصر ، فهي أم العالم و إيوان الإسلام و ينبوع العلم و الصنائع " .
حيث يشير صراحة إلى القاهرة التي غدت محط أنظار العالم الإسلامي وخاصة علماؤنا
فقد أتاها الغاربة و الأندلسيون بعد أن أحكم الصليبيون الحصار على "إسبانيا " .
- المدارس و المكتبات :
حفلت مصر و بلاد
الشام بكثير من المدارس و دور العلم فضلاً عن المكتبات العامة و الخاصة ،
إذ يروي " المقريزي" في أحداث ( سنة 681 هـ) أن سوق الوراقين احترق بدمشق ،
فاحترق لواحد من أصحاب الكتب ( 15 ) ألف من الكتب عدا الكراريس .
وكان السلطان إذا ما بنى جامعاً أو مدرسة ألحق بها مكتبة تحتوي على أعداد لا بأس بها من الكّتب .
وكان السلطان إذا ما بنى جامعاً أو مدرسة ألحق بها مكتبة تحتوي على أعداد لا بأس بها من الكّتب .
كان يوكل على المكتبة شخص يعرف بخازن الكتّب .
كان الطلبة يأمون المدارس دون أن يتكلفوا شيئاً لأن السلاطين و الحكام كانوا يتكفلون بها فضلاً عن أوقافها .
وفقد كانت تجري في بعض المدارس الرواتب على مدرسي بعض المدارس و طلبتها .
وكان في كل مدرسة أستاذ يكون أحد علماء عصره أو الأبرز المقيم في هذه المدينة أو تلك
ويساعد الأستاذ شخص يسمى " المدرس" ويكون أدنى منه مرتبة ، و يساعد المدرس " المعيد" ومهمة المعيد أن يعيد ما أعطاه الأستاذ لطلبته .
كان الأستاذ أو المدرس يجلس على كرسي مرتفع و يتحلق حوله الطلبة حلقة بعد حلقة
كان الأستاذ أو المدرس يجلس على كرسي مرتفع و يتحلق حوله الطلبة حلقة بعد حلقة
لا يدخل هذه المدارس إلا من أتقن القراءة و الكتاّبة وحفظ جزءً من القرآن و أجاد النحو و الصرف و الحساب لأن هذه المدارس كانت بمثابة معاهد عليا في عصرنا الحالي .
وكان يتم تعيين أستاذ للمدرسة بتوقيع سلطاني ، كما كان للطالب حرية الاختيار لما يدرس .
وكانت العادة أن
يتتلمذ الطالب على يد أحد العلماء ثم يحصل منه على إجازة وبعد حصوله على
إجازة ينتقل إلى تعلم علمٍ آخر ليحصل على إجازة أخرى .
وقد لعبت
الكتاتيب دوراً أساسياً لتأهيل الطلبة للمدارس العادية ، وقد اشترط على
المؤدب ومعلم الكتّاب أن يكون خيّراً دينياً أمنياً على الأطفال خلوقاً
متزوجاً صالحاً .
ويساعد المؤدب شخص من الطلبة كان يعرف باسم " العريف"
وفي هذه
الكتاتيب كان الأطفال يتعلمون القراءة و الكتابة و القرآن و الحديث و
الحساب و قواعد اللغة العربية و الشعر ، وحين يتخرج الطفل من الكتّاب يحتفى
به احتفاء كبيراً .
ولقد كثرت
المدارس في مصر و بلاد الشام إلى حد ما وضع فيه بعض العلماء كتباً كاملة
بأسماء المدارس و مدرسيها على مرّ الأزمنة ، وطلبتها المتميزين مثل " كتاب
الدارس في تاريخ المدارس" لـ " النعيمي" حيث ذكر مجموعة كبيرة من المدارس
في هذا الكتاب .
وكذلك ذكرّ " المقريزي" أسماء مجموعة كبيرة من المدارس في كتابه " الخطط المقريزية" معرفاً بمدارس القاهرة .
وقد تعددت المدارس منها :
1- مدرسة جامع عمرو بن العاص : وهي أقدم مدارس القاهرة .
2- مدرسة جامع ابن طولون .
3- مدرسة الجامع الأزهر .
4- المدرسة الفاضلية .
5- مدرسة دار الحديث الكاملية .
6- المدرسة الصالحية : المنسوبة لـ " الصالح نجم الدين أيوب" .
7- المدرسة الظاهرية : المنسوبة لـ " الظاهر بيبرس" .
8- المدرسة العزية :
9- المدرسة المنصورية : المنسوبة لـ " المنصور قلاوون" .
10-المدرسة الشيخونية :
11-مدرسة السلطان حسن في القلعة :
كما ذكر سابقاً
فقد ألحقت بكل مدرسة مكتبة ، وهذا ما جعل حركة التأليف وتجميع الكتب و
تنظيم المكتبات من مزايا العصر ، وذلك لأن المكتبات توزعت بكثرة في المدارس
و المساجد و الخانقاوات
والزوايا ، وكان الناس يرجعون إليها من حين لآخر في أماكن تواجدها مع تحريم إعارة الكتب إعارة خارجية إلا في حالات نادرة وخاصة جداً .
والزوايا ، وكان الناس يرجعون إليها من حين لآخر في أماكن تواجدها مع تحريم إعارة الكتب إعارة خارجية إلا في حالات نادرة وخاصة جداً .
تعليقات
إرسال تعليق